وفاءً لذكرى الراحل الأستاذ الدكتور عبدالله العسكر -رحمه الله- عكف الزميل مدير التحرير للشؤون الثقافية عبدالله بن الحسني والدكتور أمين سليمان سيدو على تجميع مقالاته المنشورة في كتاب يتكون من ثلاثة أجزاء، الجزء الأول بعنوان:" تدوير التاريخ.." وصدر قبل شهر من هذا التاريخ (ديسمبر 2016م) عن مؤسسة اليمامة الصحفية في الرياض، والجزء الثاني بعنوان: "الإمتاع والمؤانسة في التاريخ.. " وصدر مؤخراً خلال الأسبوع الجاري (يناير 2017م) عن مؤسسة اليمامة أيضاً، والجزء الثالث بعنوان: "حديث الأربعاء.."، وسيصدر قريباً إن شاء الله. لقد كان امتاع القارئ ومؤانسته مطلباً يتبارى فيه معظم المؤرخين العرب منذ عرفوا التاريخ، ولا شك أن هذه المدرسة (مدرسة الإمتاع والمؤانسة) في تعليم التاريخ والتأليف فيها نتيجة لعمل أصحاب الرواية الشفاهية، ومن ثم عمل القصاصين الذين كان لهم مكانة كبيرة في عواصم العرب في العصور الوسطى. على ان المؤرخين العرب كانوا لا يجيدون غير هذه الطريقة أو المنهجية حتى العقد الثاني من القرن العشرين الميلادي. (مدرسة الإمتاع والمؤانسة) في وقتها كانت مفيدة لا شك في ذلك، ومن فوائدها شروطها التي يحرص عليها المؤرخ، وتتمثل في أن يكون المؤرخ موسوعي المعرفة في التاريخ الممتد (من التاريخ القديم حتى التاريخ المعاصر) وفي علوم اللغة والدين والجغرافيا. تميزت (مدرسة الإمتاع والمؤانسة) بموسوعية معرفية، يصاحبها ذاكرة صلبة على حساب متطلبات المناهج الحديثة التي فتحت باباً واسعاً أمام التحليل التاريخي والغوص في تلافيف الأخبار بشقيها المدّون والشفاهي، بالإضافة إلى إدخال كم كبير من المواد المعرفية كمصدر للتاريخ كالوثائق والعاديات وغيرها كثير. الكتاب يتضمن مجموعة مقالات نشرها الراحل عبدالله العسكر -رحمه الله- في صحيفة "الرياض"، تتمحور حول علم التاريخ بشكل عام، والتاريخ الوطني بشكل خاص. مبيناً ان فكرة التاريخ الوطني تحتاج إلى التوسع في أمرين: الأول الإلمام المتمكن بمفاصل التاريخ السعودي منذ القرن الثاني عشر الهجري/ الثامن عشر الميلادي. والأمر الاخر كيفية انتخاب صفحات من آلاف الصفحات لتُشكل مقرراً للتاريخ الوطني ودوره في تشكيل الوعي المعرفي والعقلي ومن ثم تكوين مفهوم ذهني للوطنية السعودية. والوحدة العربية التي صنعها الملك عبدالعزيز ورجاله هي وحدة غير مسبوقة في تاريخ العرب الحديث، وامتداد لوحدة صنعها الخليفة الراشد الأول. فالوحدتان: الأولى في القرن السابع الميلادي والأخرى في القرن الثامن عشر الميلادي، وبينهما عشرة قرون ونيف. هذا الزمن الطويل لم يكن حائلاً عن إلحاح فكرة تراود الأجيال المتعاقبة في إعادة الوحدة السياسية، ولملمة أطراف الجزيرة وشعبها، وهو ما صنعه الملك عبدالعزيز ورجاله بعد كثير من الجهد والعرق والدم.