تتأثر قرارات ومواقف بعض المسؤولين في السلطة التنفيذية بعدد من المقربين منهم والمحيطين بهم وحتى المحسوبين عليهم من أهل الخبرة أو الاستشارة أو حتى طواقم مكاتبهم الإدارية، وأياًّ كانت مواقعهم الوظيفية التي يشغلونها فإنهم يشكلون قوة مؤثرة وفعّالة قد تحقق ما يسعون له من رأي ومشورة، بل وقد تُحقق أهدافهم الشخصية حتى لو كانت في غير صالح العمل، وقد تساهم بشكل أو بآخر في تضليل الحقائق والوقائع في سبيل أن يكون توقيع وقرار المسؤول لصالح حوائج في أنفسهم. د. العوين: «مطبلة» و«مدبرة» على ارتكاب «الحماقات» في حق الناس والوطن وما يزيد الأمر فساداً حينما تصل بالمسؤول الثقة إلى أن يكون "مغمضاً عينيه" عن كل ما يشاهده من واقع أمامه يستجديه إعادة النظر في قراراته ومواقفه، بل وفي "حاشيته، إلاّ أنه يُصر أن يكون الرأي منهم والقرار لهم. ولكي ينجح أي مسؤول في إدارته لأي قطاع أو إدارة أو منشأة لابد من وجود إستراتيجيات يتم من خلالها ضمان مصلحة العمل، عبر اتباع استراتيجية المنع -الوقاية-، ويمكن تحقيقها من خلال حزمة من السياسات مثل تحديد فترة لبقاء المدير، وتفعيل أنظمة الرقابة، وتكوين بيئة تنظيمية ونظامية رادعة، وكذلك تفعيل الشراكة مع المواطن، إضافةً إلى اتباع إستراتيجية الردع، من خلال تحالف ثلاث قوى لإيقاع العقوبات الرادعة وهي الدولة من خلال المساءلة، والمجتمع من خلال الضغط الاجتماعي، والضمير من خلال الوعظ واستنهاض المروءة. د.العلي: يقدمون «الطُعم» إلى «المدير الجاهل» من أجل السيطرة على قراره ويبقى من المهم أن يكون المسؤول حذراً في بداية عمله عند اختياره لمن حوله من المستشارين والعاملين معه بكل عناية، وأن يحذر من الذين يسعون إلى تقديم "الطُعم" من أجل تمرير مصالحهم الشخصية، عبر تقديم تسهيلات مادية من المال العام، ثم السيطرة على قراراته وتوجيهاته. د.فهد العنزي إحاطة المسؤول وقال "د.فهد العنزي" -عضو مجلس الشورى-: يلزم في البداية تحديد المقصود بالحاشية، وهي الفئة التي تحيط بالمسؤول وتساهم في توجيه قراراته وتكفيه عناء الاطلاع على التفاصيل، ولاشك أنها تلعب دوراً مهماً في توجيه قراراته، لكن في عُرف العمل الإداري فإن الحاشية تأخذ مسميات وأوصاف أخرى كالمستشارين والمساعدين وما إلى ذلك. وأضاف أن الاختيار الجيد لفريق العمل الذي يعاون المسؤول والتركيز على الكفاءة هي مسألة مهمة، حيث إن طبيعة العمل الإداري في وقتنا الحالي تتسم بالدقة والتعقيد والاطلاع على كثير من التفاصيل، مشيراً إلى أن المسؤول بحاجة إلى من يعينه على الوصول إلى قرارات تخدم المصلحة العامة وتحقق الأهداف والغايات التي يرمي إليها الجهاز الذي يرأسه. وأشار إلى أن أي قرار يتخذه في هذا الصدد يلزم أن يكون مدروساً بشكل جيد ومحيطاً بجميع التفاصيل، لذلك فإن ثقة المسؤول بفريق العمل الذي يعاونه هي الأساس الذي يُبنى عليه قراره، فكلما كان هذا الفريق صادقاً في عمله حريصاً على المصلحة العامة صادقاً في توفير المعلومات الدقيقة له، كلما كان القرار سليماً ومنسجماً مع المصلحة العامة، بل ومستجيباً لحاجات الجمهور الذي يستفيد من خدمات الجهاز الذي يديره. د.محمد البيشي مخالفة الحقيقة وقال "د.