عبدالعزيز بن عثمان الفالح نتيجةً لما عاناهُ العالمُ في سنواتِ الحرب العالميتين الأولى (1914-1918) والثانية (1939-1945)، تعهدَ المجتمع الدولي بعدم السماح بوقوع تلك الفظائع التي حدثت في تلك الحربين، وقررَ زعماؤهُ إكمالَ ميثاقِ الأممِالمتحدة الذي استمر سنتين من العام 1946م إلى 1948م، بخارطة طريق تضمنت حقوق الأفراد في أي مكانٍ وزمان. وأصبحت تلك الوثيقة تُعرف فيما بعد "بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان"، وكان يوم ميلادها اليوم العاشر من شهر ديسمبر من العام 1948م حيثُ اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة، وأصبحت تلك الوثيقة أحدَ الدعائم الرئيسة لمجموعةٍ ضخمة من معاهدات حقوق الإنسان الدولية، ولموضوع تطوير حقوق الإنسان على الصعيد الدولي. وقد تكوّن ذلك الإعلان من ديباجة وثلاثين مادة تتناول جميع الحقوق المدنيّة، والاقتصادية، والثقافية، والاجتماعية، والسياسية، وأصبحَ أساسَ الاتفاقيات الدولية، فقد تضمنت ديباجته تطويرًا عامًا للغايات والمبادئ والأهداف التي تأكدت لدى واضعي الإعلان، وتضمنت مبدأين هما: الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين بصفتهما حجر الزاوية لتحقيق الهدف الذي قامت الأممالمتحدة من أجله. ولكن إذا ما استعرضنا حالة العالم منذ العاشر من ديسمبر 1948م إلى يومنا هذا نرى أنّ الحروب تزدادُ ضراوةً وشراسةً وعنفوانًا، وتستخدمُ آلات أشدُ فتكًا وقتلاً وتدميرًا للبشرِ والحجر، ونجدُ القتل في ازدياد، والتهجير في تصاعد، والفقر في تفاقم، والجوعى يتضورون، إضافة إلى انقطاع الملايين عن التعليم. وعليه أصبح شعار اليوم العالمي لحقوق الإنسان للعام 2016م (Stand Up For Someone's Rights Today) كُن نصيرًا لحقوق الآخرين اليوم، خاويًا من مضمونة، فاقدًا لمصداقيته، أين نحنُ من هذا الشعار؟ أين نحن من ويلات الحرب؟ أين نحنُ من الفتكِ والتدمير الذي لم يرحم الأطفالَ الرُضّع، ولا الشيوخ الرُكّع، ولا النساءُ الثَكالى؟ لم نجدُ من يقفُ مع الآخر إلا من رحمَ ربي، الأطفالُ يَقذِفُ بهم البحر على شواطئه، والأمهات ثَكالى، والآباءُ حزانى، وبين تلك المآسي المترامية الأطراف يبرز مركزُ الملك سلمان للإغاثة الإنسانية الذي يكادُ يكونُ الوحيد الذي يمدُ العونَ والمساعدة لأولئك المنكوبين، حيث استفاد من مشروعات الأمن الغذائي والإيوائي 17.967.997 مستفيدًا، ومن مشروعات المساعدات الإنسانية 27.000.000 مستفيدًا، ومن مشروعات المساعدات الطبية والبيئية 16.000.000 مستفيدًا من المهاجرين والمشردين والجوعى في العراق وسوريا ولبنان واليمن وتركيا وبورما وتشاد والصومال وباكستان وإندونيسيا وغيرهم من الدول المحتاجة، إذ يمدهم بالدواءِ والغذاء والكساء والحقيبة التعليمية، ولكنّ العالم في ظل هذه الحروب المستعرة يحتاجُ إلى العشرات من مراكز الملك سلمان للإغاثة الإنسانية، فعلى العالمِ أن يقفَ مع العالم، وعلى الآخر أن ينصر الآخر. في الوقتِ الذي فيه العالم أحوج ما يكون إلى التآخي، والتآزر والوقوف صفًا واحدًا ضدّ هيمنة القوة، نجدُ ما يُسمى بقانون "جاستا" يُكشَّر عن أنيابه، ليُفرق العالم ويقسمه، ويضعهُ بين فسطاطين، حاكمٌ ومحكوم، وهو سابقةٌ خطيرةٌ في العلاقات الدولية، وفيه تجاوز على السيادة، فأين الشرعة الدولية (ميثاق الأممالمتحدة-الإعلان العالمي لحقوق الإنسان-العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية-العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية-البروتوكولين الاختياريين الملحقين بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية)؟، وأين العالم من الشرعية الدولية المعنية بالمبادئ والقوانين التي تحكم وتوجّه العلاقات الدولية من خلال هيئة الأممالمتحدة وبما تصدره هيئاتها المكلفة بحفظ السلم والأمن العالميين، وعلى رأسها مجلسي.. الأمن الدولي.. وحقوق الإنسان؟. ويقيني أن قانون جاستا وهذه الحروب التي ما فتئت تقتل وتهجر .. جعلتا -الشرعة والشرعية- الدوليتين عديمتي الجدوى- وستكون القشة التي تقسم ظهر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وتصبح موادهُ الثلاثين وما انبثق منها من معاهدات واتفاقيات في أدراج الرياح، وتصبحُ لا تساوي حبرها الذي كُتبت فيه، وتنعي الإنسانية حظها، وحينها تردد أفرادًا وجماعات في ذكرى مولد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان العاشر من ديسمبر1948م. يومٌ بأيّةِ حالٍ عُدتَ يا يومُ * مع الاعتذار لأبي الطيّب