اليوم نتجه لتقييم عمل (لجنة الحكام), التي تحدثنا مع رئيسها عمر المهنا لإجراء حوار معه مثلما فعلنا مع رئيس لجنة المسابقات الدكتور خالد المقرن, فجاء الرد من المهنا بالقبول ولكنه اشترط إرسال الأسئلة على (الواتس أب), وهذا ما فعلناه, ولكننا في النهاية لم نجد أي تجاوب ولم يرد على اتصالاتنا. ولتقييم اللجنة التي كان عليها لغط كبير خلال هذا الموسم, حاولنا استضافة أهل الاختصاص ونعني بذلك الحكام السابقين, ولكننا واجهنا صعوبة في ذلك, فمن هؤلاء الحكام السابقين من اعتذر بحجة أن اللجنة منعته من التصريح, ومنهم من اعتذر مجاملة للحكام, ومنهم من لم يرد, ومنهم من سبق وأن أدلى برأيه مثل الحكم العالمي عبدالرحمن الزيد. ولذلك اتجهنا لمن نراهم جديرين بالتقييم واستضفنا كلاً من الزميل الأستاذ تركي الناصر السديري, والكابتن فؤاد أنور قائد المنتخب السعودي وفريق الشباب والنصر السابق, والزميل سامي اليوسف. تركي السديري: لجنةُ تهدم أكثر مما تبني البداية كانت مع الزميل تركي الناصر السديري الذي أكد أن لجنة الحكام.. فشلت فشلا ذريعا، بل «هدموا».. التحكيم الكروي, حينما تسببوا في نزع الثقة منه.. نتيجة انحيازهم للعمل الارتجالي العشوائي, وتهميشهم العمل العلمي الخلاق, مشيراً إلى أن لجنة الحكام ستظل حاضرة في ذاكرة الرياضة السعودية كأردأ لجنة في التاريخ, مضيفاً إننا نحتاج ل50 سنة لإصلاح ما ارتكبه العواجي والهويش ورفاقهما. وتابع قائلاً: أقل ما يفعل بحق هذه اللجنة منع أعضائها من العمل الرياضي قبل حلها الذي لا مفر منه! فلجنة المهنا والقحطاني يجب محاسبة من رشحها وباركها..فهم شركاء في تحمل «مصيبتها»! وأضاف: آن الأوان.. لعمل نقلة في المسألة التحكيمية تنهض بالتحكيم السعودي مستوى وعطاء وحيادية وثقة.. وضمان تواجد العقل والفكر والمنهج العلمي من الكفاءات المتخصصة والمؤهلة والجديرة بالانضواء إلى العمل في (منظومة) التحكيم الكروي .. بديلا ل(لجنة) الحكام, إذا .. لا بد من الانتقال من مرحلة (لجنة) تجاوزتها معطيات ومستجدات مرحلة الرياضة العولمية.. إلى مرحلة (منظومة) عمل ذات هيكل تنظيمي مواكب ومستوعب ومستجيب لمتطلبات حال وأحوال تطورية الكرة السعودية والقارية والعالمية. وأردف: هذه المنظومة لا بد أن تديرها كفاءة إدارية قيادية متخصصة وخلاقة.. تضع حدا لعمل «الفراسة» الذي تناوب عليه حكام يتقنون حمل الصافرة ولا يتقنون معارف وجدارة الإدارة علما وعملا». وأشار إلى أن تواجد (منظومة) التحكيم الكروي.. يستوجب إعادة تأسيس جديد لخارطة التحكيم.. تضمن تواجد «العلمية» في العمل: كوادر ولوائح ومعايير, وقال: «إذا ما فعلنا «بيريسترويكا» التحكيم.. سنضمن تواجد تحكيم وحكم سعودي متطور وموثوق به ولن يحمل صافرة الحكم أمثال مطرف والهويش والعواجي والفنيطل وماجد الناصر وأمثالهم. فؤاد أنور: أضعف لجان الاتحاد