قد ينمو اقتصاد أي دولة بخطى متسارعة لفترة من الزمن سواء كان لبضع سنوات او عقد من الزمن، اذا ما كان المحرك للاقتصاد القطاع النفطي كما هو الحال في البلدان المنتجة للنفط من الدول النامية. بينما نجد البلدان الصناعية والمنتجة للنفط لا يعتمد اقتصادها على هذا القطاع، بل على قاعدة متنوعة من الاقتصاد تمزج بين الصناعة والتقنية والخدمات المتقدمة، مما يحقق لها نموا اقتصاديا مستدام. ان الانتقال من اقتصاد النفط الى اقتصاد التنوع ليس بالأمر السهل بل يحتاج الى تغييرات هيكلية وتحولات من مسار المصدر الواحد للاقتصاد الى مسارات بمصادر متنوعة يدعم بعضها البعض في حال تغير الظروف الاقتصادية العالمية الى الاسوأ أو لمواصلة النمو نحو مستقبل افضل. لذا إعادة هيكلة الاقتصاد لا يخلو من بعض الاثار السلبية على المدى القصير واقل على المدى المتوسط وايجابية اكبر على المدى الطويل، بعد اكتمال عملية إعادة الهيكلة وتكيف سلوك القطاع الخاص وسلوك المستهلك مع المعطيات الجديدة. لذا قد يعني نمو الاقتصاد المستدام أي نمو يتجاوز 2% سنويا عبر الزمن دون خلق مشاكل اقتصادية كبيرة أخرى، خاصة بالنسبة للأجيال المقبلة. فهناك مفاضلة بين النمو الاقتصادي السريع في الوقت الحاضر، والنمو المستدام في المستقبل، حيث ان النمو السريع قد يستنزف الموارد المتاحة ويخلق مشاكل بيئية للأجيال القادمة، بما في ذلك استنفاذ النفط والثروات. وغالبا ما ينجم عن فترات النمو ارتفاعات في الطلب الكلي، مثل ارتفاع الإنفاق الاستهلاكي، ولكن النمو المستدام هو الذي يؤدي الى زيادة الإنتاج، وإلا أدت الزيادة في الطلب الى تضخم الاسعار. وفي إطار الاستدامة، يمكن القول ان النمو القائم على الدين الحكومي قصير الأجل، بدلاً من الإنتاجية على المدى الطويل، لا يمكن استدامته ويترتب عليه مخاوف تراكم الديون السيادية إذا ارتفاع النمو إلى حد كبير أعلى أو أدنى عن معدل الاتجاه، قد يعني ان الاقتصاد سيواجه نموا مفرطا أو نموا متدنيا، حيث ان النمو المفرط يؤدي إلى التضخم ونقص العمالة وانخفاض معدلات الادخار ومبالغة في استخدام بطاقات الائتمان وصعوبات تجارية، بينما النمو المتدني أو السلبي يؤدي إلى انكماش في معروض السلع وتراجع في اسعار المساكن وزيادة في البطالة وأعباء الديون العامة ان استدامة الاقتصاد السعودي تتطلب معدل نمو لا يقل عن 2% بالأسعار الثابتة، حيث انحدر النمو الحقيقي من 4.1% 2015م الى 1.4% في 2016م مع تراجع الايرادات النفطية وإعادة هيكلة الاقتصاد في ضوء رؤية 2030 وبرامجها. وقد توقع صندوق النقد الدولي الاسبوع الماضي، ان يتراجع النمو الاقتصادي الى 0.4% في 2017م، نتيجة لتخفيض انتاجها الى ما دون (10) ملايين برميل يوميا. ولكن الاخبار الجيدة جدا، انه يتوقع ان يقفز معدل النمو الى (2.3%) في 2018م أي بنسبة 475% أو ما يقارب خمسة اضعاف نحو نمو مستمر.