محمد بن ناصر البيشي" -أستاذ الإدارة المشارك في معهد الإدارة العامة-: إن الإدارة هي تنفيذ المهام عن طريق الآخرين بقوة العقل الذي يتفوق في التخطيط والتنظيم والتنفيذ والمتابعة والاتصال، وكذلك اتخاذ القرارات والتنسيق والقيادة وحل المشكلات، مضيفاً أنه خلال مرحلة التنفيذ تُعرض على المسؤول معاملات وقضايا يمكن تصنيفها إلى ثلاثة أنواع النوع(الأول) يتوفر لديه القدرة على حلها، و(الثاني) يستطيع التصرف في جزء منها ويحتاج الاستقراء بمشورة متخصصة، أمّا (الثالث)؛ فتكون أعمالا خارجة عن قدراته ويضطر أن يفوضها لأحد مرؤوسيه، مبيناً أن العمل يتطلب خبراء أو مديرين ووكلاء أو حتى مرافقين وغيرهم، ذاكراً أن تصنيف الحاشية أو الأعوان لا يخرج عن أمرين وهما؛ "مفسدين" و"متقين"، لافتاً إلى أنه من المنطقي أن يصدر من المفسدين أعمال هدّامة، بل ولن يأتي منهم خير، وقد يُشكلون طبقة سميكة تمنع الرأي الآخر من الوصول إليه، أو ينقلون كثيراً من الوقائع نقلاً قد يخالف الحقيقة، مما يعزل المسؤول عن واقعه، لتحقيق مصالحهم المتعددة. وقاية وردع وشدّد "د.البيشي" على ضرورة تطبيق إستراتيجيات يتم من خلالها ضمان مصلحة العمل، وذلك بالأخذ أولاً باستراتيجية المنع -الوقاية-، ويتم تحقيقها من خلال حزمة من السياسات مثل تحديد فترة لبقاء المدير، وتفعيل أنظمة الرقابة، وتكوين بيئة تنظيمية ونظامية رادعة، وكذلك تفعيل الشراكة مع المواطن، د.البيشي: يُشكلون «طبقة سميكة» تمنع وصول صوت المواطن إلى المسؤول ومنح الصحافة هامش من الحرية لتعرية وفضح الممارسات السلبية، وتقوية العاملين من خلال آلية الانتخاب واللجان العمالية، مضيفاً أن الإستراتيجية الثانية هي إستراتيجية الردع، حيث يجب أن تتحالف ثلاث قوى لإيقاع العقوبات الرادعة وهي الدولة من خلال المساءلة، والمجتمع من خلال الضغط الاجتماعي، والضمير من خلال الوعظ واستنهاض المروءة. د.محمد العوين مسؤول سلبي وأوضح "أ.د.محمد بن عبدالله العوين" -أكاديمي وكاتب- أن الحاشية السلبية صورة واضحة مكشوفة للمسؤول السلبي؛ فإذا كان الوزير أو الوكيل أو المحافظ أو المدير العام في القطاع الحكومي أو العام صالحاً فلن يقرب إلاّ صالحين، وإن كان فاسداً فلن يُقرب ويستقطب وينقل ويرقي إلاّ الفاسدين أمثاله، وكذلك من يحقق له أغراضه ومقاصده بطرق خفية ملتوية، بحيث لا يظهر هو في الصورة، وإنما قد يضحي ببعض حاشيته إن انكشفت سوأته وبان عواره، فيلصق التهم بمكتبه أو بأحد من أوكل إليهم بعض المهمات الوظيفية، لكي ينجو بنفسه من الملاحقة والمتابعة والتحقيق إن كان ثمة ملاحقة وتحقيق، وليظهر بصورة الملاك الطاهر، فإن ثبتت التهم وضجت المنتديات بمفاسده عوقب بأشر وبأقسى عقوبة يتوقعها هو، وبيّت النية على أنها يمكن أن تحدث لو اشتدت عليه العواصف وتكشفت صفقاته وشلليته ومناطقيته وتجاوزاته الإدارية ومظالمه لفريق من موظفيه المستحقين لمصلحة آخرين من المقربين إليه من الأنساب أو الأحساب أو الموصى عليهم من أصحاب المصالح المشتركة. مغادرة المكان وقال "أ.د.العوين" إن هناك سؤالا يتبادر إلى الذهن: من يحاسب المسؤول والحاشية؟