انطلقت امس في أبو ظبي فعاليات المؤتمر الدولي لتجريم الإرهاب الإلكتروني، الذي يبحث سد الفراغ التشريعي، في مجال مكافحة الظاهرة، وإنهاء حالة الإفلات من العقاب التي يتمتع بها اليوم كثير من الناشطين الإرهابيين على الإنترنت، ويهدف إلى إيجاد أرضية مشتركة لصياغة منظومة قوانين وتشريعات دولية تتصدى لجذور وامتدادات الظاهرة الإرهابية في الفضاء الرقمي. وقال الدكتور علي راشد النعيمي، رئيس اللجنة المنظمة أن المؤتمر يأتي مكملاً لمسيرة المبادرات التي تتبناها الإمارات في إطار مسؤوليتها تجاه المجتمع الدولي، ومنها ما يتعلق بمكافحة الإرهاب، كما أنه يكرس موقع أبوظبي كمنصة لإطلاق أفكار متميزة في مجال التعاون الدولي، وتطوير فهم أعمق للتحديات الجديدة التي تواجه المشرعين والفاعلين الحكوميين والمنظمات الدولية في التعامل مع الاستغلال المتزايد للفضاء الإلكتروني من قبل الجماعات الإرهابية. وأضاف أن العالم الافتراضي أصبح يمثل تحدياً حقيقياً، حيث تمكنت المنظمات الإرهابية، من استغلال الطفرة المعلوماتية لبث أفكارها وتجنيد الشباب، مشيراً إلى أن المؤتمر يشهد مشاركة مجموعة من ممثلي الحكومات والمنظمات الدولية، ومراكز البحث القانوني والأكاديمي في مجال مكافحة الإرهاب، يناقشون أنجع السبل لردم الهوة القانونية والتشريعية في تنظيم الفضاء الإلكتروني، التي تستغل لتعبئة وتجنيد الشباب في التنظيمات الإرهابية. وقال الدكتور أنور قرقاش، وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، في الكلمة الافتتاحية للمؤتمر إن الحاجة ملحة أن نطور إطار عمل دولي فاعل للتعامل مع الإرهاب الإلكتروني. وتابع: "الإمارات ليست الدولة الوحيدة التي عانت من الهجمات الإلكترونية.. نُقر بأهمية العمل سوياً لأن نُشمل الإرهاب الإلكتروني من أجل حماية مجتماعاتنا والبنى الحيوية فيها". وأكد الدكتور قرقاش أن الهدف من المؤتمر هو الوصول إلى أرضية مشتركة فيما يتعلق بالأنظمة والتشريعات لنبدأ في وضع قانون يجرم الإرهاب. وأعرب الدكتور جهانجير خان، مدير فرقة العمل المعنية بالتنفيذ في مجال مكافحة الإرهاب بالأمانة العامة للأمم المتحدة، عن شكر وتقدير المنظمة الدولية وأمينها العام لدولة الإمارات العربية المتحدة على مساهمتها في مكافحة الإرهاب وتطلع لمشاركة قوية معها في مكافحة الإرهاب والتطرف العنيف. وقال إن الهجمات التي حدثت منذ عدة أيام على عدة أهداف في أكثر من 100 دولة، هي أمر يذكرنا بأن الإرهاب الإلكتروني يهدد العالم أجمع، ولسوء الحظ لا يوجد دولة واحدة قادرة على حل هذه القضية بمفردها، والأمر يتطلب تعاونا وتكاتفا من الجميع. وأشار إلى أن الأممالمتحدة لديها العديد من الأطر القانونية فيما يتعلق بأمن الإنترنت، ومع ذلك لا بد أن يكون هناك الكثير في المواجهة، واستراتيجة مكافحة الإرهاب تؤكد أن هناك حاجة للتعاون الدولي في مكافحة الإرهاب، لافتاً إلى أن خطة الأممالمتحدة لمنع التطرف العنيف تتركز على الإجراءات الوقائية، وإيقاف استخدام مواقع التواصل الاجتماعي من قبل الإرهابيين، كما أن قرار الأممالمتحدة وقرار الأمن الخاص بمجلس الأمن 2178 الخاص بالمقاتلين الأجانب قد تم اعتمادة تحت الفصل السابع لمنع انتشار الإرهاب في التكنولوجيا. وأكد ليندرت فيربيك، مستشار مبعوث ملك هولندا لشؤون التطرف العنيف في المجلس الأوروبي، أن توقيت انعقاد المؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب في أبو ظبي بالغ الأهمية لأنه يأتي عقب أيام قليلة من الهجمة الإلكترونية التي استهدفت عدة دول في العالم. وأوضح فيربيك أنه لابد من التفريق بين الإرهاب الإلكتروني الذي يسعى لأهداف سياسية والآخر المستخدم لأسباب دينية، مشيراً إلى ضرورة وجود حوافز لمكافحة الإرهاب، وألمح إلى أن دول العالم في أمس الحاجة لتتشارك خبراتها لمواجهة الإرهاب الإلكتروني سوياً لكن هذا لا يمنع أن تجتهد كل دولة في الوصول إلى الحلول التي تناسبها وفق للسياق الثقافي والمجتمعي لمواجهة التطرف. وأشار فيربيك إلى أن أوروبا تشهد ارتفاعاً في مستوى التطرف ولغة الكراهية، ولابد من وجود إجراءات لمنع التطرف ليس فقط من خلال القمع بل عبر إحداث حوار بين الثقافات. وقال جورج سلامة، رئيس قسم السياسات العامة والعلاقات الحكومية في الشرق الأوسط بموقع "تويتر"، إن الموقع أغلق في الفترة الماضية 600 ألف لتنظيم داعش الإرهابي، لافتا إلى أن "تويتر" تتعاون مع مراكز وجهات مختلفة مثل هداية وصواب، لمكافحة الإرهاب الإلكتروني. أضاف سلامة أنه من الصعب تصنيف المحتوى الموجود حال الحديث عن محاربة الإرهاب، فالموضوع معقد ويتطلب مجهوات، كبيرة وتعاون من الأطراف المختلفة. وتابع "يشرفنا التواجد في المؤتمر كشركة تويتر في هذا المؤتمر وفي التعاون مع الحكومات والمجتمع المدني وكل من يحب التعاون معنا"، وتحدث عن بعض الإحصائيات، منها أن عدد أعضاء الموقع تخطى 320 مليون مستخدم، وأن اللغة العربية تحتل المرتبة رقم 3 في أعلى اللغات استخدامات بالموقع. وأشار إلى أن 62% من مستخدمي تويتر في مرحلة الشباب من 14 ل 34، و80% من المستخدمين خارج الولاياتالمتحدة، وهناك زيادة في عدد المستخدمين تصل إلى 9 ملايين شهريا، موضحاً أن 90% من ملوك ورؤساء العالم متواجدون على تويتر، ويستخدمونه في التخاطب. ويهدف المؤتمر إلى بلورة إطار تشريعي يساعد الدول على ملاحقة المروجين للأفكار الإرهابية قضائياً وتجريم ما قاموا به، ويتضمن 4 جلسات رئيسية، هي: "الإرهاب الإلكتروني في سياق تضارب التّشريعات والانحسار الثقافي والاجتماعي، و"التوفيق بين مبادئ حقوق الإنسان والجهود المبذولة لمكافحة الإرهاب الإلكتروني"، و"آفاق العمل المشترك بين المؤسسات المعنية بمكافحة الإرهاب الإلكتروني"، و"نحو إطار تشريعي شامل لتجريم الإرهاب الإلكتروني".