تمثل رؤية المملكة 2030 رؤية مستقبلية شاملة، تعكس تطلعات القيادة -حفظها الله-لبناء مستقبل مشرق لهذا الوطن. فقد جاءت (رؤية المملكة 2030) لإعلان انطلاق مرحلة جديدة، في تاريخ هذا الوطن بقيادة خادم الحرمين الشريفين، عبر صياغة مجموعة من التحولات في البناء التنظيمي في المملكة، لتحقيق هذه الرؤية التي تسعى إلى توظيف الإمكانات المتاحة، من أجل استثمارها عبر برامج ومشروعات، يساهم فيها الوطن بكل مكوناته البشرية والطبيعية، وتنعكس بشكل مباشر على المواطن السعودي هدف التنمية الأول. وجاءت "رؤية السعودية" التي أعدها مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية برئاسة ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان شاملة متكاملة لكل أطياف المجتمع، وكان للمرأة منها نصيب كبير لتعزز دورها بالمجتمع السعودي الذي يعتز بها ويفتخر بإنجازاتها. وقد عكست رؤية 2030 التقدير الحقيقي للقيادة والنظرة الإيجابية للمرأة السعودية، التي وضعت بصمتها المميزة في مختلف المجالات. وركزت على دعم المرأة السعودية كونها أحد العناصر المهمة لبناء الوطن، حيث تشكل 50% من إجمالي مخرجات التعليم الجامعي، لذلك ستقدم لها الرؤية أقصى الدعم عبر تنمية مواهبها واستثمار طاقاتها، وتمكينها من الحصول على الفرص المناسبة في سوق العمل. كما أن من أهداف الرؤية رفع نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل من 22% إلى 30%، الشيء الذي سيتناسب إلى حد كبير مع مشاركتها الحقيقية في مجتمعها، واستثمار قدرات المرأة السعودية في جميع المجالات. إن التنمية الشاملة وتحقيق النمو الاقتصادي لأي مجتمع يتطلب مشاركة كلا الجنسين من الذكور والإناث في عمليات التنمية، وشغل المناصب القيادية. ولذلك رؤية المملكة اهتمت بتعزيز مشاركة المرأة باعتبارها نصف المجتمع، والاستفادة من طاقاتها وخبراتها، في القيام بالدور المطلوب لدفع عجلة التنمية. وهنا لا ننكر اطلاقاً أن حكومة خادم الحرمين مهدت الطريق للمرأة السعودية للوصول للمراكز العليا، وخاصة أن مجتمعنا يغلب عليه الفكر الوسطي المعتدل الذي يقدر المرأة وقيمتها، ويرى اتاحة الفرصة لها طالما تمتلك المؤهل والكفايات الشخصية اللازمة، لشغل المراكز القيادية التي لا تتعارض مع مبادئ الدين ولا قيم المجتمع. والمرأة القيادية بطبيعتها تستطيع الموازنة بين أدوارها المتعددة في المجتمع بالشكل المطلوب. ورغم ذلك، لا يزال هناك الكثير من التحديات التي تواجه القيادات النسائية تحول بينها وبين ممارسة الدور القيادي المأمول. حيث إن دور القيادة النسائية في الغالب يتخذ موقف الإشراف على تنفيذ القرارات، وليس اتخاذها باستقلالية كصانعة للقرار. وترتبط أسباب ذلك بوجود بعض القيود في الأنظمة واللوائح، قد تحد من صلاحيات المرأة في اتخاذ القرارات، وخضوعها للقيادات العليا الرجالية في المؤسسة، مع سيطرة ثقافة المجتمع التي ترى عدم التوسع في منع الصلاحيات القيادية للمرأة، هذا إلى جانب قلة الخبرة لدى بعض القيادات النسائية. لذلك يظل واقع المرأة مع توجهات رؤية المملكة مرتبطاً بمدى التوجه الحقيقي لوضع السياسات التنظيمية التي تكفل المشاركة الفعالة للعنصر النسائي في اتخاذ القرارات. وتفعيل دورها القيادي بمنح الصلاحيات للمرأة السعودية، للقيام بالدور الإداري المطلوب في صنع القرار، عبر تعزيز ثقافة المجتمع وثقته بقدرة المرأة، وتفعيل الأنظمة واللوائح التي من شأنها تسهيل مهمتها. هذا مع الحاجة لزيادة تمثيل القيادات النسائية في الوزارات واللجان والمجالس الإدارية، لأن بكل وزارة أو قطاع يوجد مستفيدون ومستفيدات، ومن باب أولى أن يتولى أمر المستفيدات نائبة تهتم بأمورهن. ولا ننسى دور وسائل الإعلام في تصحيح النظرة السلبية عن المرأة في المجتمع، مع تكثيف برامج التدريب للقيادات النسائية قبل وأثناء ممارسة الدور القيادي.