، والجواب "اذهبوا فأنتم الطلقاء"، فبعد أن يسقط المكان على من فيه، ويصدر قرار بإزاحة المسؤول بعد أن زكمت رائحة فساده الأنوف، وبعد أن تكون عجلة الإنتاج والعمل توشك على التوقف، وبعد أن تشتت شمل الوزارة وأصبحت بدداً في كل قطاع من الدولة بالرحيل أو التقاعد المبكر، يستل الفاسد نفسه خفية من مكتبه ويغادر بدون وداع، لتلحقه أوراق أسراره الخاصة، بعد أن جمعت بليل بهيم من مكتبه، ووضعت عليها بقايا هداياه ووسائل القربى منه و"نياشينه" الكاذبة، وتدفن معه في عالم الصمت، بعد أن أسدل الستار على مرحلة مريرة من تاريخ المسؤول الفاسد وحاشيته المصفقة أو المدبرة أو المعينة على ارتكاب حماقاته في حق الناس والوطن، لكن النهاية المألوفة "يسدل الستار على الماضي"، ليبدأ فصل جديد مع قصة جديدة من فصول مسؤول جديد وحاشية جديدة. د.فهد العلي تحقيق الأهداف وتحدث "د.فهد بن معيقل العلي" -أكاديمي متخصص في الإدارة-، قائلاً: لا شك أن لكل مسؤول حاشية أو مجموعة من الأفراد يحيطون بالمسؤول الإداري، وهم ما يطلق عليهم البطانة، مثل المستشارين والنواب والوكلاء ومديري العموم والأصدقاء من خارج المنشأة ومدير المكتب، وحتى القهوجي الذي يقدم الشاهي والقهوة والبخور، كل هؤلاء على تواصل مستمر مع المسؤول، ويدخلون عليه بخلوته ويطلعهم على أسراره وتوجهاته، مضيفاً أنهم إمّا أن يكونوا بطانة صالحة تسعى إلى أن يقدموا له النصح والمشورة التي تراعي المصلحة العامة أو مصلحة الأغلبية من الموظفين أو المواطنين، أو بطانة فاسدة تراعي مصالحها الخاصة والمنفعة الشخصية البحتة، مبيناً أنه في كثير من الأحيان لا يكون للمسؤول الفرصة لاختيارهم؛ لأنهم موجودون قبل تكليفه أو تعيينه، ويضطر الاعتماد عليهم بحكم خبراتهم في إدارة شؤون المنشأة من الناحية الإدارية والمالية والفنية، لافتاً إلى أن المسؤول الذي يسعى إلى النجاح وتحقيق مبدأ الخدمة العامة يحرص كل الحرص على اختيار من حوله من الناصحين الصالحين والذين يسعون إلى تحقيق أهداف التنظيم، وكذلك إلى نجاحه في عمله، وتقديم ما هو أفضل من خلال ما تقدمه المنشأة من خدمات أو منتجات. د.العنزي: تحمي مصالحها بإيجاد بيئة من الفساد قائمة على خدمة بعضهم البعض الحذر واجب وشدّد "د.العلي" على أهمية أن يكون المسؤول حذراً في بداية عمله عند اختيار من حوله من المستشارين والعاملين معه بكل عناية، وأن يحذر كل الحذر من الذين يسعون إلى تقديم "الطُعم" من أجل تمرير مصالحهم الشخصية من خلال إفساد ذمة المسؤول والسيطرة على قراراته وتوجيهاته، وبذلك يقربون ممن يرون أنهم من فئتهم ومن هو على شاكلتهم، مضيفاً أنه ورد في الحديث الشريف عن "أبي سعيد الخدري" رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما بعث الله من نبي ولا استخلف من خليفة إلاّ كانت له بطانتان؛ بطانة تأمره بالمعروف وتحضه عليه، وبطانة تأمره بالشر وتحضه عليه، فالمعصوم من عصم الله تعالى" -البخاري (ح 7198)-، وعن "عائشة" رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أراد الله بالأمير خيراً جعل له وزير صدق، إن نسي ذكره، وإن ذكر أعانه، وإذا أراد الله به غير ذلك جعل له وزير سوء، إن نسي لم يذكره، وإن ذكر لم يعنه". -رواه أبو داود-. شخصية المسؤول ورأى "د.