الأفكار والقناعات السلبية بناء من تصميمنا تحول لقيود وسجون، أسوارها عالية ومفاتيحها ضائعة لم نتكلف عناء البحث عنها بل بإرادتنا وقناعاتنا أَمنّا أنها قد رميت في أعماق المحيطات. لتقيد كل تفاصيل حياتنا، وتصرفاتنا، وتفكيرنا حتى باتت قيد خانق يبقينا داخل صندوق قناعاتنا ونخشى حتى محاولة الخروج منه. بل إن هذه القناعات حرمت كثيرا من الناس إيجاد حلول ممكنة لمشاكلهم بدعوى أنها مشاكل ليس لها حل وقد تم الحكم عليها بذلك دون أدنى محاولة. وهي الصورة الذهنية التي يرسمها الإنسان لنفسه والتي تولدت من تفسيره لكل تجاربه في الحياة وعليها ترتكز نظرته إلى قدراته وعلاقاته وطرق تعامله لأنها خلاصة قيمه واعتقاداته. ذكرني ذلك بقصة أحد الطلاب في واحدة من جامعات كولومبيا فقد حضر ذلك الطالب، محاضرة لمادة الرياضيات وجلس في آخر القاعة ونام بهدوء وفي نهاية المحاضرة استيقظ على أصوات زملائه ونظر إلى السبورة فوجد أن الأستاذ كتب عليها مسألتين، فنقلهما بسرعة وخرج من القاعة وعندما رجع إلى منزله بدأ يفكر في حل هاتين المسألتين. كانت المسألتين في غاية الصعوبة، فذهب إلى مكتبة الجامعة وأخذ المراجع اللازمة وبعد أيام استطاع أن يحل المسألة الأولى، وفي محاضرة الرياضيات اللاحقة استغرب أن الأستاذ لم يطلب منهم ما كلفهم به فذهب إليه وقال له: يا أستاذ لقد استغرقت في حل المسألة الأولى أربعة أيام وحللتها في أربع أوراق تعجب وقال للطالب: ولكني لم أكلفكم بأي واجب !! والمسألتان اللتان كتبتهما على السبورة هي أمثلة للمسائل التي عجز العلم عن حلها !! إن هذه القصة الواقعية هي خير مثال للقناعات السلبية التي نتوارثها ونرسخها فيمن خلفنا،وإن هذه القناعة السلبية جعلت الكثير من العلماء لا يفكرون حتى في محاولة حل هذه المسألة، ولو كان هذا الطالب مستيقظا وسمع شرح أستاذه لما فكر في حلها. ولكن رب صدفة خير من ألف ميعاد. خلاصة الكلام إن هناك فرص كثيرة لحل مشاكلنا وما يعتري حياتنا من صعوبات ومطبات وكل ما علينا هو التفكير خارج الصندوق وأن نعطي أنفسنا الفرصة لذلك ولا نقف مكتوفي الأيدي عاجزين. نعم عاجزون لأن خيارنا كان هو القناعات السلبية ولأن ما نزرعه هو حقنا ما نحصده. هناك الكثير من الناس يضل الاستسلام هو خيارهم ليتعايشو في ظل مشاكل لا تكلفهم إلا التوكل على الله والاستعانة به، ومن ثم العزيمة القوية والنظر للمشكلة من زوايا عديدة وتبني نظرية تجربة البحث عن الحلول بطرق مختلفة كل مرة، والاستعانة بمن لديهم الاستعداد للمساعدة واستبدال القناعات السلبية بقناعات إيجابية شعارها لكل مشكلة حل ولكل باب مفتاحه الخاص به، فتوكلوا على الله وابحثوا عن مفاتيحكم وستجدونها قريبة جداً من الزوايا التي استبعدتم البحث فيها.