بكل فخر واعتزاز تنفرد محافظة عفيف من دون سائر محافظات ومدن مملكتنا الفتية بحدث تاريخي هام أصبح قلادة في عنقها وهلالاً على هامتها وتاجاً على رأسها وضاء يبرق وميضه كلما ذكر صقر الجزيرة وموحد البلاد مؤسس المملكة العربية السعودية المغفور له الملك عبدالعزيز ويشتد لمعانه كلما دوى صوت طائرة في سمائها. انه حدث يرتبط ارتباطاً وثيقاً بتاريخ مملكتنا الحبيبة وذكرى غالية بقلب كل مواطن بمحافظة عفيف ذلك هو تشريف المغفور له جلالة الملك عبدالعزيز بن عبد الرحمن آل سعود في يوم الأحد الرابع من شوال عام 1364ه وامتطائه صهوة الجو في الطائرة الميمونة ولأول مرة في تاريخه المنير. ذلك الطائر الميمون في ذلك اليوم الأغر زف عفيف بكراً، مهرها موقعها الاستراتيجي لتكون أول محطة للرحلات الجوية وكانت رحلة جلالته من عفيف الى الحوية بالطائف في تلك الطائرة (الداكوتا دي سي 3) المهداة من الرئيس الأميركي الراحل فرانكلين روزفلت، ومازالت عفيف تتشرف بهذا الحدث على مدى 74عاماً وازدانت ودخلت عالم الأولويات لتكون أول مدينة بالمملكة يستقل منها المؤسس اولى لبنات الأسطول الجوي السعودي ومن ذاك التاريخ أصبحت عفيف تشتهر بهذا الميزة العزيزة والغالية على قلب كل مواطن ويتباهى بها كيف لا؟ وهي ذكرى ذلك الرجل العظيم الذي بذل الجهد حتى أصبحت بلادنا واحة أمن وأمان ورخاء وازدهار وسار على ذلك أبناؤه البررة الى عهد الرخاء والازدهار عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- ومازال المواطنون يتطلعون لإحياء هذه الذكرى الغالية على قلوبهم في انشاء مطار مدني.. (وتجددت الذكرى الغالية في احتفال المملكة بالمئوية حيث حطت على ارض محافظة عفيف طائرة الموحد التي أقلعت منها عام 1364ه ) وقد حطت بنا رحلة اليوم في ربوع محافظة عفيف لننقل للقارئ الكريم بالصور والحروف ما شهدته من تطور ونمو حتى تحولت من مورد ماء إلى محافظة تضاهي كبرى محافظات مملكتنا الحبيبة. الموقع تقع مدينة عفيف في وسط هضبة نجد على خط عرض 33درجة و45 دقيقة وخط طول 42 درجة، 56دقيقة وهي تقع على خط الرياضمكة (القديم) والذي له أكبر الأثر في ازدهار الحركة التجارية في المدينة وهي تبعد عن الرياض حوالي 500 كم تقريباً وعن مكةالمكرمة 500 كم تقريباً. المساحة تبلغ مساحة مدينة عفيف للمخططات المعتمدة بحدود 15كم2 ومساحة المحافظة الإدارية حوالي 25 ألف كم2 الوضع الجيولوجي يحيط بالمدينة سلسلة من الجبال شمالاً وأشهرها وأحد معالمها (جبل أصفر عفيف) وجنوباً (جبل الأطولة) وارتفاعها عن سطح البحر يتراوح من 1050م إلى 1200م، وصخورها رسوبية وتربتها رملية ولا يوجد بها ماء لوقوعها في الدرع العربي. كما يوجد بعض الروافد التي تغذي وادي الرمة مثل وادي الجرير الذي يبعد عن مدينة عفيف 80 كيلو متراً شمالاً. وتعد مدينة عفيف المركز الإداري لمحافظة عفيف لتوسطها عدداً كبيراً من القرى والهجر والتي تبلغ حوالي 350قرية وهجرة. السكان يبلغ عدد سكان عفيف حوالي 100 ألف نسمة يضاف إليها سكان القرى المشمولة بالخدمات بحدود 60 ألف نسمة ليصبح العدد 160 ألف نسمة تقريباً. الملامح الاجتماعية والاقتصادية تطغى طبيعة سكان البادية على ملامح الحياة الاجتماعية واعتمادهم على تربية الماشية مستغلين بذلك للمساحات الواسعة من الصحراء لرعي ماشيتهم. وفي الوقت نفسه هناك نشاطات مصاحبة كالتجارة والزراعة كانت بشكل بسيط في بادئ الأمر ثم ما لبثت أن أصبحت هي الطابع العام للحياة المعاصرة خصوصاً مع التطور العام للمحافظة وازدهارها تعليمياً وتجارياً وعمرانياً. التسمية سميت عفيف نسبة الى عفيف العود عفيف بعين مهملة مفتوحة بعدها فاء موحدة مكسورة ثم ياء مثناة ساكنة، بعدها فاء موحدة ثانية ماء قديم معروف بهذا الاسم قديماً، وقد ذكر الشاعر الشعبي في