العلي" أن أساس الثقة بين المسؤول وبطانته يعتمد إمّا على الخبرات الإدارية والمالية والفنية في إدارة المنشأة، أو على الارتياح الشخصي لدى أشخاص معينين، ليتم تقريبهم منه، وقد تعمل تلك المجموعة الفاسدة على تقديم "طُعم" للمسؤول عند تعيينه أو تكليفه لكي يتم السيطرة عليه وتوجيه قراراته، كأن تقدم له تسهيلات مالية من المال العام، مضيفاً أن شخصية المسؤول هي التي تحدد نوعية البطانة؛ إما أن تكون صالحة أو فاسدة، فكلما ما كان المسؤول ذا شخصية قوية ومدركة، فلا لا أحد يتمكن من السيطرة عليه أو الإيقاع به في "دهاليز" الفساد، حيث يكون قادراً على التمييز بين الشخص الناصح الأمين والمنتفع الأناني، مبيناً أن المسؤول المدرك هو الذي يخدم المصلحة العامة، ويكون من الصعب التأثير عليه من أي كان، مؤكداً على أن المسؤول المؤمن بالله والذي يضع مخافة الله سبحانه أمامه فإنه يكون ذلك أساس نجاحه واستمراره في أداء عمله لما يخدم الصالح العام. الحاشية السيئة تمنع وصول شكوى المواطن إلى المسؤول المسؤول «الفاسد» لن يختار إلاّ من يشبهه! تساءل "أ. د. محمد العوين": كيف نوصي الوزير أو الوكيل أو المسؤول أياًّ كان بأن يحسن اختيار حاشية طيبة صالحة وطنية مخلصة صادقة نزيهة وهو على خلاف هذه الصفات أو بعضها؟. وأضاف أن مثل هذا المسؤول الفاسد لن يختار قطعاً إلاّ من يشبهه في الخلق والمسلك وفساد الذمة؛ فلن نتوقع أن نرى سكرتيره الذي يعلم كل خافية عنه أو مدير عام مكتبه الذي يطلع على ما خفي عن أعين الناس مما لو أطلع على بعضه الناس لرموه هو ومدير مكتبه نهاراً جهاراً بالحجارة الثقيلة في مشهد عام. وتساءل مرةً أخرى: كيف لنا أن نوصي المسؤول بأن يتقي الله ويكون نزيهاً صادقاً عادلاً مخلصاً ليقرب من يماثله في هذه الصفات الأخلاقية المثالية الرائعة من سكرتير ومدير عام مكتب ومستشارين ووكلاء ومدراء عموم وهو ليس على شيء من تلك الصفات الجليلة؟. وأشار إلى أنه مرّ به كما مرّ بغيره كثيرون حالات لمسؤولين عاثوا في وزاراتهم فساداً؛ ليس بسبب حاشيتهم ولا مستشاريهم ولا مدراء مكاتبهم وإن كان لكل أولئك باع طويل في تفشي الفساد، ولكن لأن المسؤول نفسه فاسد بطبعه وقد جاء إلى سدة المسؤولية بنية فساد مبيتة!!. قرار المسؤول يمر عن طريق الحاشية النفعية «المطبلة» حجب التواصل مع الجمهور حفاظاً على مصالح «النفعيين» أوضح "د. فهد العنزي" أن أهم واجبات المسؤول هو حسن اختيار طاقم العمل، والتركيز في من يتحلى بالأمانة والكفاءة والتخصص في المجال المطلوب، وكذلك تفعيل وسائل الرقابة وإيجاد قنوات للتواصل مباشرة مع الجمهور، إضافة إلى فتح الأبواب لهم ومعرفة احتياجاتهم ومتطلباتهم من دون الركون كلية إلى التقارير التي يرفعها مسؤولو الإدارات لديه، أو المعلومات التي يزودونها به. وقال إن خطورة تأثير الحاشية تكمن في حجب المسؤول عن التواصل مع الجمهور ومعرفة الحقائق، وقد تضلله وتدفعه إلى اتخاذ قرارات تخدم مصالحها الخاصة، أو أن المسؤول يحجم عن اتخاذ قرارات تخدم المصلحة العامة عن طريق حجبها - أي الحاشية - للحقائق. وأضاف أنه في الغالب فإن هذه الفئة تحرص على حماية مصالحها عن طريق التعاون فيما بينها، وإيجاد بيئة من الفساد وخدمة بعضهم بعضا، وكذلك تسخير الجهاز الإداري لهم ولمن يدور في فلكهم، مبيناً أن الثقة تلعب دوراً مهماً في تفشي ظاهرة الحاشية السلبية، فبقدر الثقة التي يعطيها المسؤول لمعاونيه