تختلف المشاهد والمواقف وتتشابه ردود الأفعال عند تقرير الحقوق وترتيب الأولويات في كافة الجوانب الاجتماعية والثقافية والاقتصادية.. إشكالية تتكرر دون جديد سوى تغيير في الصياغة وإضافة بعض البهارات لمقتضيات تغيرات أصابت المتلقي. كنا مجتمعيا والنساء على وجه الخصوص نعاني من متلازمة الاختلاف في الشأن النسائي وجاء الترفيه ليكون قاسم اختلاف مجتمعي آخر.. ليشارك حقوق المرأة في صراع ترتيب الأولويات مع كل شيء وفي كل شيء.. مشروع القدية ثقافي ترفيهي اجتماعي، كان حلما للكثير من السعوديين خاصة وأن مطاراتنا تزدحم بالراحلين مع كل إجازة طالت أو قصرت، هذا المشروع الحلم، وكُثر يريد تحقيقه بل وبأسرع وقت مع رجاء ألا يدخل في نفق المشروعات المتعثرة فهو بوابة ترفيه وتثقيف وتوظيف واستثمار متنوع في الإنسان والمال. مع إعلان مشروع القدية جاءت الممارسة المعتادة بترتيب الأولويات حيث هناك من يرى الإسكان أهم وآخر يرى الصحة وآخر يرى التعليم على رأس الأولويات، أي عاقل لن يختلف على أهمية تلك القطاعات، بل ونطالب بالارتقاء بها وتحسينها.. ولكن هل القدية مشروع مطروح بديل عن تلك القطاعات أم هو قطاع مختلف واحتياج مختلف؟ هل ستغلق المدارس أو المستشفيات في حال بدء إنشائه أو مع تفعيل نشاطه؟ وهل سيقام في منطقة سكنية تزاحم مشروعات الإسكان؟ إشكالية تصنيف الأولويات انتقلت من عالم حقوق المرأة وباتت تتحرك بقوة في عالم الترفيه.. هل نحن مجتمع يخاف من التغيير، مجتمع يعاني من ثقافة رفض التجديد حيث يعتقد بعضنا أننا مجتمع مختلف عن غيرنا؟ الإشكالية أن تلك الأولويات وترتيبها ليست ثابتة بل متغيرة بتغير المزاج العام، في وقت سابق عاتبتني إحداهن على مطالبتي مع بعض الزميلات بتمكين المرأة من قيادة سيارتها تحت قبة الشورى مؤكدة أن حقوق المطلقات والأرامل أهم وحين طالبت مع زميلات وزملاء بإعطاء المرأة حق استخراج سجل العائلة وهي مشكلة تواجهها غالبا المطلقات وأبناؤهن انطلقت حملة مضادة.. الإشكالية أن بعضنا اعتاد على مناكفة الآخر بما فيه المؤسسة الحكومية، ورفض التجديد والتغيير، مع مغازلة الشعبوية من خلال الاحتياجات الأساسية مثل السكن والتعليم والصحة والرواتب علما أن مشروع القدية لا ارتباط بينه وبين تلك القطاعات وتمويله من مصادر مختلفة لا تتعارض أو تتقاطع مع تلك القطاعات وأنه يمثل احتياجا وطنيا تأخرنا كثيرا فيه. إشكالية ترتيب الأولويات للأسف تنفي حق الآخر في تقرير أولوياته وتلغي فردية الإنسان في ممارسة حياته بحرية تحترم وتلتزم بحقوق الآخرين.. الحقوق تتاح للجميع والقرار للفرد والضبط لمؤسسات ونظم الدولة. بناء الشعبوية على المصلحة العامة ممارسة لا تتفق مع أبسط أبجديات المسؤولية الوطنية، علما أن كثيرا منها بات غير مقبول مع ارتفاع مستوى الوعي المجتمعي.