تأتي زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- إلى اليابان، لتؤكد أهمية العلاقات بين البلدين الصديقين التي امتدت لأكثر من 60 عاما، حيث تعد المصالح التجارية والاقتصادية ركيزة مهمة في علاقاتهما الثنائية، وتؤكد الزيارات المتبادلة بين كبار المسؤولين حرص المملكة على تعزيز وتقوية الشراكة الشاملة والتعاون في شتى المجالات التي تخدم مصالح وازدهار البلدين، وترتبط المملكة مع اليابان بعلاقات تجارية واقتصادية متينة، وصداقة قوية ومتميزة تقوم على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة. وتعد اليابان ثالث أكبر شريك تجاري للمملكة، وتزودها بأكثر من 35% من وارداتها النفطية بقيمة تتجاوز 45.4 مليار دولار سنوياً، فيما تصل قيمة الصادرات اليابانية للمملكة نحو 7.5 مليار دولار سنوياً، ويعمل البلدين على تنفيذ الرؤية السعودية اليابانية المشتركة 2030. مذكرات تعاون البلدين وقعا خلال زيارة الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- على مذكرة تعاون في مجال الثورة الصناعية الرابعة، وبرنامج تعاون لإنجاز الرؤية السعودية اليابانية 2030 في مجال التعاون الثقافي، بالإضافة إلى مذكرة تعاون في شأن تنظيم إجراءات منح مواطني البلدين تأشيرات زيارة، إضافة إلى توقيع عدد من الجهات الحكومية والقطاع الخاص على عدد من الشراكات ومذكرات التعاون، وهي خير دليل على حرص البلدين على استمرار الصداقة والعمل المشترك. شريك تجاري وتعتبر اليابان ثاني أكبر اقتصاد عالمي، والشريك التجاري الثاني للمملكة وإحدى أكبر الدول المستثمرة في المملكة، في عدة مجالات منها البتروكيماويات، وينتظر اليابان عددا كبيرا من الفرص الاستثمارية الجزئية بالمملكة في العديد من المجالات من بينها الصناعة والطاقة والبيئة والبنية الأساسية والخدمات المالية والتعليم والصحة وتطوير القوى العاملة، وهو ما أكده الجانبان على أهمية ضرورة بذل المزيد من التعاون في مجال الطاقة وتبادل الخبرات واستمرار التعاون في التخزين المشترك للبترول والتعاون في مجالات الطاقة التقليدية والطاقة البديلة والمتجددة، وكذلك المساعدات الفنية اليابانية للمملكة لتطوير سياستها حول فعالية الطاقة من خلال وسائل مثل إرسال الخبراء وعقد الندوات، بالإضافة إلى المزيد من التعاون في الاستثمار المتبادل والمفاوضات البناءة المستمرة حول تشجيع البيئة التجارية ونحوها. تبادل ثنائي ويبلغ حجم التبادل التجاري بين المملكة واليابان نحو 212 مليار ريال، 86% منها في مجال النفط والبتروكيماويات، 6% منها في المياه والطاقة، 5% في مجال البناء، ولليابان العديد من الاستثمارات في المملكة تقدر قيمتها 15 مليار دولار، وتشكل المنطقة الغربية للمملكة أهم المناطق الاستثمارية لليابان في المملكة إذ تنشط فيها أكثر من أربعين شركة يابانية، كما أن المملكة تعتبر أكبر مصدر للنفط لليابان وبلغ مجمل ما استوردته اليابان من النفط من المملكة خلال العام الماضي 2015 أكثر من 63 مليون برميل، ويصل حجم رصيد الاستثمارات اليابانية في المملكة 56 مليار ريال، وتتوزع على عدد من القطاعات الاستثمارية، ويستحوذ قطاع الصناعة ما نسبته 86% من إجمالي الاستثمارات، وتتركز في صناعات البترول والمنتجات الكيميائية، يليها قطاع الكهرباء والمياه بنسبة 6.4% ثم قطاع التشييد والبناء بنسبة 4.9% وتستهدف المملكة توسيع مجالات الاستثمارات اليابانية وتنويعها لتشمل القطاعات الواعدة استثمارياً مثل النقل والصحة والتدريب وتقنية المعلومات وغيرها. علاقات تاريخية وتسعى كل من الرياض وطوكيو لتعزيز التعاون الثنائي بينهما في المجالات الاقتصادية والفنية والتعليمية والعلمية والثقافية، وللتأكيد على أهمية تطوير التعاون الصناعي بين البلدين في جميع مجالاته، بما في ذلك برنامج التعاون