ذلك: ثمان ليال نلطم العوص بالعصا وأدنى مواردها سجا وعفيف وتقع عفيف في بلاد بني كلاب وقد أورد محمد بن عبدالله بن بليهد في كتابه صحيح الأخبار البيتين التاليين وقال إنهما لشاعر من بني كلاب: وما أم طفل قد تجمم روقه تفرى به طلحا وسدراً تناسقه بأسفل غلان العفيف مقيلها أراك وسدر قد تخضر وارقه وذكر سعد بن عبدالله بن جنيدل بأن بلدة عفيف تأسست على إثر فتح المغفور له الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود للحجاز كمركز لتزويد السيارات بالوقود. فهي المرحلة الثانية إذا ساروا من الدوادمي ثم أخذت تنمو تدريجياً نمواً بطيئاً ولم تعمر بالمباني والبيوت السكنية إلا في عام 1363ه،حيث توافد إليها السكان من ضرية ومسكة ومن قرى القصيم فأخذوا يعمرون البيوت والدكاكين وقامت فيها سوق تجارية حتى أصبحت في هذا العهد بلدة نامية أخذت تظهر فيها المباني الحديثة ومحطات البنزين والمقاهي وذلك بفضل جهود حكومة خادم الحرمين الشريفين وفقها الله. وسكان عفيف فيهم نسبة كبيرة من الروقة من قبيلة عتيبة الذين استقروا فيها وتحضروا "انتهى حديث الجنيدل". ويذكر أن المغفور له الملك عبدالعزيز -رحمه الله- قد أصدر أمراً بإنشاء عدة محطات لتزويد السيارات الحكومية بالبنزين في الدوادمي وعفيف والمويه -وقد أنشئت هذه المحطات في عام 1359ه وكانت تعمل يدوياً عن طريق براميل يعبأ منها التنك- وهذه المحطة على بساطتها بالنسبة لقارئ اليوم إلا أنها كان لها أثر فعال في نشأة وتطور مدينة عفيف حيث تغيرت نحو النمو الحضاري الحديث واتسعت من مدينة الى محافظة مترامية الاطراف مرتبطة بحدودها مع القصيمومكةالمكرمة والجنوبية والشمال الغربي مع المدينةالمنورة. مرت عفيف بفترتين في نشأتها، أولاً: المورد "عفيف" الذي كانت تقطنه البادية صيفاً ولا أنيس به في فصل الشتاء والربيع سوى المسافرين بين نجد ومكة وقد أكثر الشعراء الشعبيون من ذكره فقال مخلد القثامي في محبوبة له: على الذي يجر قلبي ليا مر جر الرشا من فوق طية عفيف أما التشكيل الثاني فبدأ قبل اثنتين وسبعين سنة أي بعد المكرمة التي أهداها موحد البلاد المغفور له الملك عبدالعزيز -رحمه الله- لمحافظة عفيف وهي تلك المحطة التي ورد ذكرها آنفاً، ثم تعبيد الطريق الرئيس الذي يربط الرياض بالحجاز مروراً بمدينة عفيف وهو الشريان الاقتصادي الذي له الفضل بعد الله في ازدهار المدينة وتطورها. وحديثاً وبعد التغيير الشامل في كافة أرجاء المملكة العربية السعودية تغيرت هذه المحافظة نحو النمو الحضاري الحديث وانتشر التعليم بشكل سريع وخاصة في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -يرحمه الله- ثم دخلت هذه القرية مضمار الحضارة واندثر كثير من معالم الماضي، فقبل 72 عاماً تقريباً كان أغلب السكان يمارسون تربية الماشية والتنقل بها من مكان إلى آخر بحثاً عن المراعي عدا أيام الصيف التي يتم فيها الاستقرار على الآبار، والبعض الآخر كانوا يمارسون التجارة وجلب البضائع من أسواق مكةوالرياض -كانت معظم الأسر تمتلك عدداً من الجمال وهي وسيلتهم الوحيدة في التنقل بالإضافة كونها تستخدم لأغراض أخرى ولكن مع ظهور السيارات وتعبيد الطرق الرئيسة وتحول معظم البدو إلى الاستقرار في القرية قل ترحال البدو الذين يهتمون بتربية الماشية وهجرت معظم الآبار. وظهرت الأدوات والأجهزة الكهربائية الحديثة، وظهر الهاتف والتلفاز، وتطورت القرية وتوسع العمران فشهدت المدينة تطوراً كبيراً وتوسعت بصورة لافتة للنظر وأصبحت مركزاً تجارياً مهماً للبادية تتوفر فيها الدوائر الحكومية جميعها والأسواق التجارية والحدائق والمجسمات الجمالية حتى أصبحت خلال فترة قصيرة مدينة جميلة. لم يكن هناك تعليم منظم بواسطة الكتاتيب وإنما يقوم السكان بتعليم أبنائهم القرآن الكريم