مع نهاية كل موسم، تسارع الفرق السعودية للتخطيط للموسم الجديد من خلال رصد الأسماء الجديدة التي يمكن التعاقد معها وتحديد هوية الجهاز الفني إن قررت الاستغناء عن الطاقم السابق، بجانب تحديد مكان وموعد معسكر الفريق استعداداً للاستحقاقات سواء كانت محلية أو خارجية، ويبقى أمر تحديد مكان إقامة التجمعات الإعدادية مثار نقاش بين مسؤولي الفرق وأجهزتها الفنية بسبب تنوع الخيارات، إذ تتفاوت إمكانية تحقيق النتائج المرجوة من هذه المعسكرات بحسب مكان ووقت المعسكر. "الرياض" تفتح ملف المعسكرات الخارجية للفرق والجدوى من إقامتها في ظل تكلفتها العالية ومقارنتها بالعوائد الفنية واللياقة على أطراف المنافسة في البطولات السعودية. يقول المدرب السعودي سمير هلال: "المعسكرات تحتاج إلى أن يتدرب الفريق فترتين أو ثلاثا في اليوم، والاجواء في المملكة في الصيف لا تساعد على ذلك، فترة الإعداد مجهدة وهي الأهم والأقوى في الموسم، ولا بد أن يكون المعسكر مجهزاً بشكل جيد حتى يحقق الفائدة المنتظرة منه، فالأجواء مهمة وكذلك المباريات الودية، الوديات يتدرج فيها المدربون، فأول لقاء أشبه بالمناورة باللعب مع فريق أقل من متوسط بسبب عدم جاهزية الفريق، فالتدرج مهم لأن الفريق لا يصبح جاهزا لخوض مباراة قوية إلا في اخر ايام المعسكر". وحول تأخر الأندية في جلب اللاعبين الأجانب وتأخرهم عن المعسكر قال: "هذا التأخير بدون شك يؤثر على نجاح المعسكر وإعداد الفريق للموسم الجديد، خصوصاً وأنهم يمثلون الثقل الأكبر، بالتحديد إن كان المدرب لا يعرف اللاعبين ولم يدربهم مسبقاً، هذا الأمر سيسبب صعوبة كبيرة، امام بدء المعسكر بدون المدرب فإن كان المساعد مؤهلا ويعرف الفريق جيداً بإمكانه أن يطبق برنامج المدرب حتى التحاقه، في الاتفاق سافرت مع الفريق واشرفت عليه عندما تعاقد مع المدرب الكرواتي بلانكو حتى وصل الأخير للمعسكر، مثل هذه الأمور تحدث في نطاق محدود". العمري: هناك أندية تستعد بلا مدربين.. والأجانب لا يحضرون وعن الدورات والبطولات الودية قال: "كمدرب أفضل البطولة الودية عن المباريات، لأنه في المعسكر قد لا تحصل على ما خططت له من مباريات، وتضطر للعب مع فرق أقل مما خططت له، بعكس اللعب في البطولة لأنك تلعب مباريات تنافسية، صحيح أنها ودية في النهاية لكنها ذات طابع تنافسي، وشاهدنا ذلك في دورة تبوك الودية، كان فيها أندية أعادت للأذهان بطولة الصداقة في ابها، أتمنى أن نرى مثل هذه الدورات في المملكة، لكن بحاجة إلى تهيئة البنية التحتية، من فنادق وملاعب للتدريب والمباريات وصالات للحديد وغيرها، ومن الضروري أيضاً أن تكون على هيئة منتجعات رياضية وهذا دور الشركات، معظم المعسكرات الخارجية يحرص فيها المدربون على أن يكون السكن بالقرب من الملعب وأن يذهب له اللاعبون على اقدامهم، حتى لا يجهد الفريق بالتنقلات خصوصاً إن كان اليوم مقسما على فترتين، نحن بحاجة إلى مدن رياضية مماثلة للموجودة في الخارج وبأسعار منافسة، مثل تركيا استطاعوا التسويق لأنفسهم ووفروا للأندية ما يحتاجون إليه، وعالجوا السلبيات، وأصبحت تركيا وجهة للأندية السعودية وغيرها". البحث عن الأجواء المناسب ويذهب مدير المنتخب السعودي "ب" وقائد الرائد السابق فارس العمري إلى أن الاستفادة من المعسكرات الخارجية مرتبطة بعوامل عدة، أبرزها