تسند رأسك على المخدة بعد يوم عادي جداً.. ببرود وتقليدية... مارست فيه ما تمارسه كل يوم من عمل وقراءة وتفقد للرسائل التي تتلقاها عبر وسائل التواصل الاجتماعي المرهقة... بعضهم يرسل بالواتس أب وآخر بالفيس بوك وثالث بتويتر والآخر رسالة عادية وهناك من يصطادك في السناب رغم أنك متفرج بشكل أكبر ومع العائلة والأصدقاء... والأهم من هؤلاء من يقبض على صوتك ويتصل بك.. هذا المتصل أصبح من النخبة المتواصلة... لأن الجميع لم يعد يتصل ويسأل واكتفى بالتواصل المكتوب فقط... حيث يصطاد كل شخص الآخر وهو يراه على موقع التواصل وعلى الآخر أن يجيب طالما كان حاضراً وليس بإمكانه الهروب أو تصنع أنه لم يرَ الرسالة...! تحتاج بين حين وآخر أن تسمع صوت صديق أو قريب وتطمئن عليه بشكل حميمي... تتحدثان وتلتقيان إنسانياً وليس بحروف جافة وأغلبها مكررة ومنقولة وخالية من الإحساس... تسأله وتستعذب صوته وتفهم حالته وتضحك بشكل حقيقي وليس مصطنع... وتعود لزمن المكالمات عندما كانت هي أساس العلاقات الإنسانية في التواصل بعد اللقاءات المباشرة... التي لا غنى عنها مهما تعددت وسائل التواصل الاجتماعي...!! تسأل عن فلانة وأين هي فتعرف أنها بخير ومنذ دقائق كانت على الواتس أب أو كتبت في تويتر أو تواصلت مع أصدقاء افتراضيين في الفيس بوك.... المضحك أنك قد تكتشف أنّ أخيك أو ابنك متيقضاً رغم أنه ذهب إلى النوم ولكن تجده على إحدى وسائل التواصل ساهراً يكتب ويعلق ويقرأ....! هذه العلاقات المتشابكة التي خلقتها وسائل التواصل جعلت أفراد الأسرة معاً ولكن متباعدين رغم أنهم في نفس المكان وعلى نفس الكنبة... ستجد أحدهم يعطي ظهره للآخر وهو يمسك بجهاز الجوال أو الآيباد... كلٌ منهما منفصل عن الآخر ذهنياً ونفسياً وعقلياً ولكن يجمعهم المكان الواحد....! في دراسة أعدتها باحثة مصرية توصلت إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي ورغم تأثيرها الإيجابي الذي تركز في انتقال المعلومات دون عوائق أو قيود وأحداث طفرة نوعية في نتائج هذا الاتصال وتعميق العلاقات الاجتماعية بين المستخدمين وأقاربهم وتعزيزها بين الأصدقاء إلا أن التأثيرات السلبية متعددة وأهمها: ما ينتجه هذا الاستخدام من قيم وثقافة جديدة تختلف عن الثقافة الموجودة في المجتمع من الأصل... حيث تدنت علاقة المستخدمين مع أسرهم وتراجعت زياراتهم للأقارب بشكل كبير مع فقدان التواصل الطبيعي بين المواطنين... وهو ما يشكّل خطورة على متانة التماسك الأسري وقوة التضامن ويؤدي إلى العزلة والانطواء...! تشعر أنك تريد أن تغير هذا النظام وتتخلص من سيطرة هذه الأجهزة.. تغلق الواي فاي طوال النهار... وتتفرغ للعائلة والقراءة والتواصل مع الآخرين على أرض الواقع... تنام بعيداً عن الجوال... وعن هموم الافتراض... حالماً بيوم آخر تلتقي فيه من تريدهم وتحبهم بدون أجهزتهم... وبتركيزهم واحترامهم لك....!!