من جانبه، أكد فؤاد أنور لاعب فريق الشباب والنصر والدولي السابق أنه لم يشاهد أخطاء تحكيمية خلال مسيرته الرياضية مثلما شاهدها في الموسم الحالي, مشيرا إلى أن لجنة الحكام تعتبر أضعف لجنة من لجان اتحاد القدم, وأكثر لجنة أثير حولها جدل واسع وإشكاليات, واتفق الجميع على أنها لم تعمل ما يوازي سمعة الدوري السعودي, مستشهدا باختياراتها غير الصائبة لبعض الحكام في بعض المباريات الحساسة, مضيفا بأن تصريح الحكم السابق سامي النمري وضع علامة استفهام حول عمل هذه اللجنة, حيث اتهم الرئيس وبعض الحكام, وهذا أمر خطير. وتابع: في هذا الموسم حصلت كمية أخطاء تحكيمية لم أشاهدها خلال مسيرتي الرياضية, وحينما أقول أخطاء فهي أخطاء لم تقتصر على ناد واحد, بل تضرر منها الجميع واستفاد منها الجميع, ولو كانت الأخطاء في مباريات معدودة لتقبلنا هذا الأمر لأننا نلعب كرة قدم, والأخطاء فيها تعتبر جزءا من اللعبة, ولكن كمية الأخطاء في هذا الموسم جعلتنا نضع علامة استفهام حول أداء اللجنة والحكام. وأوضح أنور أن أكثر الرياضيين متذمرون من لجنة الحكام.. وقال: «من 60 إلى 70% من رؤساء الأندية الذين يخسرون الأموال, ومن اللاعبين الذين يقدمون جهدا كبيرا, تذمروا من عملية التحكيم, وهذه بحد ذاتها تكفي لإعادة النظر في لجنة الحكام, من رئيسها إلى الأعضاء إلى الحكام, ومتى أردنا أن يكون الموسم المقبل مختلفا عن هذا الموسم فلا بد أن يعاد النظر في اللجنة. وشدد على أن اتحاد القدم ملزم بالجلوس ومناقشة موضوعات اللجان كافة بشفافية ووضوح, وقال: «أعتقد بأن اتحاد القدم لو اجتمع وناقش موضوعات اللجان بشفافية لوجد نفسه أمام واقع لا مفر منه وهو أنه لا يوجد سبب معين لبقاء رئيس وأعضاء لجنة الحكام, وهذه مسؤولية تقع على عاتق أحمد عيد وأعضاء مجلس إدارته. وبيَّن أن لجنة التحكيم حينما يخفق حكامها فإن ذلك يؤثر على الأندية ويؤثر على اللاعبين ويؤثر على الجمهور بسبب عملها الفني داخل الملعب, بينما على العكس نجد لجنة الانضباط الذي يعتبر عملها إداريا وخارج الملعب, وهي بالمناسبة تأتي كثاني أضعف لجنة وذلك لأنها مهزوزة, وقراراتها أحيانا متأخرة, وأحيانا أخرى مستعجلة, ناهيك عن قراراتها المتفاوتة ما بين رئيس ورئيس, وما بين أمير ومواطن, وقال: المواطن والأمير في وطننا متساوون, ولكن لجنة الانضباط يتضح من خلال عملها التفرقة, وهذا أمر خطير في كرة القدم, وهي سبب في استفزاز الجمهور وبعض الأندية والرؤساء، وذلك بفعل بعض قراراتها غير المفهومة. وأيّد أنور في ختام حديثه زيادة عدد الحكام الأجانب, وقال: زيادة عدد الحكام الأجانب من صالح الدوري السعودي, ومن صالح الحكم السعودي, فنحن ما زلنا نحتاج إلى الخبرات، خاصة أن هذا الموسم حدثت فيه أخطاء تحكيمية كثيرة, وهذا يوجب علينا أن نزيد عدد الحكام الأجانب». سامي اليوسف: موت وخراب