اكتمال جميع العناصر وتوفر المباريات التجريبية القوية ويقول: "من خلال تجربة طويلة في المعسكرات سواء حين كنت لاعباً أو مديراً للكرة، فإن المعسكرات الإعدادية مهمة جداً، الأندية تضطر للسفر خارج المملكة صيفاً بحثاً عن الإعداد بشكل مميز لموسم طويل وشاق فيه العديد من المشاركات والبطولات، لكن المشكلة تكمن أن بعض الأندية تسافر غالباً وهي في فترة التعاقدات، فتجد أن الفريق يبدأ برنامجه وهناك أسماء مهمة وأساسية لم تنضم أو يتم التوقيع معها بعد نهاية المعسكر وهذا يتسبب بفروقات على مستوى التناغم والانسجام وفي بعض الأحيان على الصعيد اللياقي، ونشاهد أن بعض الفرق تضطر لبدء التجمعات الإعدادية الخارجية وهي لم تتعاقد مع مدرب بسبب ظروف معينة إما لعدم الاتفاق مع مدرب أو لوجود مشكلة طارئة، وهذا حدث في حالات محدودة ولكنه أمر غريب". وتابع: "لا بد أن تكون الأندية أكملت تعاقداتها على الأقل بنسبة 80 بالمئة ومن ثم بعد العودة من المعسكر تتكشف بعض الاحتياجات التي يمكن تلبيتها باستعارة بعض الأسماء أو التعاقد معها، فمثلاً فرق الوسط والمؤخرة في الدوري تتعاقد مع الكثير من لاعبي فرق المقدمة الذين استغنت عنهم فرقهم بعد نهاية معسكراتها ويأتون جاهزين من الناحية اللياقية وينقصهم فقط الدخول مع المجموعة والانسجام معها وهذا من الممكن قبوله خصوصاً إذا كان هناك احتياج لعنصر أو اثنين في مراكز معينة، وأحياناً نجد أن هذه الفرق تذهب لتقيم معسكراً لثلاثة أسابيع ولا تكتمل الصفوف إلا في الأسبوع الأخير وهذا يقلل من قيمة المعسكر والفائدة الفنية منه ويصبح تقريباً بلا فائدة، كما أن وجود العناصر الأجنبية كافة في المعسكر هو أمر ضروري كونها هي الأسماء التي تراهن عليها الفرق السعودية حين يبدأ الموسم، وللأسف لا يكتمل عقد اللاعبين الأجانب إلا في نهاية المعسكر أو بعد العودة إلى أرض الوطن وهذا خطأ كبير، لكن في المقابل تواجه إدارات الأندية صعوبات كبيرة في إكمال عقد اللاعبين الأجانب في فترة ضيقة وهذا يتطلب العمل الجاد باكراً وقبل نهاية الموسم السابق لتحديد الأسماء الباقية والتي سيتم جلبها". وعن أفضل الأماكن التي يمكن أن تقام فيها المعسكرات يقول العمري: "أصبحت معظم الأندية السعودية تميل لإقامة معسكراتها في تركيا لأسباب عدة، أهمها أن السفر إلى هناك لا يتطلب تأشيرة دخول وبالتالي فإن جميع اللاعبين المحليين من السهل وصولهم إلى هناك حتى لو تمت تعاقدات محلية أثناء إقامة المعسكر فيمكنهم الالتحاق بالفريق، وكذلك الأجواء الجيدة، ووجود الإمكانات والتجهيزات وقرب المسافة بين المملكة وتركياً وتوفر رحلات الطيران، وأحيانا الجهاز الفني يأتي مباشرة إلى تركيا بسهولة بعد أن يتم إعداد الفريق في المملكة لفترة قصيرة، لكن يبقى الجانب السلبي متمثلاً بصعوبة توفير مباريات تجريبية قوية، إذ أن معظم الفرق في تركيا وفي أوروبا تكون متوقفة عن اللعب ولا يمكن أن تخوض مباريات قوية إلا أمام الفرق الضعيفة، أو يضطر النادي أن يدفع مبلغاً يصل إلى 40 ألف دولار لتوفير مباريات تجريبية واحدة، فمثلاً يخوض الفريق أربع أو خمس مباريات تجريبية بالكاد تكون واحدة منها قوية، فالمباريات القوية هي التي تكشف نقاط قوة الفريق وضعفه ومستويات عناصره وقدرتها كمجموعة على المنافسة في البطولات المحلية، وبالإضافة إلى