الإدارة وتحمل المسؤولية هي أمانة ينطوي تحتها تحمل الكثير من الأعباء والتبعات التي تناط بصاحب هذه المكانة، أو كما يسمى المدير أو المسؤول باعتبار أنه صاحب القرار الأول وهو من سيواجه الجمهور وكذلك الإعلام، ولاشك أن هنالك من يتميز ويبدع في مهامه ومسؤولياته ويتحملها من خلال ما يمليه عليه الواجب الديني، ومن خلال استشعاره للأمانة الملقاة على عاتقه، ومما تمليه سنن وقوانين العمل التي يجب عليه أن يطبقها ويعمل عليها، إلا أن هناك فئة أخرى لا تقدم ما يتأمل منها وتتراخى بل تفرط في أداء المهام الموكلة لها، حيث نجد أن هنالك مسؤولاً يعمل في الظل ويكلف غيره بمهام العمل، بل إن الملاحظ في هذا الأمر أن هنالك كثير من الجهات الحكومية وغيرها تجد بها مسؤولين لا يخرجون للإعلام وللمجتمع. هروب وانطواء في البداية يقول محمد العسيري -مدير مدرسة-: إن هذه الظاهرة موجودة ونلاحظها في كثير من القطاعات سواء التعليمية أو غيرها وهي من وجهة نظري تهرب وخوف من تحمل تبعات القرار وأن ذلك الشخص أصلاً غير مؤهل لتحمل المسؤولية وتبعاتها، فهو قد يكون وصل لمنصبه ذاك بواسطة أو مصادفة، أيضاً قد يكون هذا بحسب الشخص نفسه فالبعض ضعيف الشخصية ولا يستطيع أن يظهر للإعلام في الوقت المناسب للحديث أو حتى للمجتمع لأنه تعود الانطواء والتقوقع وتلك أيضاً قضية تؤكد أهمية الاختيار للمديرين لأنهم هم الواجهة الحقيقية والمشرفة لأي قطاع فهم المرآة التي تعكس ما يقدم في تلك المنشأة وما يتحقق وهنالك فئة أخرى تحب أن يتحدث عملها عنها قبل قولها وتقول دع الناس تكتشف وتصدق ما نعمل بنفسها والواقع يكشف ذلك وهذا جيد إلا أن الظهور للمجتمع والإعلام بات الآن ضرورة ملحة لا سيما مع تطورات العصر الحديث، وأخيراً أرى أنه يجب أن يكون هنالك حسن اختيار للمدير أو ما يسمى القائد ليقوم بمهامه الموكلة به سواء العملية أو الاعلامية بشكل يرضي به الله ثم المسؤول والمجتمع. ثلاث شحصيات من جانبه قال د.عبد الرزاق العمري -مهتم بالتطوير الإداري-: المديرون المتوارون عن الناس وعن الإعلام بين ثلاث شخصيات مدير يدرك أنه ليس أهل للمكان ويخشى من نقد الناس وسخريتهم به وهذا مسكين حقا وتشفق على حاله، وعليه أن يغادر المكان الذي يحتله بدون أي حق، وثانياً مدير في إدارته الكثير من الفساد ويخشى أن يواجه الناس والإعلام بفساد إدارته ففضل أن يندس، وثالث يريد أن تتحدث عنه أعماله ويلمس الناس حسن إدارته وهذا شخص نادر ولا يهمه مقابلة الناس والإعلام ولكن لا يجد الوقت لانشغاله بمهام عمله، وبالنسبة للشخصيتين خاصة الأولى فهي الغالبة في إدارتنا اليوم وهي من أعظم العقبات التي يصدم بها المواطن أثناء مراجعاته لبعض الإدارات، ولو يدرك كل مسؤول أن تكليفه بمهام إدارية إنما هو من منطلق سياسة الدولة في تقديم أفضل الخدمات للمواطن والمقيم وأنه يجب عليه أن يكون أفضل الموظفين أداء وقرباً من الناس وفهم إجراءات العمل المطلوب وتقديمه للمستفيدين ومحاسبة المقصر وهذا لا يتم إلا بمواجهة المواطنين والإعلام الهادف الذي يحاور المسؤول بالإنابة عن المواطن لتقديم أفضل الخدمات، وأعتقد جازماً أنه يتوجب على كل من ولي إدارة أن يهتم بالدورات التدريبية لتطوير مهام إدارته وتحفيز الموظفين وتقويمهم من خلالها، والإدارة أمانة يسأل عنها كل من قُدم إلى كرسي الإدارة والموفق من وفق لأداء هذه الأمانة العظيمة. أمور هامشية ويؤكد محمد آل مفرح -مهتم بالشأن الإداري ومدير إحدى الإدارات بإمارة عسير- أن هناك مسؤولين بهذه الصفات ويتبعون أسلوب الإدارة القديمة، مضيفاً: هذه الفئة من المسؤولين يسخرون كامل جهده على متابعة أمور فرعية كالتدقيق في همزة فوق وهمزة تحت ويبتعدون عن صلب معالجة المضمون بطريقة إبداعية منهية للموضوع بشكل فعال وسريع ومرضي للكل، وبالفعل هذا المسؤولين يخشون من الظهور للإعلام لأن المعلومات لديهم غير كافية وهذا بلا شك غير محبب للكل، وكما تعلمون بأن هناك فرقاً بين القائد والمدير فالأول تكون له رؤية ورسالة وهدف تصب في مصلحة المستفيدين من هذه المنشأة وذلك بمشاركة وإطلاع جميع المرؤوسين لتحقيق أهداف تلك المنشأة، أما الآخر فيبقى خلف مكتبه للتوقيع والهيمنة على المرؤوسين وأضيف له مهمة أخرى وهي تحطيم المبدعين بل محاولة الإيقاع بهم لكي لا يقربون من هذا الكرسي الذهبي الذي يرى مع الأسف أنه ملكه وحده وأنه محرم على غيره من المبدعين المنتجين. عزلة إيجابية ويرى د. مسفر الشمراني -مدرب في تطوير الذات- أن المسؤول الذي غالباً ما يقلل من خروجه للإعلام لأمرين: الاول أنه يرى نفسه مديراً للعمليات وحريصاً على الإنجاز ولا يرغب في الظهور لأن ذلك سيصرفه عن إنجاز أهدافه المناطة به ويستمتع كثيراً بهذه العزلة المقصودة لترتيب أولوياته وحل المشكلات وتجنبها في أعمال اليوم التالي، أما الثاني فهو يخشى من تحمل المسؤولية أمام العامة وأن ذلك سيؤدي إلى اللوم والمساءلة على حد زعمه، أيضاً عندما يخرج للضوء فهذا يعني محاصرة الناس له في الاماكن العامة بعد انتهاء عمله وذاك ما يخشاه حقاً ويتهرب من بشكل أو بآخر. وأضاف: من وجهة نظري أن المسؤول لابد أن يتحمل ما أنيط بحمله ولا يتردد في الظهور إذا ما تطلب ذلك لأنني حتى أكون من المنجزين يجب أن تكون الصورة واضحة للجميع، وكلنا نستفيد من الأخطاء إن وقعت لتلافيها في المستقبل. محمد عسيري د.عبدالرزاق العمري محمد آل مفرح د. مسفر الشمراني بعض القيادات الإدارية تتوارى عن الأنظار خشية مقابلة الجمهور والإعلام تقصير بعض مسؤولي الجهات الخدمية يحرجه أمام الجمهور