أصبحنا نعيش واقعا مؤسفا في عالم التدخين والمدخنين والذي يقود لعالم آخر أشد خطورة وانحراف بين الشباب والفتيات والمراهقين من الجنسين.. فمنهم من دخل دوامة الوهم والانتقال من التدخين إلى تعاطي المخدرات على سبيل التجربة، أو هرباً من أزمة اجتماعية، لكن بعد وقت تبدلت حياتهم وفقدوا القدرة على مواصلة التعليم والتواصل مع الأهل والأقرباء، وتعلموا السرقة والانحراف السلوكي والأخلاقي والوصول الى أنواع مختلفة من الممنوعات مثل شرب الخمر، وكذلك التدرج الى أنواع أكثر خطورة مثل الحشيش والحبوب المخدرة. واقع وإحصائيات التدخين مخيفة بين الشباب وتستدعي المزيد من الدراسات والإستراتيجيات والحملات التوعوية للتصدي لهذه الافة التي تقتل بصمت حتى لانفقد المزيد من أبنائنا وبناتنا.. ضياع فتاة تقول ن.م -طالبة جامعية في آخر سنة-: إنها وقعت في إدمان التدخين منذ ما يقارب خمس سنوات، ولا تزال في محاولة الإقلاع عنه، مضيفةً أنها أدمنت على التدخين بسبب والدها وقسوته، وتروي القصة قائلةً: والدي لا يعلم عنا شيء، فهو كثير الغياب عن المنزل ووالدتي منفصلة عنّا ونعيش أنا وثلاث من شقيقاتي لوحدنا في دور كامل بنفس العمارة التي يملكها والدي، وفي الحقيقة كنت قد دخنت السجائر من قبل مع زميلاتي في المجمعات التجارية أو في الجلسات الخاصة، المهم أحسست بدوار فور تدخيني أول سجارة ومن ثم كررت التجربة بالطريقة ذاتها، لكنني دخنت سيجارة كاملة فأحسست بأن أمراً غريباً يحدث لي لكنة أعجبني، فواصلت إلى أن أصبحت غير قادرة على الاستغناء عن التدخين وتطور الأمر إلى المعسل!. بحث عن علاج وأوضحت ن.م بأنه تقدم لها شاب ملتزم وذو خلق ودين وبه كل المواصفات التي تحلم بها كل فتاة فقررت البدء في الإقلاع الفوري عن التدخين وفشلت كل محاولاتها، وتم عقد قران على هذا الشاب ومن ثم كان حتماً علي الالتحاق في أحد برامج مكافحة التدخين والخضوع للعديد من الجلسات والحمد لله تم شفائي بشكل نهائي من إدمان التدخين، مُحذرةً كل فتاة من الوقوع في آفة التدخين حيث أنه البوابة إلى عالم الضياع والمخدرات والانحرافات الأخلاقية واختيار الرفيق الصالح والبعد عن رفاء السوء، حيث لي بعض الصديقات وقعن في إدمان المخدرات بسبب تعلمهن التدخين والمعسل، موجهةً رسالة إلى كل أب وأم بأن يخافوا الله في بناتهم وأولادهم وحمايتهم من الضياع والانحراف ومتابعتهم في مدارسهم وجامعاتهم بشكل غير مباشر للحفاظ عليهم، حيث أصبحت الأسرة سابقة في احتوائها لأبنائها أو مسبوقة من قبل رفاق وأصدقاء السوء من الجنسين. الشراكة في المكافحة وقال د. راشد الجمعة -مدير برنامج مكافحة التدخين بوزارة الصحة في المنطقة الشرقية أستشاري طب الأسرة ومتخصص في علاج إدمان التبغ-: إن الشراكة بين برنامج مكافحة التدخين بوزارة الصحة وبين القطاعات الحكومية والقطاع الأهلي ومؤسسات المجتمع المدني والجمعيات الخيرية تنقسم على مستويين الأول على مستوى اللجنة الوطنية المشكلة بمرسوم ملكي برئاسة وزير الصحة وعضوية إحدى عشر وزارة وهيئة وطنية ذات علاقة على مستوى وكيل وزارة والجهات والقسم الثاني على مستوى لجان فرعية منبثقة من اللجنة الوطنية في جميع المناطق، مبيناً أنه تم تأسيس اللجنة الخليجية والمنتدى الخليجي لمكافحة التبغ تحت مظلة أمانة المجلس الصحي لوزراء الصحة بدول مجلس التعاون، كما يتم عقد المؤتمر الوطني لمكافحة التبغ سنوياً بالعاصمة ويشارك فيه جميع الجهات ذات العلاقة الحكومية والأهلية والخيرية. إحصائية تقريبية وأكد د.