لم تكن ليلة أول من أمس والتي شهدت حصول الهلال على لقب "دوري جميل" بعد غياب لخمسة مواسم، وهي الفترة التي يصفها أنصار الفريق الكبير بالطويلة، لم تكن ليلة حسم لمصير البطولة وحسب، بل شكلت فرصة مناسبة لإظهار تقاليد وأدبيات النادي الذي لطالما فرض سطوته على منصات التتويج طوال العقود الماضية. وما أن أعلن الحكم الإنجليزي مارك كلاتينبيرغ عن نهاية المواجهة التي جمعت "الأزرق" بالشباب إلا وانطلقت أفراح الهلاليين داخل وخارج الملعب بطريقة مختلفة عن كثير من الفرق التي تحقق اللقب إذ احتفى لاعبو وإداريو "الزعيم" مع جماهيرهم داخل الملعب فور نهاية المواجهة ولم تنقل كاميرات التلفزيون أو عدسات المصورين أي مظهر من مظاهر الفرح المبالغ فيه والذي يمتد إلى الإساءة أو استفزاز الخصوم والمنافسين مثلما يحدث من قبل بعض إداريي الأندية ولاعبيها. لم يقم رئيس الهلال أو نائبه أو أي لاعب هلالي بتوجيه حركة مستفزة لمدرج الفريق المنافس ولا حتى أمام كاميرات التلفزيون تعبيراً عن انتزاع اللقب، في حين كان أكثر ما حرص عليه رئيس النادي الأمير نواف بن سعد إبراز إداريي الفريق ونائبه المهندس عبدالرحمن النمر وبقية أعضاء الإدارة وهو يشيد بعطاءاتهم خلف الكواليس ويحرص على ظهورهم في الإعلام لمنحهم جزءا من حقهم، كما لم يتحدث الرئيس الخبير عن إدارته وقراراته بذات الطريقة التي يختارها مسؤولو الأندية الذين يفردون عضلاتهم أمام الإعلام بمجرد الحصول على نتيجة مباراة فكيف ببطولة الدوري.؟ ولم يتطرق الرئيس للمنافسين من بعيد أو قريب كون "الملكي" فرض نفسه وأنهى مسألة اللقب دون النظر للبقية باعتباره الفريق الأقوى الذي لم يكن لأحد أن يستطيع إيقافه إن كان منافساً أو طرفاً آخر. وعدا عن هذا كله كانت تصريحات لاعبي الهلال ومدربهم مختلفة أيضاً، فقد تحدث الأرجنتيني رامون دياز بشكل مقتضب وأكد أن التركيز أصبح منصب على دوري أبطال آسيا، فضلاً عن كأس خادم الحرمين الشريفين وهو نفس ما ذهب إليه اللاعبون الذين نقلت مواقع التواصل الاجتماعي تعبيرهم عن فرحتهم بالذهب بطريقة "راقية". كل ذلك يشير إلى أن هذا النادي الكبير يتمتع بأدبيات وتقاليد مختلفة عن البقية، كونه النادي الذي تشبع وتفرد بالذهب والألقاب والبطولات حتى أصبح أمر ابتعاده ولو لموسم واحد عن البطولات أمراً مستغرباً ومثيراً أكثر من الحصول على كأس أو الحفاظ على لقب، فضلاً عن أن الثقافة التي زرعها الهلاليون بجماهيرهم ولاعبيهم تتمثل بتجاهل كل ما يفتعله الإعلام المتعصب والمنافسون مقابل التركيز على اللقب، وهو الدرس الذي من الصعب استيعابه عند كثيرين.