مع بدء الإجازة الصيفية التي تعد أطول إجازة صيفية، يتساءل الكثير كيف يتم احتواء أبنائنا وبناتنا واستثمار أوقات فراغهم فيما ينفعهم ويشغل أوقاتهم وحمايتهم من السلوكيات الخاطئة خلال هذه الإجازة الطويلة التي يتخللها العديد من المناسبات الدينية والاجتماعية والأسرية وغيرها كشهر رمضان وعيد الفطر والحج وعيد الأضحى. شغل أوقات الأبناء والبنات واحدة من أهم القضايا التي تشغل بال الأسر اليوم في ظل تحديات التربية التي تقف كثير من الأسر عاجزة معها عن متابعة أبنائها ووقايتهم من المهددات وما تفرزه من ظواهر خطيرة كالتفحيط والمخدرات والتسكع والمضاربات والتجمعات المشبوهة والانحرافات الفكرية والأخلاقية وغيرها، والدور المهم على مؤسسات المجتمع في أن تتظافر الجهود لردم الفجوة ومساعدة الأسرة في هذه المسؤولية. غياب التخطيط في البداية تحدث د. يحيى العطوي -مدير التوجيه والإرشاد بتعليم تبوك- قائلاً: كثير من الأسر ليس لديها تخطيط لهذه الإجازة بل إن هناك من يعتبر أن مدة الإجازة الطويلة هي عبء إضافي تعانيه الأسر في ظل عدم وجود فعاليات وبرامج يُقبل عليها ويرتضيها شريحة كبيرة من المجتمع لذلك وزارة التعليم تبذل الجهد الكبير في هذا المضمار من خلال برامجها الصيفية المتعددة وإن كان هناك شريحة من أبنائنا الطلاب لا يحبذون العودة خلال الصيف إلى المدارس وإن كان من خلال برامج تدريبية وترفيهية لذلك أعتقد أن هناك مؤسسات أخرى في المجتمع كالجمعيات التطوعية والجامعات لابد أن تقوم بدورها في المجتمع لطرح العديد من البرامج التي تهم هذه الفئة وتواكب رؤية المملكة والتي تعتمد على إعداد جيل متسلح بالمهارات والخبرات لتجعله قادراً على مواجهة كافة التحديات المستقبلية. أندية صيفية ولفت د. عبدالله حارثي -مدير إدارة نشاط الطلاب بمنطقة تبوك- إلى أن أوقات الفراغ تؤثر بشكل أو بآخر على سلوك الفرد ولذلك شرعت وزارة التعليم منذ أعوام على إقامة العديد من الأندية الموسمية وأندية الحي هذه الأندية تقدم الكثير من البرامج والمشروعات والمناقشات التي تنمي لدى الطلاب مواهبهم، هذه الأندية يتجاوز عددها أكثر من (600) نادي حي ونادي موسمي على مستوى مناطق ومحافظات المملكة نصيب تبوك هذا العام (11) نادي حي ونادي موسمي - بنين وبنات - هذه الأندية يتم التنسيق في جميع برامجها وأنشطتها مع إمارات المناطق والمحافظات يقوم عليها عدد كبير من المعلمين والمشرفين من الكفاءات المميزة في الأنشطة والبرامج وقد رصدت لها وزارة التعليم الميزانية التشغيلية والمكافآت للعاملين وقد تم اختيار المدارس التي بها مرافق مثل الملعب المزروع والصالات الرياضية ومصادر التعلم لإقامة بعض الدورات التدريبية كما تم اعتماد خطة لجميع الأندية عن طريق إدارة نشاط الطلاب والطالبات. استثمار الإجازة وقالت د. سحر رجب -مستشاره أسرية ونفسية-: لابد لكل عمل بعده من هدية ليفرح الشخص الذي أنجز، ولتعطي غير المنجز دافعاً قوياً للإنجاز، ومع الطلبة لابد أن تكون لهم فترة راحة وترفيه ليتقووا على مواصلة إنجازاتهم ويستعدوا لعام جديد بكل حب ورحابة صدر، والمنجز والناجح دوماً يبحث عما يشغله ويفيده وهذا هو الإنجاز الذي نبحث عنه ليفيد طلابنا ويجعل ثقافتهم واسعة، كالقراءة لكتب لم تسنح لهم الفرصة لقراءتها وقت الدراسة، أو مشروعات صغيرة تجعلهم متفوقين ومستثمرين لأوقاتهم، ففترة الإجازة طويلة وعليهم باستثمارها والاستفادة منها حتى لا يضيع جلها في اللهو واللعب، وهنا يكون الاستثمار ولا يذهب الشهر تلو الشهر دون فعل شيء يستفاد منه، من جانب آخر فإن دور الرياضة واللياقة تفتح أبوابها وليس الهدف فقط إنزال الوزن ولكن فائدة الرياضة عموماً، فالعقل السليم في الجسم السليم، والسفر لبضع أيام يفتح أفق واستدراك لا قبل له، كل هذه الأمور وغيرها تجعل من الطالب نشيطاً يستقبل عامه بكل سرور ليحقق ما