من يتابع باستقراء المشهد الاجتماعي المحلي يجد أننا نمر بحالة مخاض مع تنوع الاجنة، بل أن بعض تلك الأجنة يوحي لك مظهره بوجود توائم، ومع حالة التمعن تجد أن الأمر لا يعدو تشابهاً في الملبس، بينما المكون الثقافي والاتجاهات مختلفة الى حد التباين، ومخاطر ذلك أن بعضنا يحترم ملبس البعض ومظهره دون الاعتبار لمحتوى الشخصية فكريا، وربما انتماء وطنياً..., وتنوع منتج المخاض من حيث المبدأ ظاهرة صحية بل مطلوبة، ولكن مخاطره أن بعضه يعمل على إقصاء بعضه. أيضا بعضه يرتكز في تصوراته المستقبلية على رؤى ايدلوجية لا تنظر للانتماء الوطني بعين الأولوية، بل ربما تعتبره تحصيل حاصل حيث الانتماء لديهم لعموم الأمة الاسلامية دون ترتيب للأولويات ...,من المخاطر أن البعض في الجانب الآخر اختلط عليه الأمر بين المحتوى الديني، وبين رؤى البعض "الاجتماعية الدينية"، وخاصة تلك الرؤى المسيسة والتي كما سبق اشرت الى أن ارتباطها بالأمة يسبق ارتباطها بالوطن مع ملاحظة سيطرة ثقافة العنف في مرتكزاتها مما يسئ للإسلام، وبالتالي يسيء لنا في المملكة العربية السعودية، حيث ارتباط الجميع بالإسلام معروف دوليا، مما يجعل ما يوصم به الاسلام مرتبطاً بالنظام السياسي والاداري للبلاد., وهنا يبرز الوعي الوطني عند العلماء، وتبرز اهميته حيث لابد من ادراك اهمية تأصيل حالة ذلك المخاض بكل تنوعها، بما يتفق مع مصلحة الوطن محليا ودوليا وتكون ثقافة الاختلاف ناضجة بحيث لا تكون خلافاً في أي قضية تمس الأمن الوطني وتبقى الاولويات الوطنية ذات معيارية عالية في الاتفاق, مع الأخذ في الاعتبار احترام الآخر بصرف النظر عن نوع الاختلاف، مع ملاحظة أن تكون مصلحة الوطن متفقاً عليها وفق رؤى تتقارب أو تتباعد دون اقصاء ايديولوجي بين الأطراف. ولعل ذلك يجعلنا نتوقع من المؤسسات الحكومية الشراكة في حالة المخاض، بانفتاح اكثر على المجتمع والاعلام السعودي، بحيث لا نجد ان بعضنا يحرك جمر الاشتعال بحماس، وبعضنا يعمل بصمت والمواطن تستثيره جمرات الاشتعال دون ان يعلم أن هناك مخاض حقيقي، وعمل فعلي في المؤسسة الرسمية وخاصة عند بعض الوزارات؟ نعم هناك حراك في المؤسسة الحكومية بتحفيز من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان حفظه الله، وولي عهده الأمين، وولي ولي العهد حفظهما الله، ولكن بعض المؤسسات الرسمية تمارس دور المدافع مع بعض المشاعر السلبية لمن يختلف معهم او ينتقدهم ,رغم ان خادم الحرمين الشريفين بنفسه طلب من الكتاب والإعلاميين في لقائه معهم بالنقد البنّاء والموضوعي، مؤكدا وهو الملك على مبدأ " رحم الله من اهدى لي عيوبي ", وهي فلسفة من يريد التقدم بأفضل النتائج واقل الاخطاء. النقد الموضوعي جزء من عملية البناء, ووسيلة فاعلة للتخلص من الشوائب باستمرار. التحسس من النقد شاهد على عدم الثقة في العمل أو الأفراد, أو لعدم وضوح الأهداف.