د. حمدان الشهري انطلاقا من تعدد العلاقات وتنويع المصالح والشراكات تأتي زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله - لعدة دول آسيوية فيما يتناسب مع تعميق العلاقات وتأطيرها تماشيا مع التحول الذي تسعى له المملكة ليس فقط في اقتصادها، بل وتوسيع قاعدة استثماراتها في شتى الأصعدة سواء كانت سياسية أم اقتصادية وحتى أمنية. بدأت الزيارة لخادم الحرمين بدول إسلامية ماليزيا وإندونيسيا وكما هو معلوم فكلا البلدين فاعلان على المستوى الإسلامي والدولي، فهما من مجموعة العشرين. بالإضافة إلى كونهما دولتين مهمتين في قارة آسيا فماليزيا أحد هذه النمور التي ارتقت باقتصادها بشكل يستحق الإعجاب، بل ويعتبر أحد الأمثلة الناجحة التي يحتذى بها. وقد تم التعاون مع كوالالمبور في مجالات اقتصادية شتى وتوقيع العديد من الاتفاقيات منها استثمارات بترولية وقعتها شركة أرامكو مع بتروناس الماليزية. إلا أن المملكة تستطيع الاستفادة من هذا البلد في كيفية استقطاب شركات هذا البلد والتعاون معها والاستفادة من خبراتها العملية والمعرفية وكذلك التعليمية. وكم أتمنى لو استطاع طلابنا المتخرجون من جامعات ماليزيا البقاء والعمل مع الشركات الماليزية لمدة تصل لعقد من الزمن حتى يعود أبناؤنا وقد تعلموا الجزء العملي الهام وليس النظري فقط حتى ينقل لنا تلك الخبرات وآلية العمل في تلك الشركات. وقد قامت المملكة أيضا في هذه الزيارة الملكية بتوقيع اتفاقات عدة كذلك مع إندونيسيا البلد الأكبر بعدد المسلمين والمتعطشة لزيارة خادم الحرمين الشريفين في صورة رائعة عكست حب هذا البلد للمملكة وشعبها وحكامها. وتأتي الاستثمارات السياحية في بلد مثل إندونيسيا من الأهمية بمكان لأن ذلك سيساعد جاكرتا على استقرارها ونمائها اقتصاديا وأن تبقى رادفا للقوة الإسلامية وللتحالف الذي عملته المملكة العربية السعودية والمكون من 41 دولة في مواجهة الإرهاب. تبقى إندونيسيا وماليزيا من الدول المشاركة في محاربة داء العصر الذي أكثر ما ضر بلداننا الإسلامية والتصدي له يتطلب التعاون المستمر والتنسيق الدائم وتبادل المعلومات والخبرات وتطوير المؤسسات الدينية وتفعيلها لتقوم بدورها الكبير. كذلك الحذر من التدخلات الإيرانية في بلداننا والانتباه لها فهي سبب الخراب والدمار لما تمر به بلدان عربية اليوم باعتراف قادتهم اليوم بأنهم قد احتلوا أربع عواصم عربية. إن ما تقوم به المملكة العربية السعودية ليس مشروع آخر موازٍ لما تقوم به إيران إنما إيقاف لمشروعات إيران الهدامة. فإيران تنفذ إلى المجتمعات بطريقة طائفية بغيضة ثم ما تلبث أن تسلح مواليها الذين يتحولون إلى مليشيا تابعة لطهران ثم تنقلب هذه المليشيا على بلدها حتى إذا تمكنت منه انقلبت بهذا البلد على باقي البلدان الإسلامية. ما تقوم الرياض به اليوم هو جمع كلمة المسلمين صفا واحدا وجمع البلدان وترابط شعوبها بحكامها حتى لا يتضرر ذلك البلد ثم يكون في متناول الجماعات الإرهابية والتدخلات الإيرانية. كذلك تأتي زيارات إلى بلدان مثل الصينواليابان زيارات لأهم وأكبر الدول اقتصادا في العالم. فالصين تعتبر ثاني اقتصاد عالميا وتليها اليابان في المرتبة الثالثة والتحول الوطني السعودي 2020 والرؤية 2030 تجعل من تعميق العلاقات مع هذه الدول العملاقة اقتصاديا عين العقل. فالاستفادة من خبراتهم والعمل مع شركاتهم واستجلاب تقنياتهم ثم توظيف هذه الشراكات الاقتصادية إلى مواقف سياسية مستقبلية يعتبر من أهم المسارات في محيط العلاقات الدولية حيث إن السياسة والاقتصاد يتبادلان الأولوية من حين لآخر. الصين هي قوة عالمية قادمة استطاعت بذكاء البعد عن الصراعات الدولية المسلحة لتستثمر طاقاتها في الجانب الاقتصادي وبناء قدراتها العسكرية المهولة. إلا أن الصين المهتمة بنفط المملكة أكثر من غيرها في الجانب الآخر من العالم وخصوصا أن النفط هو أهم رافد لاستمرار مسيرتها الاقتصادية الصاعدة والذي سيكون العمود الفقري لطريق حريرها الاقتصادي سيجعل بيجين تتقارب إلى حد الشراكة بل تصل حد التحالف في مواقفها السياسية معنا بل وسيجعل الصين تشارك بثقلها السياسي مستقبلا لصالح قضايا المنطقة فلذلك تأتي أهمية هذه الزيارة وتطوير العلاقات معها بشكل مطرد في الأيام القادمة. ولأن الصين دولة مصنعة للسلاح وكذلك لأن السعودية لديها تعاون مسبق مع بيجين فلن تتأخر في توفير ما تريده الرياض وإمدادها بما تحتاج. الصين بلد المليار ومثله من فرص التعاون التي ستعود بلا شك بالنفع على الرياض وبيجين. وتبقى اليابان بلد التكنولوجيا والطاقة المتجددة وصاحبة الاختراعات والقطارات وشبكات المواصلات والاتصالات المعقدة. وكل ذلك كان خلفه جامعات وتعليم خارق أدى إلى ما نراه اليوم من تطور والاستفادة من هذه الشركات وعمل الشراكات معها ومع الجامعات سيساهم بلا شك في تنويع مصادر الدخل للمملكة في ظل الرؤية 2030. وستظل طوكيو أحد البلدان التي يتسابق عليها العالم الأولي قبل الثالث للاستفادة من إمكاناتها وخبراتها.