عقدت في الأممالمتحدة في جنيف على هامش أعمال الدورة 34 لمجلس حقوق الإنسان ندوة حول أوضاع الإعلام والصحفيين في اليمن عقب انقلاب المليشيات المسلحة على السلطة الشرعية. تحدث في الندوة عضو لجنة الأممالمتحدة لمكافحة التعذيب الدكتور عبد الوهاب الهاني الذي أكد أن الآليات الدولية لحقوق الإنسان تواجه حالياً معضلة في التعامل مع الانتهاكات التي ترتكبها المليشيات المسلحة بعد سيطرتها على مناطق جغرافية واسعة في عدد من البلدان ومن بينها اليمن، مشيراً إلى أن الحكومات عندما ترتكب انتهاكات لحرية الرأي والتعبير وتضطهد الصحفيين أو تعتقلهم أو تمارس التعذيب ضدهم لإسكات أصواتهم، فإن هذه الحكومات تتعرض للمساءلة أمام الآليات الدولية لحقوق الإنسان مثل مجلس حقوق الإنسان أو اللجان الخاصة المعنية بمكافحة مختلف الانتهاكات. وأوضح أن المليشيات المسلحة عندما تصبح سلطة الأمر الواقع في مناطق بعينها، فإنها لا تتعرض للمساءلة، حيث لا تمثل أمام الآليات الدولية القائمة على تلك المحاسبة. وتعكف الآليات الدولية حالياً على دراسة كيفية التعامل مع هذه المليشيات التي تضطهد وتقتل الصحفيين وتمارس التعذيب ولا يحكمها إلا قانون الغاب وسفك الدماء والغطرسة. وأكد الحقوقي رولاند بارنز ضرورة تشديد الأممالمتحدة في ملاحقة كل من يرتكب انتهاكات حقوق الإنسان أياً كان وفي أي مكان في العالم وسواء كانت قوات حكومية أو مليشيات. مشيراً إلى أن هذه القضية يتعين الإلحاح عليها في مجلس حقوق الإنسان حتى لا تفلت الجماعات المسلحة من العقاب على جرائمها، ولتذكيرها بأنها بصفتها سلطة الأمر الواقع فهي ملتزمة باحترام الاتفاقيات والمعاهدات التي وقعت عليها الدول التي تسيطر المليشيات على أراضيها. وركز الصحفي اليمني عبد الله إسماعيل على حجم انتهاكات الحوثي وصالح ضد الصحفيين ووسائل الإعلام مشيراً إلى تواصل هذه المأساة حتى الآن، ومطالبا بملاحقة وردع كل من يقوم بتلك الممارسات. وقدم ورقة خلال الندوة حول أوضاع وسائل الإعلام قبل وبعد الانقلاب، أكد فيها أن اليمن كان لديه 265 مطبوعة ما بين يومية وأسبوعية وشهرية قبل 21 سبتمبر 2014 وهو اليوم الأسود لسقوط صنعاء في أيدي المليشيات الانقلابية، مبيناً أن إجمالي الصحف والمطبوعات حالياً في اليمن لا يتعدى 10 مطبوعات، كما كان باليمن 4 قنوات تلفزيونية رسمية و15 قناة خاصة، ولم يعد فيها الآن سوى قناتين رسميتين وقناتين خاصتين تابعتين للحوثي وصالح. وحول وسائل الإعلام الإلكترونية قال: إن الميليشيات حجبت 30 موقعاً إخبارياً، وأن اليمن تصنف حالياً بين أكثر بلدان العالم انتهاكاً للصحفيين وحرية التعبير مع الصين والمكسيك وإيران. وأوضح: أن المليشيات استخدمت الصحفيين كدروع بشرية وقتلت العديد منهم، وقد صنفت منظمة (صحفيون بلا حدود) الحوثيين على مدى 3 سنوات في المرتبة الثانية كأكبر منتهك لحقوق الصحفيين بعد تنظيم داعش. وتحدث الصحفي اليمني بليغ المخلافي، عن محنة حرية الرأي والتعبير في اليمن وتقلص مساحة الحريات منذ الانقلاب. وأوضح أن 18 صحفياً مختطفاً لازالوا معتقلين لدى الانقلابيين الذين صادروا جميع وسائل الإعلام ونهبوا مقارها ودمروا مكاتبها وأجبروا وسائل الإعلام الأجنبية على مغادرة اليمن للعمل من عواصم أخرى، كما أجبروا الصحفيين اليمنيين على النزوح إلى مأرب رغم صعوبة الأوضاع هناك نظراً للعدد الكبير للنازحين الموجودين هناك. أما الصحفي اليمني نبيل الأسيدي، فقد تحدث عن الصحفيين المختطفين في اليمن على أيدي المليشيات الحوثية وقوات صالح، مفيداً أن استهداف الصحفيين كان أولوية الانقلابيين لما يمثله الإعلام من خطر عليهم. وأنهم منذ دخول العاصمة صنعاء بدأوا في التنكيل بالصحفيين وقاموا بتصفية 20 منهم وأخفوا قسريا 42 إعلامياً، واعتقال أعداد كبيرة من الصحفيين والمدونين والنشطاء على وسائل التواصل الاجتماعي، وتعرض معظمهم للتعذيب الذي أفضى في عدة حالات إلى الموت. وطالب الأسيدي بإطلاق سراح كافة الصحفيين المعتقلين لدى المليشيات.