ديار من جهته، أشار الزميل سامي اليوسف رئيس تحرير صحيفة (واي سبورت) إلى أن التحكيم السعودي في هذا الموسم يلخص حاله مع الفرق عبارة عن «موت وخراب ديار»، وفي التفاصيل نقول إن الموسم المنصرم شهد فشلا تحكيميا ذريعا، واستحق وصف الموسم الأسوأ تحكيما والأضعف فنيا, وطالما أننا تحدثنا عن فشل ذريع في الإدارة وفي مستويات الحكام والتحكيم فحري بنا ألا نتحدث عن نسبة مئوية لهذا الرسوب الفاضح. وأضاف: بموضوعية أكثر يجب علينا أن نتحدث عن الأخطاء والسلبيات ولا نغفل عن الإيجابيات إن وجدت لكي نكون أكثر إقناعا للمتلقي, ولعل السلبيات تتلخص في الآتي: - بدأت في الموسم المنصرم بالتشكيل الإداري للجنة، حيث فقدت المحاضر الآسيوي الخبير علي الطريفي الذي اتجه إلى قطر ولم تحافظ عليه اللجنة نظرا للدور المهم والمفيد جدا الذي يلعبه بتقييم الحكام وتحضيرهم بدنيا ونفسيا ونوعية المحاضرات المفيدة المتطورة التي تسهم في رسم شخصية الحكم واستيعابه للقانون والتعديلات الطارئة. - وفي ذات السياق، فإن اللجنة انضم لها أسماء لم تكن على مستوى الطموح، سواء في التجربة أو الخبرة أو لضعف المسيرة التحكيمية والعلاقات مع الحكام من جهة والحكام من جهة أخرى، وأعني عبدالله القحطاني الذي نال شارة الدولية وهو لم يحكم مباراة دولية!! ولم يحقق أي نجاح في مشواره الإداري في مهمته السابقة في لجان اتحاد الكرة تحديدا في لجنة الانضباط، ولشخصيته غير المرنة أو التصادمية مع زملائه حينما كان يتصادم معهم في الاجتماع الشهري، أو في مهاجمته وتصادمه المتكرر مع الإعلام، ولعل قضيته مع الإعلامي عبدالرحمن مشبب آخر الشواهد.. فكيف يتقبل الحكام الأفضل منه والأكثر خبرة ومراسا في ميدان التحكيم توجيهاته لهم! - وفي ذات السياق للمرة الثانية، كان من بين الأعضاء من يمارس السلبية بسكوته عن الأخطاء الواقعة والمتكررة أو بانشغاله بمهام خارجية مرتبطة بلجان آسيوية وبقي المهنا وحيدا في نهاية المطاف لأنه لم يحسن اختيار طاقمه الإداري. - إصرار رئيس اللجنة على الإمساك بزمام الأمور كلها بمركزية ممقوتة في العمل الإداري المتطور دون منح صلاحيات ومهام لغيره. - غياب الاجتماعات الدورية والمنتظمة لإدارة اللجنة لمناقشة السلبيات وتعزيز الإيجابيات أولا بأول. - سوء سياسة تكاليف المباريات أو بالأحرى غياب المنهجية الواضحة في توزيعها على الحكام. - محاباة رئيس اللجنة لحكام دون آخرين في المعاملة والتكاليف. - عدم تطبيق مبدأ الثواب والعقاب بصرامة وبشكل واضح للعيان فالحكم المخطئ لا يعاقب، بل يتم تكريمه، وهذا الأمر أحدث انقلابا في مفهوم الإدارة، أضاع من اللجنة هيبتها وأفسد التعامل بينها والحكام وأضر بالفرق وعزز تأليب الرأي ضدها. - تفرغ رئيس اللجنة وبحثه عن الإعلام والظهور الإعلامي بشكل غير مبرر فكثرت أحاديثه ومعها كثرت زلاته وأتاح المزيد