أصبحت فقرات وبرامج تحليل وتفنيد الأخطاء التحكيمية جزءاً أساسياً من البرامج الرياضية التلفزيونية في الكرة السعودية في السنوات الأخيرة بعدما ظهرت للمرة الأولى عبر قنوات ART في العديد من البطولات العربية والقارية والدولية وكانت فكرتها تقوم على تثقيف المشاهد بقوانين كرة القدم. تقلصت أهمية هذه الفقرات مع انفتاح المتابعين المتزايد على البطولات الأوروبية والشغف الكبير بمنافساتها، وأصبحت الجماهير قادرة على استيعاب القوانين التحكيمية وتقديم الرأي والأحكام والعودة لنصوص القانون دون الحاجة لانتظار آراء معظم المحللين الذين صاروا يملؤن الفضاء. ليست المشكلة بوجود هذه الفقرات والبرامج، بل في كثرتها وتراجع جودة المادة التي تظهر للمتلقي بفضل اعتلاء من هب ودب من الفاشلين وعديمي التاريخ التحكيمي لمنصات التقييم واكتشاف الأخطاء، إذ أصبحت مهنة التحليل ملاذاً لهؤلاء الذين لا يملكون أي تاريخ في التحكيم للبقاء في دائرة الضوء، وليتهم استطاعوا تقديم ما يفيد. قوانين كرة القدم بسيطة وليست معادلات كيميائية أو فيزيائية يصعب فهمها وتتطلب المزيد من الشرح، لكن المؤسف أن تتحول اللعبة لمحاولة التأثير على عواطف المتلقي فيتم الاستدلال بآراء حكام جلهم فشل في قيادة مباريات محلية فضلاً عن الوصول والمشاركة في بطولات قارية أو دولية. ساهم هؤلاء المحللون بسكب الزيت على نار الاحتقان الدائر في الوسط الرياضي وفي تعزيز حجة المسكونين بنظرية المؤامرة، وأسوأ من ذلك هو تبدل آرائهم بين حين وآخر وعلى حساب فرق معينة من أجل فرق معينة ولإرضاء شخصيات معينة، والنتيجة هي ممارسة المزيد من الضغط على الحكام ونشر التعصب وشحن الجماهير. لم يكف معظم هؤلاء المحللين عن تناقضاتهم وآرائهم المضحكة حتى وهم ينكشفون أمام الجماهير التي أصبحت تتفنن بنشر مقاطع الفيديو التي تفضح جهلهم وعدم قدرتهم على قراءة القانون وتطبيقه على الحالات التحكيمية بشكل عادل، فحالات الشد والدفع والركل تظهر ضد فرق وتغيب عندما تحضر فرق أخرى. معظم هؤلاء الذين يتم تقديمهم كخبراء فشلوا في إقناع الشارع الرياضي بقدراتهم كحكام ولا يزالون غير قادرين على إقناعنا بأدائهم خارج الملعب ومع ذلك يصرون على التزاحم في الفضاء من أجل البقاء في الوسط الرياضي وهم الذين أصبحوا عاطلين بعد ابتعادهم أو إبعادهم عن التحكيم ولم ينجحوا حتى في تقييم الحكام.