بواسطة بعض الحفظة وهم قلة آنذاك وقد بدأ التعليم النظامي في عفيف عام 1368ه حيث افتتحت اول مدرسة وهي المدرسة السعودية اذ صدرت الموافقة على افتتاحها من قبل مدير عام المعارف في عام 1368ه. والجدير بالذكر ان غالبية من حصل على شهادة النجاح بالصف السادس خلال الأعوام 1372ه الى عام 1376ه قاموا بالتدريس في مدرسة عفيف ونذكر منهم: د. إبراهيم محمد العواجي، عبدالله بن محمد العويد، سعود بن عبدالعزيز البيز، على بن نيف السويطي، محمد مشاري الهاجري، جاسر سيف الهاجري، عبدالله عبدالعزيز المتعب، صالح سليمان المغير، فهد عبدالعزيز المتعب، حمدي الحميدي الحربي. من ذلك توالى افتتاح المدارس وشهدت المحافظة نهضة تعليمية بنين وبنات وخرجت كلية التربية الكثير من بنات المحافظة واللاتي انخرطن في سلك التدريس ويتطلع المواطنون بالمحافظة الى التوسع بالتعليم الجامعي بالمحافظة من خلال افتتاح فروع للجامعات وكليات للعلوم والطب لتستوعب الكثير من خريجي الثانويات العامة والذين تمنعهم ظروفهم الأسرية من مواصلة تعليمهم الجامعي غيرالمتوفر في الوقت الحاضر فيها. وشهدت محافظة عفيف في هذا العصر الزاهر عصر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز نهضة مباركة في مجالات التنمية المختلفة الاقتصادية والتعليمية والعمرانية وما زالت تنشد الكثير وان كان من أهمها مستشفى عفيف 200 سرير ورفع فئات بعض الاجهزة الحكومية لكي تستطيع الارتقاء بالخدمات المقدمة للمواطنين وافتتاح مكاتب للخدمات البلدية وفروع للبلديات في القرى حيث المحافظة مترامية الأطراف والمطار الاقليمي وربطها بسكة الحديد وجلب الماء المحلى من مشروع خادم الحرمين الشريفين مرورا بمحافظة المهد. آثار المحافظة: بركة زبيدة بالقرب من الصقرة والخضارة بعفيف والتي انشأتها زبيدة زوج هارون الرشيد. هذه السيدة الفاضلة ومنذ نعومة أظافرها أرادت بأن يسطر اسمها في كتب التاريخ الإسلامي وأن يبقى علماً وقدوة يحتذي به في البذل والعطاء. لقد كان حلم حياتها الوحيد هو السهر ورعاية حجاج بيت الله ومن هنا بدأت بإقامة البرك على طريق الحجاج معالم سياحية: حديقة الملك عبدالعزيز بعفيف قامت بلدية محافظة عفيف بإنشاء حديقة الملك عبدالعزيز للعوائل والتي تشتمل على مسطحات خضراء وجلسات وملاعب وألعاب للاطفال وشلالات وبوفية للوجبات السريعة والمشروبات وتقع بالمدخل الشرقي للمحافظة وافتتحت للمتنزهين. وحديقة الملك عبدالله بحي السليمانية. وتوجد في عفيف جميع الاجهزة الحكومية ومنها المحافظة وادارة التعليم والتي يتبعها اكثر من 200 مدرسة يدرس بها اكثر من عشرين الف طالب وطالبة 1400 معلم ومعلمة، بالاضافة إلى بلدية عفيف وبلدية بدائع العضيان والمستشفى والجهات الأمنية من شرطة ومرور ومكافحة المخدرات والدفاع المدني وامن الطرق والاحوال المدنية والجوازات وفرع المالية والضمان الاجتماعي والغرفة التجارية والمعهد الصناعي الثانوي، والتجارة ومصلحة التقاعد والكهرباء والاوقاف والمحاكم والسجون والزراعة والمياه والتحقيق والادعاء العام ومكتب العمل والجمعية الخيرية وتحفيظ القرآن وجمعية إنسان والجمعية الخيرية النسائية (أمانة) ومركز التنمية الاجتماعية ولجنة التنمية الاجتماعية لجنة أصدقاء المرضى والنقل والموارد البشرية والآثار وحماية الحياة لفطرية والبريد والاتصالات والتعليم الجامعي بنين وبنات وتتوفر جميع الأنشطة التجارية والمصانع والشركات. ومن المعالم جامع الأمير سلطان: يعد "جامع الأمير سلطان بن عبدالعزيز" بمحافظة عفيف معلماً بارزاً، ومنبراً مشعاً للخير في المحافظة، وهو أكبر جامع في عفيف، وتم تأسيسه في عام 1398ه بتبرع كريم من صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز -رحمه الله-. وأعيد ترميمه على نفقته -يرحمه الله- .