يريده، ولو فعلها الشخص لكَسِبَ وقته ولم يهدره وكلٌ حسب قدرته، وأي أمر نفعله لوجه الله لكسب مرضاته وعدم إيذاء أحد يعتبر عبادة، كذلك حضور بعض الدروس مفيد للغاية فلا تستصغر أي شيء ليثقل ميزانك، ولاننسى حضور الدورات التطويرية والتثقيفية فهي تلهمك ماذا عليك أن تفعل وكيف عليك أن تتصرف. رأي الآباء ويشارك أحمد بأفضل ويقول: نحن كآباء نتمنى أن يتم استغلال الإجازة لتنمية مهارات أبنائنا وذلك بوضع برنامج خاص للولد أو البنت لمساعدتهم في استغلال الوقت بتنمية مهاراتهم ونحن نتمنى أن يتم إيجاد مراكز صيفية تحتويهم وتعلمهم مايفيدهم في حياتهم ومايفيدهم في قضاء أوقات فراغهم في ما يعود عليهم بالنفع. وتقول أم ماجد: سيتمتع أبناؤنا وبناتنا بإجازة طويلة هذا العام وأرى أن الخاسر الأكبر هم أولياء الأمور الذين سيكون على عاتقهم هم كبير وهو متابعة أبنائهم خلال هذة الإجازة وهنا يأتي دور الجهات المهتمة بإقامة الأندية الصيفية والمراكز الصيفية سواء للطلاب أو الطالبات وذلك لاستقطابهم وتهيئة مايحتاجه هؤلاء سواء بنات أو أولاد من أنشطة ترفيهيه أو تعليمية أو مهارية ونتمنى أن تركز على ميول ورغبات الأبناء والبنات وكذلك تركز على دورها في اكتشاف المواهب ورعايتها وتطوير مهارات مرتاديها ويجب أن يكون هناك تنوع في الأنشطة كالرحلات العلمية والمسابقات حتى يكون هناك تشجيع وتحفيز أيضاً يجب أن يكون هناك رقابة ومتابعة لهذة المراكز فيما تقدمه وتوجيهها لخدمة الأبناء والبنات. من جهته أكد منصور خريش -إعلامي- أن الفراغ هو من نعم الله الذي يسأل عنه العبد يوم القيامة، وعلى الطلاب والطالبات أن يستغلوا هذه الإجازة الطويلة بما يفيدهم وينمي عقولهم وهذا مما لا يتعارض مع الترفيه والترويح عن النفس، فهناك الكثير من الشباب قد وضعوا أول لبِنَات مشروعاتهم في هذه الفترة الذهبية من العام، فهناك من ينضم لحلقات القرآن الكريم لحفظ القرآن وتدارس علومه ونحن لدينا في جدة ولله الحمد الآلاف من حلقات القرآن التي أقامتها جمعية خيركم لتحفيظ القرآن بجدة في المساجد ويقوم عليها نخبة من المعلمين الموثوقين، وهذه الحلقات تحفظ الشباب من الانحراف من جهة ومن التطرف والغلو من جهة أخرى وقد أظهرت إحدى الدراسات أن الأحياء التي تقام فيها الحلقات تنخفض فيها معدلات الجريمة بشكل ملحوظ. وبيّن خريش أن الإجازة فرصة سانحة لمن يريد تطوير ذاته ولغته فالانضمام إلى معاهد اللغات لتعلم اللغة الإنجليزية أو الفرنسية أو اللاتينية، وغيرها والتي تصبح مستقبلاً مصدر دخل عال لمن يدرسها ويتقنها، حتى إن بعض الشباب لا يملكون الشهادات العليا ولكن اللغات وحدها صنعت منهم أناساً ناجحين من ذوي الدخل العالي وهذه الفرصة لا يحظى بها إلا من كان لديه الوقت وبذل الجهد لأجل أن يصنع من نفسه إنسانا متميزاً. وحذر خريش الشباب من ضياع الوقت في السهر والجلوس في المقاهي والتي تعد أول خطوات الانخراط في المخدرات، فمستنقع الإدمان كما هو متعارف يبدأ من سيجارة، وعليهم الاندماج في الأندية الصيفية والبرامج والفعاليات التي تنظمها الهيئات الحكومية والخاصة، والتي سيجني منها الترفيه والفائدة في الوقت ذاته. وأشاد خريش بالعديد من الطلاب والطالبات الذين ينخرطون في الفرق التطوعية التي تخدم المجتمع وتطرح الأفكار والمبادرات التي يستفيد منها المواطنون والمقيمون وتسعى لنهضة الوطن، وكل الأفكار الإبداعية التي نعيشها والمشروعات العملاقة التي تشمخ بها مدن المملكة هي ثمرات حصاد شباب مبدع حرص على تطوير ذاته وخدمة مجتمعه ومكافأة أسرته وذويه وتصب في رؤية المملكة والتي من أهدافها رفع نسبة عدد المتطوعين من (11) ألفاً فقط إلى مليون متطوع قبل نهاية عام 2030م. البرامج والفعاليات الرياضية تشغل وقت الشباب شبابنا طاقات هائلة يقتلها الفراغ د. يحيى العطوي د. سحر رجب د.عبدالله الحارثي منصور خريش