ما أكثير ما نسمع قول بعضهم حكاية عن نفسه أو غيره: رددت له الصاع صاعين، أو فلان رد لخصمه الصاع صاعين، حتى صار الجميع تقريبا يفهم المقصود من المقولة حتى صارت مثلا شعبيا متداولا بسهولة. وهو مثل شعبي يكثر استخدامه في مجال التنافس والخصومات ومحاولة إقامة الحجج والبراهين أو الغلبة بأي طريقة؛ انتقام أو انتصار أو رد اعتبار. والحقيقة أن في تراكيب المثل هذا شيئا من الالتباس على المتعجل في فهمه، إذ إن رد الصاع صاعين شيء مفرح ظاهريا وكأنه مكافأة، فالصاع لدينا معروف أنه مكيال تكال به الحبوب خاصة، وتكال به بعض الأشياء، كما أن الصاع إناء يشرب به، ولكن المثل لا يدل على المكافأة الحسنة، بل على رد الحجة أو الشر بشر مثله أو ضعفه. إذاً فالصاع هنا يختلف عن فهمنا، فالصاع لعبة الصولجان وهي معروفة في القديم وقد كان يلعب بها الصبيان، لهذا استخدم الصاع في المنافسة والثأر والشر لا في الخير. فيقال رددت له الصاع صاعين أن قابلت شره بضعف ما جاءني منه وانتصرت للحق أو لنفسي أو لمظلوم أو لرد اعتبار. يقول الشاعر مصلح الحارثي: الحذفة اللي مالها فيك ميقاع تعدّها ولا تسبر الحذف من وين واليا اعترض لك حذفةٍ توجع أوجاع (رد السلف لمدوّر الصاع صاعين) ردٍ على بعض الرياجيل في ساع أخير من بكره وبعدين بعدين من عاد يقضي لك لزومك ليا ضاع واعجل ليا شفت الرياجيل عجلين وان زلت الفرصة توقّع توقاع ولا تقضي قرشٍ غادي لك بقرشين ويقول الشاعر وصل العطياني: خبصتوا سوالفكم ولخبطتوا الأرقام مثل قصّة اللي تخلط الكحل والحنّا وبعد إنها زادت عن الحدّ ما نلاّم عسى الله يهين أرواحنا لن تهاونّا لا والله (نردّ الصاع صاعين) للظلاّم ونعلن مع المظلوم كامل تضامنّا