عبدالرحمن بن إبراهيم بن محمد المهيدب أماه.. أماه.. أأرثيك أم أرثي نفسي.. أم ترثيكِ تلك الجموع الغفيرة التي مشت في جنازتك.. أم ترثيكِ تلك الأعداد الكبيرة التي توافدت على مكان العزاء، دعواتها لك بالرحمة والغفران تسبق أقدامها.. أماه.. أيتها المرأة الطاهرة الصالحة المصلحة الورعة النقية.. الكل يغبطك على ما حباكِ الله من محبة الجميع لك رجالاً ونساءً شاباتٍ وشباناً صغاراً وكباراً.. إنك المرأة التي أجمع الناس على حبها لصدقها وتواضعها وتدينها ومحبتها للناس.. أماه.. أشتاق لوجهكِ الملائكي الذي رحل ولن يعود، لحديثكِ الشجي، لعباراتكِ الرائعة، لقبلاتكِ الحارة، لحضنكِ الدافئ، لصوتكِ الجميل، لدعاباتكِ وضحكاتك، لنصائحكِ وتوجيهاتك، لدعواتكِ الصادقة التي توقفت بعد رحيلك.. أماه.. سأفقدك إلى الأبد وسيفقدك الأطفال الذين كنتِ تغمرينهم بالهدايا والأعطيات والهبات في كل مناسبة.. وسيفقدك الفقراء والمساكين والمرضى الذين كنت تسألين عنهم وتداوين جروحهم وتتلمسين حاجاتهم وتحرصين على مساعدتهم.. ستفقدك المشاريع الخيرية التي كنت تساهمين فيها دون أن تعرف شمالك ما تنفقه يمينك.. أماه.. سيذكرك التاريخ والوطن وقد أنجبتِ رجالاً ونساءً يفخر بهم الوطن.. لقد سبقت الكل أنت ووالدي رحمكم الله في الاستثمار في تعليم الأبناء وإعداد الرجال على الرغم من محدودية الدخل والتعليم.. أماه.. يتلعثم اللسان وتتوقف الكلمات ويجف القلم عندما أريد البوح بما يختلجه صدري من مشاعر وأحاسيس تجاهك.. لقد كنت شمعة البيت التي كنا نستمد منها النور والضياء، كنت ربانة السفينة التي تقودين بها أسرتك إلى بر الأمان، كنت القائدة التي تحرص على جمع الأسرة كل أسبوع.. أماه.. لقد فارقتك بعد كبر وأضحى قلبي في خطر، بعد فراقك زاد اشتياقي لك وأصبحت طفلاً في صورة رجل، ولو كان بكائي يجدي لبكيتك دهراً ولجرى دمعي نهرا، ولو أن رثائي سيداوي جراحي لجعلت دموعي لك حبرا، فقد كنت حياة البيت ونوره، جماله وسروره، ضياءه وشموعه، واليوم أضحى البيت بدونك سجناً وكل من فيه أسرى.. وأقول لكل من أمه على قيد الحياة إن بين يديك كنزاً ثميناً لن تعرف قيمته إلا بعد أن تفقده.. فحافظ عليه وحذار أن تفرط فيه، وسارع بتقبيل قدمي أمك قبل رأسها.. اللهم أمطر قبري أبي وأمي برائحة الجنة اللهم ارحم أرواحهم واجعل الفردوس داراً ومقراً لهم واجمعنا بهم في جنات النعيم.. وارزقنا برهم اللهم استجب يا كريم..