وفريقه الذي يعمل معه تكون المسؤولية في تحمل تبعات هذه الثقة. وأشار إلى أن اختلاف طبائع الناس وإغراءات المنصب والجاه قد تدفع بفئة معينة لأن تحوز ثقة المسؤول لتعمل فيما بعد بتسخير الجهاز الإداري لخدمة أغراضها الخاصة، وهنا يبرز دور المسؤول الواعي واليقظ ومدى إدراكه لحجم المسؤولية التي تقع على عاتقه تجاه من ولاّه هذا المنصب، وتجاه الجهاز الذي يعمل فيه، وتجاه المجتمع الذي يقدم لهم خدماته. المسؤول الذي لا يخشى العقوبة لن يكون أميناً على مصالح المواطنين مسؤول «صوري» لا يحل ولا يربط! أكد "د. فهد العلي" أن أخطر ما يكون على المسؤول من البطانة الفاسدة؛، جرّه إلى "دهاليز" الفساد الإداري والمالي، وتوظيف موارد المنشأة لمصالحهم، حيث يُصبح "صورياً" يتحكم به مجموعة من المنتفعين والأنانيين، ويكون استغلال السلطة والنفوذ لمصالحهم الشخصية. وقال إن هؤلاء يسعون إلى تضليل المسؤول عن الواقع الذي تعيشه المنشأة، ويقدموا له تقارير غير واقعة، ويصوروا الأمور على أنها على ما يرام ولا توجد مشاكل، ما يؤدي إلى حدوث كارثة تؤدي إلى إقالة المسؤول أو تغييره. وأضاف أن هناك أمثلة كثيرة على حدوث مثل هذه الحالات في واقعنا الإداري، وكل ذلك يؤدي إلى تردي الخدمات أو المنتجات التي تقدمها المنشأة، مبيناً أن التأثير الحاصل من هذه البطانة الفاسدة هو جعل هذا المسؤول يتخبط في قراراته وتوجهاته، ويكون بعيدا كل البعد عن النزاهة والشفافية، وتغيب عنه العدالة والحس بالمسؤولية. وأشار إلى أنهم يعملون على تقريب من يرون إلى المسؤول وإبعاد من يرون فيه النزاهة والحرص على المصلحة العامة، بل ويعملون على تشويه سمعته وتصيّد الأخطاء الصغيرة وتضخيمها، ليؤكدوا أن هذا الفرد أو ذاك لديه مشكلات وليس جديراً بتكليفه بمهام إضافية أو قيادية. تجميع «المعارف» و»الأصحاب» على حساب المخلصين..! أكد «أ.د. محمد العوين» على أن بعض المسؤولين الفاسدين حين وصولهم إلى مناصبهم يبدأون في التخلص من الصالحين والعاملين بإخلاص، ومن يعتقدون أنهم سيقفون أمام مشروعاتهم وخططهم وأفكارهم. وقال:»قد يستغرق مشروع الإحلال والإبدال سنة كاملة إلى أن تُعبأ المواقع الوظيفية المهمة بمن يثق فيهم من الأصحاب والمعارف ومن وصي عليهم، فيُقلع ببعض الموظفين إلى مراتب عليا بصفة استثنائية، إلى جانب قشع قيادات جيدة مستحقة للترفيع إلى مواقع غير فاعلة حتى يُصبحوا في عداد المفقودين أو الموتى في الوزارة». وأضاف أن بعض المسؤولين قد يستقطب أسماء من خارج الوزارة ليس لهم في التخصص عير ولا نفير، بل إن اثنين منهم كانا خارج الوظيفة الحكومية سنوات طويلة بلا عمل، ثم أتى بأحدهما ومنحه الخيط والمخيط ليدير الوزارة على هواه، بحيث تتحول من أداة بث وعي إلى صرافة أو رقم حساب في البنك، وجاء بالثاني عديم الخبرة «يخبط» و»يلبط» في غير شغله وتخصصه، حتى سقط من عال وتهشم رأسه واحتضنه في مكتبه، حتى عينه في مؤسسة خاصة براتب مضاعف عن مرتبه الذي افتقده عشر مرات. وأشار إلى أن الوظيفة الحكومية تحولت في عهد ذلك الفاسد إلى مؤسسة عائلية مناطقية خاصة، ليس بتأثير الحاشية ولا المستشارين، بل من صنيع المسؤول الفاسد نفسه، لافتاً إلى أن المسؤول الصالح أو الطالح هو الذي يصنع حاشيته وليس العكس.