في السابق كانت الوسائل الإعلامية محصورة في الإعلام التقليدي كالإذاعة والتلفزيون والصحف وكان الظهور فيها مقتصراً على المشاهير وأصحاب الفكر والمعرفة في تخصصات معينة، والكلام ذاته ينطبق على الصحف التي لا يكتب فيها إلا من يشكل إضافة حقيقية بفكره وعلمه. وقبيل الألفية الجديدة ببضعة أعوام دخلنا في عصر الانفتاح الفضائي وتحول العالم إلى قرية واحدة وتضاعف عدد القنوات التلفزيونية في كل بيت لتصبح بالآلاف بدلا من العشرات، وطبيعي زيادة عدد البرامج لأضعاف مضاعفة مما اجبر القنوات التلفزيونية على توسيع دائرة استضافتها معتمدة على "الكم وليس الكيف" كما كان يحدث في السابق، وهذا أحدث نوعاً من الفوضى الإعلامية في بعض القنوات وهبوط في طرح. وفي الأعوام الخمسة الماضية تغيرت المعادلة كلياً بعد انتشار وسائل التواصل الاجتماعي التي عشنا معها إعلاما جديدا غير تقليدي، أظهر لنا نجوما جددا كونوا لهم شعبية طاغية ومتابعين كثرا في وقت وجيز، وانعكس ذلك على المشاهير القدامى الذين اتجهوا إلى الإعلام الجديد عبر حسابات في وسائل التواصل الاجتماعي لعلهم يجذبون المتابعين ويحاكون هؤلاء النجوم الجدد الذين اصبحوا مشاهير بين عشية وضحاها، والأمر لم يتوقف عند هذا الحد بل أن القنوات التلفزيونية والإذاعية بدأت في ملاحقة هؤلاء المشاهير الجدد طمعاً في السبق باستضافتهم لجذب وارضاء متابعيهم بعيداً عن المادة المقدمة وجودتها، واختلط بذلك الحابل بالنابل لدرجة اصبحنا في كل يوم نشاهد في البرامج التلفزيونية وجوهاً جديدة تحت مسمى إعلامي تارة ومستشار تارة أخرى، على الرغم من أن هذه الالقاب في الغالب لا ترتكز على أرضية صلبة!! بقي القول إنه مع كل هذه المتغيرات أصبح على كل وسيلة إعلامية أن تستشرف المستقبل وترسم استراتيجية جديدة وواضحة تحقق لها أهدافها وتضمن استمراريتها في ظل منافسة كبيرة جداً لن يبقى فيها إلا الأفضل فقط وينبغي على كل شخص أن يرسم له استراتيجية إعلامية خاصة به ونخص بالذكر الاشخاص الذين كونوا شهرة إعلامية كبيرة عبر ظهورهم المستمر في القنوات التلفزيونية سواءً كانوا إعلاميين أو متخصصين في مجالات معينة، وواصلوا ظهورهم الإعلامي بشكل يومي عبر حساباتهم الشخصية في وسائل التواصل الاجتماعي، فهؤلاء بحاجة ماسة للجلوس مع أنفسهم لرسم استراتيجية واضحة المعالم تحميهم من السقوط في فخ العاطفة الإعلامية وحب الظهور المستمر الذي يصاحبه تكرار لطرح المواضيع في كل وسيلة إعلامية سواء كانت تقليدية أو حديثة من دون أن يكون هناك اتجاه واضح أو كنترول ضابط.