تعد زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز إلى العاصمة اليابانيةطوكيو حدثاً كبيراً، يجب الاستفادة منه في تعزيز التواصل الثقافي والفكري بين البلدين، والتعاون في مجالات الطاقة والأمن وتأمين فرص استثمارية في شتى المجالات. تتجسد أهمية هذه الزيارة بالتعرّف على ثقافة وتراث اليابانيين وعاداتهم وتاريخهم الحضاري وتقديم حضارتنا لهم وثقافتنا بصورها العريقة والجميلة. حيث تتميز ثقافة كل بلد بقدرات مختلفة، فالفكر الياباني وثقافته تعظم احترام العمل، وعند الحديث عن ارتباط الصناعة بتحسين الحياة. يخبرنا أن الإبداع في تنظيم سوق العمل والإنتاجية تهدف بقيمة العمل وتأسيس يتجلّى في الاستعداد لصناعة دولة رائدة في الاقتصاد، ونحن بحاجة إلى الاستفادة من هذه الروح التي تحقق بواسطتها إرادة وقدرة الكوادر الوطنية المتجانسة المنتمية إلى حضارة وثقافة وأهداف موحدة. وإلى عهد قريب كانت اليابان تعتمد على الطاقة النووية حتى العام 2011، لإنتاج ما يقارب 30 % من حاجة البلاد إلى الكهرباء، لكن كارثة التسرّب النووي بعد زلزال فوكوشيما أدى إلى قرار حكومي بإغلاق جميع المفاعلات النووية. وقد قرّرت الحكومة الحالية إعادة هذه المفاعلات إلى العمل بشروط سلامة صارمة، وقد شغّلت بالفعل أول مفاعلين في 2015 ، وعمدت إلى استيراد النفط بسبب هذا الإغلاق، وزاد اعتماد اليابان على النفط المستورد بشكل كبير، ليصل حجم وارداتها السنوية إلى 3.4 مليون برميل يومياً، ثلثها تقريباً من السعودية. بل أظهرت بيانات وكالة الطاقة والموارد الطبيعية في اليابان أنها استوردت 1.19 مليون برميل يومياً من النفط السعودي في مارس من العام الحالي بزيادة 200 ألف برميل عن مارس 2013 . وما يبدو لنا مهماً أن نلاحظه، هو اتفاقية التعاون للانتقال بالصناعة السعودية لعصر الثورة الصناعية الرابعة بالاعتماد على التقنية، والاتفاق على دراسة إدراج أرامكو ببورصة طوكيو في حال اكتتابها المتوقّع العام القادم. إن أهمية هذا التعاون والتبادل إقامة مناطق اقتصادية خاصة بالشركات اليابانية بالسعودية لزيادة جذب الاستثمارات، وكذلك دعم النهوض بالمنشآت الصغيرة والمتوسطة وكذلك اقتراب الشركات اليابانية من الشرق الأوسط كأحد أهم أسواقها مستقبلاً. ويأتي في إطار الأهمية أيضاً اتفاقيات التعاون التقني والفني وتعزيز العلاقات القديمة جداً مع المملكة كأكبر الشركاء التجاريين و46 سجلًا يابانيًا مسجلًا بالمملكة والعلاقات السعودية اليابانية تقدّر ب117 مليار ريال حجم التعاون بين البلدين . وقد انعكست قوة العلاقات الاقتصادية على مستوى وحجم التبادل التجاري بين البلدين لفترة طويلة، حيث تعد اليابان من أكبر الشركاء التجاريين للمملكة، إذ بلغ حجم التبادل التجاري بين المملكة واليابان عام 2015، 117 مليارًا و969 مليون ريال، فيما بلغ حجم صادرات المملكة إلى اليابان 80 مليارًا و683 مليون ريال، في حين بلغ حجم الواردات من اليابان 37 مليارًا و286 مليون ريال، ويميل الميزان التجاري لصالح المملكة، فيما بلغ حجم التبادل التجاري عام 2014 حوالي (194) مليار ريال، حيث تمثّل صادرات المملكة إلى اليابان حوالي (156) مليار ريال وصادرات اليابان إلى المملكة (37) مليار ريال. وفق أنباء اقتصادية نقلتها وسائل إعلام دولية. والشراكات قديمة وعديدة مثل شركة بترورابغ بين أرامكو وسوميتومو حجم استثماراتها أكثر من 40 مليار ريال، ويستقبل السوق السعودي من الصناعات اليابانية مثل السيارات وقطع الغيار والإلكترونيات، وحجم التبادل التجاري يصل سنوياً إلى 56 مليار دولار. ولهذا نجد أن الاستثمارات اليابانية في المملكة في قطاع الصناعات التحويلية مثل البتروكيماويات صناعة رائدة، تسعى إلى رفع قيمة متوازنة في هذا الظرف العالمي الجديد، وبالنظر إلى أن اليابان هي موطن كبرى شركات صناعة السيارات والمعدات الثقيلة والتكنولوجيا فهناك فرص لجذب استثمارات يابانية لمنفعة البلدين على حد سواء. والبلدان يرتبطان بعدد من الاتفاقيات ومذكرات التعاون بينهما وهي: اتفاقية التعاون الاقتصادي والفني بين الحكومتين، وتجنب الازدواج الضريبي ولمنع التهرب الضريبي بين البلدين، ومذكرة تعاون بين وزارة المياه والكهرباء في المملكة وكل من وزارة الاقتصاد والتجارة والصناعة ووزارة الأراضي والبنية التحتية، ويمكن إدراك أهمية هذه الزيارة الرسمية التنوع الكبير من قوة اقتصادية وسياسية وثقافية وأمنية، وإلمام المملكة بتفكير إستراتيجي يواجه تحديات العصر، وتبادل العناصر الحضارية المؤثّرة في الثقافات لتؤكّد أن حضارتنا غير معزولة.