الجمعة على أنه لا يوجد حتى الآن دراسات إحصائية وطنية شاملة ودقيقة عن نسبة التدخين بين الجنسين في المملكة، واستطرد: توجد بعض الدراسات من هنا وهناك التي لم تتفق على نتائج محددة، وقد أوضحت بعض المصادر الأكاديمية أنها قد تتجاوز (30%)، ولكن ظاهرة التدخين وبوجه عام في ازدياد خاصة في أوساط المراهقين والمراهقات وبالذات تدخين المعسل بين المراهقات، مضيفاً: صحيح أن التدخين هو بوابة الوقوع في براثن المخدرات، فقد أظهرت الدراسات البحثية أن أكثر من (95%) من المدمنين يدخنون قبل سن (18) سنة، ومن أجل هذا تم تبني إستراتيجية توجيه وحشد الطاقات لتوعية وتحصين طلبة وطالبات المدارس في التعليم العام، مشيراً إلى أن نسبة (99%) من المدخنين يدمنون التدخين قبل سن (30) من العمر وتم الإعلان الرسمي، ومنذ عهد قريب صدر عن نظام مكافحة التدخين بالمملكة الصادر من المرسوم الملكي ويتكون من (20) مادة جوهرية للحد من انتشار آفة التدخين ومن بينها تحديد الجهات المخولة بإصدار عقوبات المخالفات وتحصيل الرسوم التي ستخصص كلها لمواجهة آفة التبغ. طفل عمره ثماني سنوات مدمن شمّة ! أوضحت أمل السيهاتي -المشرفة على برنامج مكافحة التدخين بالمنطقة الشرقية-أن هنالك تعاوناً مع إدارة التعليم على نطاق واسع من خلال برنامج فطن اضافة الى شراكات من جهات حكومية أبرزها وزارة. الصحة حيث تقوم بعمل مهرجانات ومعارض في المدارس والمجمعات التجارية، أو من خلال زيارتهم إلى مقر البرنامج حيث يقوم المثقف الصحي بشرح متكامل عن مضار التدخين، مضيفةً أن لهم عدة مشاركات في المهرجانات الوطنية والصيفية ، ولا ننسى الأطفال فلهم نصيب من التثقيف بمخاطر التدخين وكيفية الوقاية من هذه الآفة، كما يتم عمل عيادة متنقلة في المجمعات حيث يتم استقبال الذين لديهم رغبة في الإقلاع، مشيرةً إلى أصغر مدمن راجع العيادة لطلب العلاج كان طفلا لا يتجاوز عمرة ثماني سنوات وقع في إدمان ما يسمى بمادة "الشمة" أو التبغ، وتم إخضاعه لبرنامج مكثف للعلاج لمدة ثلاثة شهور حتى أقلع عن التعاطي. أطباء وفتيات مدخّنون..! قال د. راشد الجمعة: إنه من واقع عملي كمتخصص في علاج إدمان التبغ بدأ من حين لآخر توافد بعض العناصر النسائية من مختلف الأعمار للعيادة طلباً للعلاج لأسباب مختلفة، واستقبلنا قبل فتره فتاة لم تتجاوز العشرين ترغب التخلص منه قبل معرفة خطيبها بذلك، كما بدأت وزارة الصحة ممثلة في مختلف برامج مكافحة التدخين باستحداث إستراتيجية عيادات مكافحة التدخين المتنقلة في الأسواق والمولات العامة ويعمل فيها أطباء وتمريض من الجنسين ولاقت إقبالاً كبيراً، ذاكراً أنه تم تنفيذ الحملة الوطنية للتوعية بأضرار التبغ غير المدخن ممثلاً بالشمة والسويكة في مختلف وسائل الإعلام وفي سائر المناطق وعلى مدى ستة شهور متواصلة وبدعم مباشر من مجلس الوزراء، ويتبنى البرنامج الوطني لمكافحة التدخين الحملة الوطنية المستمرة للحد من آفة التبغ تحت شعار "هدفنا نقول بطلت"، لافتاً إلى أن ظاهرة انتشار التدخين بين الممارسين الصحيين بما فيهم الأطباء في المنشآت الصحية الحكومية والخاصة ليست بالقليلة، وهذا يشكل تحدياً كبيراً لوزارة الصحة، مؤكدا أنه يوجد إقبال كبير ومتزايد لحجز المواعيد من خلال البرنامج الإلكتروني "احجز موعداً" من موقع وزارة الصحة الذي يقوم بدوره بتحويل الأشخاص إلى عيادات مكافحة التدخين في مناطقهم حيث يتم التواصل معهم تلفونياً أو عبر البريد الإلكتروني. أمل السيهاتي مع الزميل الغامدي (عدسة/ زكريا العليوي) د. راشد الجمعة