تشهد عمان عاصمة الأردن مؤتمر القمة العربية وأمامه عدد من الملفات الموجعة وبالتأكيد فإن حضور خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- لهذا المؤتمر يعد استباقاً للظرف الراهن الذي تمر به الأمة العربية، ورسالة مهمة للغاية تتجاوز البروتوكول السياسي لتصل إلى عمق الهدف الأسمى للسياسة الدبلوماسية السعودية عبر كل تاريخها منذ النشأة وحتى الآن.. والتي تحمل في طياتها أبعاداً مهمة، توصل رسالة سياسية مفادها أن العلاقات الدولية التي تربط المملكة بكل أشقائها وجيرانها العرب قوية وعميقة على مختلف الأصعدة. وكما الأردن دولة محورية في المنطقة بحكم أطر الصراع العربي الإسرائيلي منذ عقود، كذا هي المملكة بثقلها الديني والسياسي والاقتصادي إقليمياً وعالمياً، وسبقها الدائم في تعزيز التضامن العربي في هذا الصراع، ودعم كل القضايا المصيرية المشتركة، سواء بالنسبة للقضية الأم، وهي القضية الفلسطينية، أو سواء بكل القضايا الأخرى الشائكة والمتشابكة التي تعاني منها المنطقة والعالم، وتحديداً في ملفات مرحلة ما بعد "الربيع العربي" أو ما يخص مكافحة الإرهاب وأطر مواجهته والوقوف بوجه التنظيمات الإرهابية والتكفيرية والتضليلية. وأعتقد أن الهاجس الأخير بالذات، هو ما سيكون أبرز الملفات أمام القادة العرب في قمة عمّان، ودون معزل بالطبع عن كل المتغيرات الأخرى على الساحة الدولية، والتي تنعكس آثارها سلباً على مصير أمتنا وقيم عملنا المشترك، والتي تتطلب الأساس موقفاً صعباً تستطيع من خلاله القمة تغيير الصورة الشعبية النمطية المأخوذة سلفاً عن كل مثيلاتها من القمم العربية. وبكل تأكيد فإن ملفات الأوضاع المتوترة باليمن وليبيا وسوريا والعراق ستكون حاضرة وتستحوذ على جانب كبير من النقاشات بهدف الوصول لتوافق ينهي حالة التناقض العربي الراهنة، نظراً لاستمرار بعض الخلافات العربية/ العربية، وعدم خروج بعض العواصم من شرنقة أزماتها الداخلية، وبالتالي يكون التعويل كبيراً على الدور السعودي التقليدي والثابت تاريخياً في رأب هذا الصدع، لإيجاد مناخ يتغلب على هذه التناقضات برؤية شاملة، نثق في أنها ستكون استثنائية وحاسمة لمصلحة الجميع. نحن العرب أمام تحديات ومنعطفات خطيرة، تتطلب عملاً استثنائياً للتغلب على همومنا الداخلية، كي نتفرغ لمواجهة التهديدات الإقليمية وعلى رأسها الأطماع والتدخلات الإيرانية التي تعبث في المنطقة، ولنحسم أيضاً مصير الوضع الفلسطيني بشكل عادل وفق الرؤية الدولية لحل الصراع المعقد، وإنهاء المرحلة الأخطر من تاريخنا العربي التي استنزفتنا وأهدرت ثرواتنا. لاشك أن المملكة تحمل رؤية واضحة، سبق أن عبرت عنها مراراً وتكراراً، ولا شك أيضاً أن منعطف الإرهاب العابر للقارات يحتاج لوقفة صريحة تنفض كل الغبار الذي ثار طيلة السنوات الماضية حول مروجيه ومموليه ومنظريه والمخدوعين به، وأن التنمية المستدامة والاستقرار هما الهاجس الرئيس للجميع، وقد أثبتت السنوات الست الأخيرة كل ذلك بكل أسف.