يأتي إطلاق المملكة العربية السعودية لحملة أمنية وإنسانية في نفس الوقت بعنوان "وطن بلا مخالف"، في إطار جهود المملكة الرامية إلى تسوية أوضاع مخالفي نظام الإقامة والعمل في البلاد، وتأكيداً على حق المملكة السيادي في المحافظة على أمنها وأمن حدودها ومنعاً لانتشار المخالفين لنظام الإقامة والعمل في البلاد، ولكن بأسلوب إنساني يحافظ على كرامة المخالفين. وتهدف هذه الحملة التي دشنها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية بتاريخ 19 مارس الجاري، إلى تسوية أوضاع مخالفي نظام الإقامة والعمل ومساعدة من يرغب في إنهاء مخالفته وإعفائه مما يترتب عليه من عقوبات خلال فرصة المهلة الممنوحة المحددة ب 90 يوماً من تاريخ 29- 3 -2017 . وتُعد حملة "وطن بلا مخالف"، استمراراً للجهود الميدانية التي تبذلها الجهات الأمنية المختصة في البلاد لمكافحة مخالفي نظام الإقامة والعمل والقضاء على انتشار هذه الظاهرة؛ حيث قد سبق تنفيذ حملة مماثلة في عام 1435، ولكن لربما ما يميز هذا الحملة عن السابقة، أن تشهد توسعاً من حيث الجهات المشاركة، لتشمل أكثر من 19 جهة حكومية، وذلك لضمان فعالية الحملة ونجاحها في أدائها لمهامها الموكلة إليها، سواء كان ذلك في داخل المدن أو الأحياء أو حتى على الطرق، بما في ذلك العشوائيات. قد يستغرب البعض من وصفي لحملة أمنية لمكافحة مخالفين لأنظمة البلد المرعية، على أنها حملة بإنسانية سعودية، والسبب في ذلك أنه وعلى الرغم من صرامة الحملة وعزمها على القضاء على انتشار ظاهرة مخالفي نظام العمل والإقامة، إلا أنها لم تخلُ من اللمسة الإنسانية، التي عودتنا عليها قيادة هذا البلد المعطاء، كونها كَفلت للمخالف المبادر بالمغادرة من تلقاء نفسه إعفاءه من العقوبات والغرامات التي تترتب على مخالفته، إضافة إلى احتفاظه بحقه في العودة بصفة نظامية للعمل في المملكة وعدم إخضاعه لبصمة مرحل التي تمنع من يتم ترحيله من العودة إلى المملكة للعمل فيها. برأيي أن نجاح جهود حملة "وطن بلا مخالف"، تستلزم مساندة المواطن والمقيم في المملكة، باعتبار أن لهما دوراً مهماً في مكافحة انتشار ظاهرة مخالفي نظام الإقامة والعمل، والذي بدوره يتطلب التزامهم بتطبيق الأنظمة المرعية في المملكة، التي تمنع التستر على المخالفين أو تشغيلهم أو إيوائهم، كون أن ارتكاب مثل هذه المخالفات، يُعد في حد ذاته مدعاة ومخالفة صريحة لنظام العمل والإقامة، كما أن الأمر يتطلب المبادرة بالإبلاغ عن أي مخالف بالاتصال على 999.