من الفرص لانتقاده. - الإصرار على عقد الاجتماع الشهري بذات الطريقة القديمة والبائسة التي تكسر وتخدش شخصية الحكم وصورته عن الإعلام ولا تعزز من قيمة ثقته بنفسه والاستفادة من أخطائه فصار الاجتماع فرصة للتشفي بين اللجنة وأعضائها من الحكام، وفرصة لسخرية الإعلام من الحكام! - ضعف مستويات المقيمين والبعيدين عن مستجدات القانون وتعديلاته فأصبحت جدوى الفائدة منهم معدومة سواء للحكام أو التحكيم بصفة عامة وقائمة المقيمين تحتاج إلى غربلة. - ضعف المعرفة التقنية في التكنولوجيا لرئيس اللجنة أتاحت لغير الأكفاء أو المؤهلين التدخل في دقائق الأمور التحكيمية، وأن يكون لهم صوت وبالتالي لبسوا ثوبا ليس ثوبهم ومنحوا مكانة لا تليق بأمثالهم. - هبوط مستويات بعض الحكام ووقوف بعضهم عند حد معين لا يمكن تجاوزه أو تطويره فنيا مع تكرار للأخطاء الفادحة بشكل مثير للجدل والاحتقان. - التأثير السلبي لبعض المحللين الفاقدين للخبرة الذين تربطهم علاقات وطيدة بالحكام يسربون لهم أسرار التحكيم وخفايا اللجنة بشكل يضر مصلحة العمل، مما جعل اللجنة تبدو وكأنها مخترقة إعلاميا. - السماح لبعض الحكام بالرد والتصريح للإعلام والسجال مع مسؤولي الأندية في تجاوز خطير وغير مبرر. - عدم وضوح سياسة الترشيح للدولية والتأكد من توافر عاملي اللياقة واللغة أضر بسمعة التحكيم السعودي آسيويا ودوليا. أما الإيجابيات فيه فتتخلص في الآتي: - توفير أطقم ملابس عالية الجودة لجميع الحكام وفي كل الدرجات. - العمل على توفير معسكر إعدادي على مستوى عال من الاهتمام والتحضير البدني والقانوني في تركيا. - منح فرص لحكام جدد مثل تركي الخضير وشكري الحنفوش. - إبعاد الحكام منتهي الصلاحية بعد استنفاد الفرص لهم، أمثال مطرف القحطاني، والتخلص منهم تحسب للجنة المهنا. - توفير قاعدة تحكيمية جيدة سنرى نتاجها خلال ال3 سنوات المقبلة من حيث الكم ولا نعلم إلى أي مدى تصل كفاءتهم الفنية. وتابع اليوسف حديثه: «على ضوء ما تقدم، أعتقد أن رحيل لجنة المهنا أصبح أمرا حتميا في حال أننا ننشد التطوير للحكام والتحكيم الذي يمثل العمود الفقري لأي منافسة رياضية، وصلاحه يعني صلاح المسابقات الرياضية والثقة بنزاهتها وعدالتها، ولأن المهنا أخذ كفايته ووقته طوال السنين الماضية، بمعنى أنه قدم كل ما لديه». وأضاف: «لكي يتحقق التطوير يجب أن نخرج من دائرة الحكام القدامى فيما يتعلق برئاسة لجان التحكيم، فقد جربناهم منذ لجنة الدهام ومرورا بالجعيد والمرزوق والشقير والناصر والآن المهنا.. نقدم لهم الشكر ولكن الإدارة فن ومنهجية ذات سياسة وخطط متنوعة.. علينا أن نستقدم خبيرا أجنبيا ونستعين بخليط من حكام ورياضيين وإعلاميين متخصصين في إدارة اللجنة بعيدا عن المجاملة والمحسوبية، ويجب أن نوفر غطاء الاستقلالية لعمل اللجنة بعيدا عن التدخلات الخفية أو حتى الظاهرة.