ذلك لا بد من التأكيد على أن مقر إقامة المعسكر يكون مناسباً للجهاز الإداري لضبط الأمور داخل المقر وفي محيطه وفرض الانضباط والالتزام على اللاعبين لتنفيذ برامج التغذية والنوم، وفي بقية دول أوروبا تبقى مشكلة التأشيرات عائقاً في كثير من الأحيان". وتابع: "شاركت في الكثير من المعسكرات محلياً وخارجياً لاعباً وإدارياً، كانت هناك العديد من التجارب الناجحة في أوروبا وكذلك هناك بعض الدول التي من الممكن أن تقام فيها هذه التجمعات مثل تونس، لكن لكل دولة ايجابياتها وسلبياتها، فمثلاً أقمنا في 2010 معسكراً في البرازيل كان الأكثر نجاحاً لأنه كان في أكاديمية نادي كروزيرو وهو مكان مجهز للمعسكرات ومن السهل جداً فرض الانضباط فيه فضلاً عن توفر الملاعب بجميع المقاسات وبمختلف الأرضيات، والسبب الأهم في نجاحه أن موسم كرة القدم في البرازيل حينها كان قد بدأ وبالتالي لعبنا أمام فرق قوية وجاهزة واستفدنا كثيراً وكانت مسألة توفير المباريات القوية سهلة للغاية على العكس من المعسكرات التي أقمناها في تركياً مثلاً بسبب قلة وجود الفرق القوية والجاهزة، لكن المشكلة في إقامة المعسكر هناك تكمن في بعد المسافة، إذ يتطلب التواجد هناك السفر ل15 ساعة طيران، لذلك لكل مكان إيجابياته وسلبياته". احدى الشركات المتعهدة بتنظيم المعسكرات للأندية السعودية كشفت ل "الرياض" بأن الأجواء الصيفية الحارة في المملكة بالإضافة إلى ضعف البنية التحتية من عدم توفر أماكن الإقامة والملاعب وضعف الإمكانات وغلاء الأسعار تدفع الأندية لاختيار المعسكرات الخارجية، وأشارت إلى أن تركيا أصبحت وجهة مناسبة لمعظم الأندية خصوصاً المتوسطة منها لاعتبارات عدة، من بينها سهولة إجراءات الدخول إليها بسبب عدم الحاجة إلى تأشيرة "شنغن" بالإضافة إلى الأجواء المناسبة ونوعية الأكل المناسبة لنا كمسلمين، ووجود فرق كثيرة متاحة لخوض المباريات الودية، وقرب المسافة إذ لا تزيد الرحلة على اربع ساعات جواً، علاوة على ذلك فالقيمة المالية أرخص من اوروبا، إذ لا تتجاوز تكلفة الفرد الواحد ال 100 يورو يومياً تشمل كل ما يحتاجه من سكن ووجبات ثلاث ورسوم تجهيز الملابس وتكلفة التدريبات والمباريات الودية، وتتراوح تكلفة الفرد من 60 إلى 100 يورو، وتحكم هذه التكلفة نوعية المعسكر مثل الفنادق أربع أو خمس نجوم وما إلى ذلك. وكشفت الشركة بأن المعسكر الإعدادي في اوروبا أقل تكلفة منه في الرياض، ففي العاصمة تكلفة الفرد الواحد تتجاوز 200 يورو، بينما في سويسرا مثلاً لا تتجاوز 140 يورو، وهنالك دول سعرها أقل، مثل سولفينيا التي اصحبت وجهة لعدد من الأندية في الأونة الأخيرة بسبب موقعها الإستراتيجي في اوروبا وقلة تكلفتها إذ تتراوح من 80 إلى 120 يورو للفرد الواحد. وحول المباريات الودية كشفت الشركة المتعهدة بالمعسكرات بأنها تحصل على خطة الوديات من قبل إدارة النادي والتي عادة تكون مباريات تدريجية في القوة، وغالباً تكون بدون رسوم للطرف الآخر، فقط هنالك مبالغ تدفع لحكام المباراة وأحياناً إيجار لملعب المباراة، وهي مبالغ بسيطة، أما مبالغ المباريات الودية الكبيرة فتذهب للأندية التي تسافر مسافة طويلة من أجل مواجهتك، واحياناً يصادف وجود أكثر من فريق في منطقة واحدة فتصبح المصلحة متبادلة بينهما، ويتقاسمان التكاليف. سمير هلال فارس العمري