الفشل هو «مصطلح شعبي» لازم كلا منّا في حياته، ومفهوم علمي لإحدى أهم طرائق النجاح طالما الأمر يرتبط بالعمل والإنتاجية فكما قيل «من لا يعمل لا يخطئ»، ثم يحتمل الفشل مفهوماً أشمل وأكثر دقة بنفس الوقت في قوله تعالى (إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا) فالفشل في الآية يشير إلى من هَمَّ بأمرٍ ثُمَّ نَكَلَ عَنْه، إلا أن الفشل بالإدارة تجاوز مرحلة الاصطلاح والتأصيل إلى الاعتقاد والعمل به كنوع من فرضيات البقاء واحتماليات الارتقاء كعلمٍ لم يدرج رسمياً في أي من مدارس الإدارة، لكنه يتربع على كراسيها – الإدارة – والغريب أن هذا النوع من الممارسة الخاطئة في حق الإنتاجية يتفشى ديناميكيَّاً في جسد مؤسساتنا التي يعتريها الفشل وتتفن في تقديم القرابين!! أكرر أن الفشل ليس عيباً أبداً بل هو الخطوة الأبرز نحو النجاح، إذن فالغاية من العمل النجاح وبالتالي على «الفاشل» أن يستعين بكل ما أوتي من معرفة وصلاحياتٍ واستشاريين ونواب ووكلاء وموظفين للخروج من دائرة الفشل، فإن توافرت تلك القائمة جميعها من المسميات التي أرهقت «سلّم الرواتب» وبنود المكافآت حول ذلك «الفاشل» ولم يتحقق النجاح أو على أقل تقدير الاعتراف به ولن أقول «الانسحاب طيّب» فهذا المبدأ من نواقض اللعب في مؤسساتنا ولا نعمم فما زالت بعض مسامات الأمل مفتوحة، هنالك نستطيع أن نجزم بأن سعادة الفاشل يمارس الإدارة بالفشل وحق له أن يكتب في سيرته الذاتية بعد تقاعده عن «الفشل» فصلاً كاملاً يتحدث فيه عن أولويته في تقديم اسمه كأحد مؤسسي علم الإدارة بالفشل ولا حول ولا قوة إلا بالله. إن هذا النوع من الأخطار الإدارية لم ينشأ من فراغ أو لمحض صدفة بل ينشأ ناشئ الفتيان منّا على ما كان عوّده أبوهُ، فمن مسببات هذا الوباء الإداري على سبيل المثال لا الحصر ذلك المثل القائل «رضا الناس غاية لا تدرك» طالما اتخذوه كطوق نجاة، ثم إن النظم واللوائح الإدارية من أهم مراجع نظرية «الإدارة بالفشل» خاصة إن كانت تلك النظم واللوائح بلا أهداف واضحة تتحقق فيها جميع قواعد الإنتاجية ومبادئ العمل كمواثيق شرف مهنية وأخلاقية، تلك مسببات داخلية أما الخارجية فهي أكثر، كنظم التوظيف والتقاعد ونظم المراقبة العامة وانعدام مؤشرات الإنتاجية «في القطاعات الحكومية» والأهم منها جميعاً هو المعني بخدمات تلك المؤسسات التي لم تنشأ إلا في سبيل خدمته وليس العكس كما هو الحال في بعضها، فعدم معرفة الحقوق تعزز الخروق، ولو أني لا أعلم السبيل الذي يحق للمتضرر أن يسلكه «غير الصمت» إن لم تتم خدمته كما يجب أو كما يُراد ويؤمل من تلك المؤسسات التي يسكنها شبح الجلاد والحكم، إن الوقت الذي لا نعرفه إلا في حدود الحضور والانصراف لا قيمة له طالما يهدر بإسرافٍ في تأنيب الضمير وجلد الذات وكل يغنِّي على ليلاه، ضلّ سعيهم وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً، إن هذه المؤسسات المقصودة بهذا التوصيف التي قد لا يتجاوز عدد كادرها عدد أصحاب الكهف هي لبنة ضمن بنيان دولة ما لم تتناغم مع أداء المؤسسات الأخرى تداعى جسد المجتمع كله بالسهر والحمى، لذا فطالما استطعنا توصيف العلّه وتشخيص المعتلّ فبالإمكان علاج الحالة إن كنّا فعلا نتحدث عن تنمية ونهضة واستثمار موارد وطاقات بشرية هائلة، أيها الكرام مثلُ الإدارة في المؤسسة كمثل القلب في الجسد، إن فسدَ فسد الجسد كله، هذا سُلاف كل ما قيل حول «الإدارة بالفشل» وخلاصة كل المنغصات التي نعانيها ونشتكي منها ونجهل صورة مستقبلنا خلف ظلالها وتحت وطأتها. أعتقد أن القارئ بعد هذه «المقدمة» الطويلة، يستطيع أن يستكشف «الإدارة بالفشل» في كثير من النماذج التي تعامل معها أو قرأ عنها أو سمع بها، ومن حقه أن يضرب أمثلة تطبيقية حيّة على أرض الواقع فالشواهد كثيرة!!