الصناعي السعودي - الياباني، في الوقت الذي يلوح فيه في الأفق تطلعهما إلى زيادة تدفق حجم الاستثمارات اليابانية في القطاعات الصناعية والخدمية في المملكة وعزمهما على العمل معا للاستفادة من المزايا النسبية الكثيرة المتوفرة في الاقتصاد السعودي، وما ينعم به من استقرار ونماء. المعهد السعودي الياباني ومع تصاعد نسبة الخريجين في المعاهد والجامعات السعودية تزايدت نسبة البطالة في ظل سوق عمل تتطلب مهارات تقنية وخبرات عملية كبيرة، أصبح موضوع توظيف الشباب السعودي هو الأكثر أهمية بالنسبة للحكومة في الوقت الحاضر وعلى الرغم من أن هناك أعداداً كبيرة من الخريجين العاطلين تتصاعد بشكل يومي، فإن القطاع الخاص وخاصة قطاع السيارات، ما يزال متردداً في توظيف الشباب السعودي بسبب عدم الثقة في إمكاناتهم، وذلك عائد إلى مؤهلات الخريجين التي لا تنسجم مع متطلبات سوق العمل المتطورة في قطاع صناعة السيارات. ومن خلال استشعار الدور الوطني للقطاع الخاص سعى قطاع السيارات اليابانية في المملكة إلى توفير فرص التدريب المنتهي بالتوظيف للشباب السعودي على تقنية صيانة السيارات وتزويدهم بالخبرات اللازمة التي تنسجم مع متطلبات سوق قطاع السيارات من خلال إنشاء المعهد العالي السعودي الياباني للسيارات، ويتطلع قطاع السيارات في المملكة إلى استيعاب هؤلاء الخريجين مباشرة بدون أدنى تردد بالإضافة إلى الإسهام الفعلي في خطط السعودة التي يمكن أن تتحقق بشكل عملي وواقعي. وقد كانت بداية هذا المشروع الطموح عندما قام موزعو السيارات اليابانية في المملكة المشاركون في المعهد بالاتصال باتحاد مصنعي السيارات اليابانية حيث طرحوا فكرة إنشاء كلية أو معهد لتطوير مهارات الشباب السعودي في مجال تقنية وصيانة السيارات، وقد نتج عن هذه الاتصالات أن الحكومتين السعودية واليابانية وقعتا مذكرة تفاهم أثناء زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود إلى اليابان في شهر أكتوبر عام 1998م، عندما كان ولياً للعهد، تلتزمان فيها بدعم القطاع الخاص في كل من البلدين من أجل إنشاء معهد أو كلية متخصصة في تقنية وصيانة السيارات، وبالفعل تم إنشاء المعهد العالي السعودي الياباني للسيارات. تصدير النفط وتبقى المملكة الممول الأول لليابان إذ ارتفعت واردات اليابان من النفط الخام السعودي بنسبة 6% على أساس سنوي لتصل إلى 1.16 مليون برميل يوميا، واستطاعت اليابان أن تؤمن احتياجاتها من النفط العربي حيث بلغت واراداتها 72.15 مليون برميل نسبة 79.2% من أصل الواردات الإجمالية في شهر مايو الماضي حسب بيانات وكالة الطاقة والموارد الطبيعية للعام الماضي، وبذلك بقيت المملكة أكبر مزودة لليابان بالنفط الخام بكمية 35.98 مليون برميل أو نسبة 35.1% من إجمالي الواردات. الميزان التجاري وحقق الميزان التجاري السعودي فائضا بنحو 17 مليار دولار مع اليابان، حيث بلغت قيمة الصادرات السعودية إلى اليابان 23.3 مليار دولار، بينما بلغ حجم ما استوردته السعودية من اليابان 6.2 مليارات دولار، في العام 2015 في حين أن الميزان التجاري الياباني مع 9 دول من منطقة الشرق الأوسط يبلغ 49.6 مليار دولار لصالح هذه الدول، وتستأثر المملكة لوحدها بما يزيد على 34%، ويأتي المجال النفطي والبتروكيماويات والسيارات والأجهزة الكهربائية أبرز مجالات التبادل التجاري بين البلدين. الاستثمارات المتبادلة وتنشط العديد من الشركات السعودية في اليابان في أسواق الأسهم والعقارات، أما حجم الاستثمارات اليابانية في المملكة بحسب إحصائيات الهيئة السعودية العامة للاستثمار تصل إلى 15 مليارا، والتي جاءت نتيجة الثقة التامة في جودة منتجه مقارنة بمنتجات شركات الدول الأخرى، وإلى معرفتها التامة بذكاء المستهلك السعودي. المصالح التجارية والاقتصادية ركيزة مهمة في علاقاتهما الثنائية