مشاكل العمل لا تنتهي ومن واقع خبرة لم أر أو أسمع يوما شخصا راضيا عن عمله 100% مهما كان ذلك العمل إلا فيما ندر، فلابد وأن يكون هنالك منغصات. وعادة ما يكون الرئيس أو المدير هو المنغص الأكبر في العمل، صديقة لي تبدو ناجحة بجميع المقاييس لديها عمل ممتاز وأطفال وزوج ودخل عال لكنها غير سعيدة ليس لأنها جاحدة للنعمة أو لأنها متشائمة أو تخشى العين والحسد لكنك تستطيع أن ترى عدم الرضا في عينيها وأن تستشعره من نبرة صوتها عندما تتحدث عن العمل. وفي كل مرة تجرنا أطراف الحديث عن هموم الحياة ومشاكلها إلى نقطة واحدة وهي عملها ورئيسها أو رئيستها في العمل. ولأني أحصر الحديث في هذا المقال عن صديقتي فقد يفهم القراء أني أتحدث عن حالة فردية لا بل هي مشكلة لابد وأن يمر بها جميع العاملين والعاملات ولو مرة أو مرتين في حياتهم العملية. أذكر أني كنت قد حضرت محاضرة مدهشة عن الإدارة وأبعادها النفسية ، وكيف يتعامل الرئيس مع مرؤوسه والمرؤوس مع رئيسه ليعيشا في سلام ويحققا النسبة المرجوة من الرضا ولم أمنع نفسي من أن أجرب الأمثلة جميعها وأتساءل أي الشخصيات أنا. لكني خلصت إلى استنتاج أني يمكن أن أعايش الأنواع كلها في شخص واحد وذلك حسب الظروف ومستجداتها . من الأنواع المهمة التي ذكرت في تلك المحاضرة هو نوع النعامة الذي يدس رأسه في الرمل عند أي عائق خوفا من المواجهة فيركز أوامره على الموظف الأضعف أو الأكثر أدبا ويترك المتمرد لحاله خوفا من مواجهته! أو أنه يضع مرؤوسيه تحت ضغوط غير مقبولة لمجرد أنه يخشى أن يواجه من هو أعلى منه ويناقشه وهذا النوع من الرؤساء كثيرا ما تراه في الأماكن الحكومية فهو يتعامل بسلبية إما خوفا على كرسيه أو لأنه على وشك أن يتقاعد أو لأنه معين بالواسطة! أما النوع الآخر وهو الأكثر إرهابا فهو سمك القرش لأنه يأمر ويأمر ولا يريد سوى السمع والطاعة دون نقاش أو حوار ولو حاولت مناقشته أو مراجعته فمن الممكن أن يلتهمك لقمة واحدة ثم يكمل عمله لتكون عبرة لمن حولك! ومع أن سياسته في العمل متمركزة دائما حوله إلا أنه قادر على دفع دفة العمل حتى مع تذمر الآخرين ونادرا ما يستطيع أن يشعر من معه بالأمان. حتى نوع الدبدوب وهو النوع المفضل لدى جميع المرؤوسين لأنه يعطف على جميع موظفيه ويقدر ظروفهم ويتقبلها حتى ولو أثرت على سير العمل يمكن أن يخلق مشكلة ويعطي سببا للتذمر . بقي نوع الثعلب وهو الأكثر نجاحا والأقل تحريضا للشكوى لأنه قادر على الابتسام في وجهك ويحاول أن يقنعك أنه يتفهم ظروفك حتى ولو كان هو سبب تراكمها فهو الذي يفوز دائما برضا مرؤوسيه حتى يكتشفوا حقيقته. فسواء كان رئيسك قرشا أو نعامة أو دبدوبا أو حتى ثعلبا فإنك ستتذمر ليس لأن رضا الناس غاية لا تدرك وإنما لأننا بقصد أو بدون قصد نشعر بأن رأينا وخططنا وحلولنا هي الأفضل والأكثر نجاحا مما يطرحه أو يحاول أن يطرحه ذلك الرئيس.