الجمعة الماضي تسلم ولي العهد الأمير محمد بن نايف ميدالية "جورج تينت" التي تقدمها وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية للعمل الاستخباراتي المميز في مجال مكافحة الإرهاب ونظير إسهاماته في تحقيق الأمن والسلم الدوليين. جاءت هذه الجائزة تثميناً لجهود قيادة هذه البلاد برعاية الملك سلمان واعترافاً بنجاحات الأجهزة الأمنية اللافتة وتكريماً لدور الشعب السعودي بكافة ألوانه من سنة وشيعة وإسماعيلية في مواجهة الإرهاب؛ رمزية أخرى لهذه الجائزة وهي تكريم دولة تعتبر مرجعية العالم الإسلامي ما يعني أنه لا علاقة للإرهاب بالإسلام، وهذه رسالة مباشرة ترسلها واشنطن للعالم أجمع.. هذا تكريم مستحق لرجل دولة وسياسي محنك جاء اختياره لمنصب ولاية العهد الذي حظي بثقة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، ليؤكد انخراط الجيل الثاني من الأسرة الحاكمة في تولي مناصب عليا في الدولة ما يعني ترسيخ استقرار مؤسسة الحكم. لقد استحق الأمير محمد تولي هذا المنصب الهام بجدارة لما وهبه الله سبحانه وتعالى من إمكانات وقدرات متميزة أثبتت السنوات الفائتة سر تألقها وبروزها. كانت مواجهة الإرهاب أحد العناوين الكبيرة التي رسمها والده الراحل الكبير الأمير نايف بن عبدالعزيز الذي كان له الفضل بعد الله سبحانه وتعالى في أن تتجاوز هذه البلاد فترات عصيبة من وقتها حينما داهمها غول الإرهاب. تولى الأمير محمد بن نايف منذ حوالي العقدين من الزمن المواجهة الأمنية مع هذه الحركات حتى كاد أن يذهب ضحية لتلك المواجهة حينما حاولوا اغتياله. لقد لعب دورا مفصليا وبامتياز في ترسيخ الأمن والاستقرار في بلاده، وهو الذي قد خاطر بحياته تضحية وإخلاصا لهذا الوطن. ثمة أدوار أجادها الأمير محمد تحمل خلالها أعباء ومهاما جسيمة لعل آخرها الاضطلاع بالملف السياسي والأمني في بلاده لتجسد قصة رجل دولة ومجتمع في آن واحد. الأميركيون لا يجاملون عندما يتعلق الأمر بمسألة الأمن القومي، وبالتالي عندما تُتهم السعودية بأنها تدعم الإرهاب من بعض الجهات من داخل أميركا ثم تخرج هذه الجائرة من قلب واشنطن وبموافقة الكونجرس ومن جهاز أمني محترف ومعني بمواجهة الإرهاب بحجم وكالة الاستخبارات الأميركية، فإن هذا أكبر رد بليغ ومُفحم لمن يتهم المملكة بدعم الإرهاب. ولي العهد الأمير محمد بن نايف كان عرّاب ملف مواجهة الإرهاب ولا زال بالإضافة لمهامه العديدة؛ استند الأمير آنذاك لإستراتيجية أمنية لافتة صنعت الفارق ورجحت كفة المعادلة. ارتكزت أهدافها على الضربات الاستباقية وتفكيك الخلايا المتطرفة وتجفيف المنابع المالية والاستعانة بالتقنية المعلوماتية. كانت رؤيته وخبرته المتراكمة وتجربته الثرية سببا مفصليا في تحجيم وباء الإرهاب؛ جاءت هذه الجائزة تثميناً لجهود قيادة هذه البلاد برعاية الملك سلمان واعترافاً بنجاحات الأجهزة الأمنية اللافتة وتكريماً لدور الشعب السعودي بكافة ألوانه من سنة وشيعة وإسماعيلية في مواجهة الإرهاب. رمزية أخرى لهذه الجائزة وهي تكريم دولة تعتبر مرجعية العالم الإسلامي ما يعني أنه لا علاقة للإرهاب بالإسلام، وهذه رسالة مباشرة ترسلها واشنطن للعالم أجمع، لأنه كما قال الأمير محمد وهو رئيس مجلس الشؤون السياسية والأمنية أن الآراء السلبية التي تستخدم الدين كأداة على امتداد التاريخ الإنساني لا تعبر مطلقاً عن حقيقة الدين الذي تنتسب إليه. بالمقابل نحن لا نتوقع أن تكون علاقات البلدين وردية وليس بالضرورة أن تكون كذلك، ولكن يبدو أن الاتصالات والتصريحات واللقاءات في الأسابيع الماضية ما بين القيادة السعودية والمسؤولين الأميركيين دفع واشنطن إلى توضيح ما يمكن إيضاحه بعدما استشعرت استياء الأصدقاء إزاء سياساتها الضبابية السابقة. نشعر أن ثمة مؤشرات إيجابية نحو سياسة أميركية جديدة تستشعر حجم المخاطر والتحديات، وبالتالي مراجعة أخطائها أثناء الحقبة الأوبامية وإعادة صياغة سياستها بما يخدم أمن المنطقة. كشفت الجائزة حاجة البلدين لبعضهما البعض، كونهما ينطلقان من علاقات إستراتيجية وتاريخية، كما أشار ولي العهد الذي أكد بأن مصيره الفشل من يحاول دق إسفين بين البلدين. هناك أطراف وجهات لا ترغب في التقارب السعودي - الأميركي لأن ذلك لا يصب في مصلحتها، كاللوبي الصهيوني والإيراني وجماعات مؤدلجة. غير أن حديث ولي العهد جاء ليقطع الطريق لمن يحاول أن يصطاد في الماء العكر، وهذا يعني وجود تفاهمات صريحة ما بين البلدين على قاعدة الصراحة والندية والاحترام. كانت ولا زالت البراغماتية هي العنوان الكبير لتلك العلاقات. صفوة القول: الجائزة هي تقدير لجهود المملكة في مواجهة الإرهاب وتأكيد لمحورية دورها ومكانتها، ما يجعلها رقماً صعباً لا يمكن تجاوزه، فضلاً عن تثمين إسهامات ولي العهد في تعزيز الأمن والسلم الدوليين.