المراقب للمشهد الإعلامي السعودي يرصد تصدر معركة الكاشيرات السعوديات لأولويات الخطاب الإعلامي السعودي وكذلك أولويات الخطاب الديني، خاصة مع نشر فتاوى دينية متصادمة في المنع والإجازة حول عمل المرأة السعودية في الأسواق العامة. ومع أهمية بل وضرورة توسيع عمل المرأة السعودية وتمكينها من العمل الحر والشريف، الذي يحصنها من الحاجة، وبعيدا عن هذا السجال الفكري الذي يبدو أنه أصبح يشكل معركة رمزية في الصراع الدائر حاليا حول ملف المرأة السعودية. أعتقد أن لدينا إشكالية في بناء أولويات المجتمع والخطاب التنموي، خاصة مع إعلان مؤسسة النقد العربي السعودي عن انخفاض دخل الفرد السعودي بنسبة تصل إلى 20 % وارتفاع نسبة البطالة، وانخفاض نسبة توظيف السعوديين في القطاع الخاص من جهة، وكذلك استمرار مشكلة الفقر وتفاقم حاجات الشباب الأساسية نحو السكن والزواج والمتطلبات الحياتية الأخرى المتفاقمة. بمعنى، إذا كان الخطاب الديني قدم أولوياته على أولويات المجتمع أحيانا، ولم يواكب المتطبات المجتمعية والتفاعل معها، خاصة مع جمهور الشباب، فإن الخطاب السائد حاليا بات يبتعد كثيرا عن هموم المجتمع وأولوياته وحاجاته الأساسية وتطلعاته المستقبلية، خاصة في حقل الاقتصاد الاجتماعي. وإذا كنا نطالب بأهمية تجديد الخطاب الديني، فإن الخطاب الآخر أيضا بحاجة إلى مراجعة في أولوياته وقضاياه، حتى لا نفقد جمهورنا الرئيس، من خلال فرض أولويات وأجندات فكرية مختلفة عن واقع أجندته اليومية وأولوياتها بالنسبة له ولأسرته، التي تشكل في نهاية المطاف الأسرة السعودية الكبرى. وهنا تبرز الحاجة إلى أهمية تأسيس خطاب وطني جامع، لكافة المشتركات الفكرية والاجتماعية، تنخرط فيه كافة مكونات المجتمع السعودي، وتتجسد قضاياهم وأولوياتهم في أولويات الخطاب الوطني واهتماماته. فكثير من الأفكار والمشاريع والبرامج تتعثر أحيانا، بسبب ضعف الإعداد، أو التهيئة المتكاملة بالمعنى الاجتماعي والثقافي والديني، خاصة في ظل العناصر الرئيسة التي يتكون منها المجتمع السعودي، والاعتماد على الإعلام وحده كوسيلة للتغيير الاجتماعي لا يكفي، فالمعلومات والأفكار تمر إلى الشرائح المجتمعية عبر المرجعيات الدينية والاجتماعية والفكرية. ولأهمية إنجاح مشاريع التطوير وبرامج التغيير الاجتماعي، نحن بحاجة إلى مشروع وطني واضح المعالم والأهداف، يدعمه خطاب يلامس هموم المجتمع واحتياجات الناس، تسانده كافة النخب المختلفة والمرجعيات المتعددة. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 166 مسافة ثم الرسالة