قبل الخوض في صلب الموضوع لابد لنا أن نعرف ما هو معيار النجاح والفشل في العمل الإداري؟. لا شك أن التعاريف كثيرة في هذا المجال إلا أننا قد نختصر ذلك بتعريف واحد للفشل وهو مخالفة النتائج للأهداف المرسومة ومنه يعرف معيار النجاح أيضاً وفي استقراء حياة المديرين الفاشلين تتجلّى بوضوح بعض المظاهر السلبية التي يعود الفشل إليها في الغالب. وبه نعرف أنّ ليس النجاح ينشأ من المهارات والعلوم والإمكانات المتاحة للإداريين دائماً وإنما ينشأ في كثير من الأحيان من البرمجة السليمة والمدروسة والتنظيم والمتابعة المستمرة. قد يصعب على بعض المديرين تحديد أهدافهم بوضوح ودقة لذلك ينتهي بهم المطاف إلى الفشل لأنّ تشوّش الفكرة وغموض الغاية يجر إلى ضياع جهود كثيرة يبذلونها في العمل على الرغم من حماسهم وتفانيهم. لذا فإنّ أول خطوة باتجاه نجاح الإدارة هو أن يعرف المدير ما هو المطلوب منه بالضبط؟ وذلك للتقليل من هدر الجهود في تخبطات إدارية. وبهذه الطريقة تصبح عنده الطرق سالكة أمامه والإدارة سهلة لأنه سيعرف من أين يبدأ وإلى أين ينتهي؟! وبالتالي أي طريق أقرب وأسلم في الوصول إلى الغاية. إن تحديد الهدف ورسمه بشكل واضح وصريح ليس فقط يوفر النجاح للمنظمات، بل يعود على نفوس العاملين بالحماس المتدفق والروح المعنوية التي لا تعرف الملل ولا الفتور لأنّهم دائماً يعرفون ماذا يريدون وبالتالي يقومون به. وبهذا يغلقون الباب أمام الارتجال ويمنعون القدر من التلاعب بهم وبقراراتهم، فمن الغريب أن نجد بعض المديرين يستصعبون طرح الأسئلة على أنفسهم أو على مشاركيهم لتحديد الأهداف وتشخيص الرؤية بل والأغرب من هذا نجد أنّ بعض المديرين يعد مشاورة والأخذ برأي الآخرين العاملين معه في الخطط والبرامج نوعاً من العجز أو الضعف والبعض الآخر يعدّه نوعاً من الغباء لذلك يتردّدون في الاستفهام عن المطلوب ويكتفون بما عندهم من أفكار وآراء وقرارات ويستغنون عن الآخرين وهذا أمر من شأنه إرجاع المنظمة إلى الوراء وإظهار الإدارة بوجه فاشل إلا إذا كان المدير يصّر على أنه معصوم من الخطأ؟ إذاً كيف يمكن أن يتوقع المدير أن يعرف الآخرون أهدافه ويتعاونون معه في تحقيقها في حين هو نفسه يجهلها أو يجهل حدودها وعليه فإنّ المدير الناجح ليس الذي ينكفئ على نفسه وينطوي في قراراته وأفكاره بل هو الذي ينفتح على الآخرين ويبادلهم الرؤى والأفكار ويشاركهم في اتخاذ القرارات فإنّ في طرح الأسئلة على الآخرين وخوض الحوارات معهم يكشف له الطريقة الأنسب لتأدية الأعمال فضلاً عن بلورة الرؤية في الهدف المطلوب. هذا أولاً. وثانياً: بعض المديرين يقومون بأعمال كثيرة ويشغلون أيامهم ليلاً ونهاراً في العمل الدائم الدؤوب ولكن لا يحصدون منها النتائج المطلوبة بل على الرغم من تحمّل المشاق الكثيرة يشعرون بأنّ العاملين معهم يصابون بتراجع وفتور في الحماس والاندفاعة لماذا؟ إن الإدارة الواعية صاحبة الأفكار، والمشروعات، والبرامج التدريبية التي تعتمد على المرونة، والحركة الواعية المدروسة بشكل علمي منهجي، وتسعى دائماً نحو التغيير للأفضل، نجد هذه الإدارة متجددة دوماً متجهة نحو الابتكار والإبداع، ونجد المشروعات التي تعمل على توافر قدر كبير من المرونة في خططها ووسائل تنفيذ أعمالها، نجدها ذات كفاءة إنتاجية عالية الجودة، ونجد أيضاً البرامج التدريبية التي تعتمد على المرونة في أداء وتنفيذ خططها، نجدها تحقق أهدافها التي تسعى إليها بنجاح وتميز. أما ما نعانيه من جمود وبيروقراطية في الكثير من منظماتنا الحكومية فهو سبب عزوف الكثيرين عن النجاح والتميز والالتحاق بتلك المنظمات.