كشفت فعالية الشارع الثقافي التي نظمتها أمانة الرياض مؤخراً في طريق الأمير محمد بن عبدالعزيز "التحلية" زيف من يدّعون أنّ المجتمع لا يتقبل الفن ولن يحضر الفعاليات الثقافية، وكانت خير دليل على ذلك، حيث تواجد عدد كبير من الزوار والزائرات للاستمتاع بأكثر من (36) فعالية ثقافية وفنية، تنوعت بين عرض مسرحي وموسيقي ورسم تشكيلي حر، حيث أصبح الشارع وجهة أولى للسكان طوال أيام الإجازة. "الرياض" من خلال جولتها التقت بالعديد من المواطنين والمواطنات الذين أكدوا على أنّ المجتمع متعطش لمثل هذه المهرجانات الثقافية التي تمزج بين الأنشطة والبرامج المتنوعة، مشيرين إلى أنّ الشباب السعودي والشابات بحاجة لمثل هذه المهرجانات بين حين وآخر، لاسيما أنّها تختصر عليهم عناء السفر للدول المجاورة لمتابعة برامج مشابهة. رد ملجم في البداية قال فيصل العتيبي: "الجمهور الكبير لحضور فعاليات الشارع الثقافي خير شاهد على أن المجتمع لديه رغبة في عودة الفعاليات الثقافية، وهو أكبر رد ملجم لكل من يقول: إنّ المجتمع لا يتقبل مثل هذه المهرجانات الثقافية والفنية، فنحن كنا نشاهد الكثير من الشباب والشابات يتوقفون لمتابعة العروض الراقية التي يقدمها بعض الفنانين بصورة جميلة ومشوقة، ولم يكن هناك ما يدعيه البعض من التجاوزات غير المقبولة، ولم نر ما يروجون له من تصرفات بأنّها ستصدر من أبنائنا وبناتنا". عناء السفر وبين عبدالوهاب الشيباني أنّ حب شبابنا للفعاليات الفنية والثقافية المختلفة لا ينكره إلاّ جاهل بحقيقة المجتمع السعودي، فما أن يتم إعلان برنامج إلاّ وتجدهم أول الحاضرين في كل دول الخليج وحتى الدول العربية والعالمية، ومن باب أولى أن يهتموا ويحضروا الفعاليات التي تنظم عندهم وبينهم، حيث أنّهم يمنون النفس بأماكن يستمتعون فيها بالالتقاء مع من يميلون للأمور نفسها التي يهوونها؛ مما يساعدهم على تنمية مواهبهم، خصوصاً إذا ما هيئت الأماكن بشكل مناسب، مضيفاً: "نحن بحاجة لمثل هذه الفعاليات الثقافية التي تجمع شبابنا وشاباتنا، وتوفر عليهم عناء السفر". عرض دائم أما سامي العمري فله رأي آخر، حيث يقول: "إنّ المهرجانات التي تنظم في السابق عادةً ما تكون محدودة الوقت ومخصصة لموضوع معين ولها عشاقها وروادها، وما تلبث أن تنتهي، ورغم ذلك ننتظرها كل عام، وهذا يجعلنا نتساءل: لماذا لا يتم توظيف المسارح بشكل دائم ومستمر، لتعرض فيها المسرحيات والأعمال الفنية حتى لو كانت برسوم رمزية، فالجميع متعطش ويبحث عن المهرجانات الثقافية التي يشاهدها خارج الحدود". معرفة واطلاع ورأت غادة محمد أنّ هذه الفعاليات مهمة جداً، فهي قد عرفت أموراً جديدة عن الفن التشكيلي لم يكن لديها أي معلومات عنها، "اطلعت على أشياء جديدة لم أكن أعرفها عن الفنانين التشكيليين والرسامين، وتعلمت الكثير عن الفنون بأنواعها المختلفة، إضافة إلى أنني عرفت الكثير عن سير علمائنا وما قدموه من جهود كبيرة تخدم البشرية، وأتمنى ألا نسمع بعد اليوم من يقول إن المجتمع غير متقبل للفن، فالفن حياة، وطابع خاص في تغيير المفاهيم، إذا وظف بشكل صحيح، فكلنا أمل أن نجد أماكن متخصصة لمثل هذه الفعاليات بشكل دائم ومستمر". عناصر جذب من جهته أوضح الفنان التشكيلي المغربي يوسف بن بو عزة أنّ فكرة هذه الفعاليات رائعة جداً، مضيفاً: "المهرجان أعطاني إحساساً كأنني في المغرب، فطبيعة شوارع المغرب هكذا مفتوحة، ويوجد فيها كل لون من ألوان الفن والمسرح والثقافة على مدار العام، لذلك هي جاذبة للعديد من الزوار المهتمين بالفن والثقافة، فتجد الناس يتنقلون من شارع لآخر، يستمتعون بما يشاهدونه وفي الوقت نفسه يمارسون رياضة المشي، فإذا اكتملت عناصر الجذب أصبح المكان وجهة للجميع". وأشار إلى أنّ أغلب المواطنين والمقيمين في المملكة لا يرون الفعاليات الثقافية إلاّ في التلفزيون، فهي تنظم على نطاق ضيق وخاص أحياناً، والآن أصبحت أمامهم، فاحتكاكهم مع الفنانين التشكيليين والمسرحيين والرسامين يعطي الموهوبين من الزوار انطباعاً قوياً وثقة في النفس. مسرح مفتوح فيما لم يخفِ الفنان التشكيلي عبدالمحسن السويلم أنّه تفاجأ من الحضور الكبير الذي تدفق لمشاهدة العروض الحية في الشارع الثقافي، من موسيقى وأعمال تشكيلية، فتحول شارع التحلية إلى مسرح مفتوح للفنانين والمبدعين، متمنياً تفعيل مثل هذه المهرجانات بشكل مستمر ولو أسبوعياً في مواقع مختلفة كممشى طريق الملك عبدالله أو متنزه الملك عبدالله في الملز؛ نظراً لكثافة رواد المكان، ووجود مواقف مهيئة. حملات توعوية ونوّهت خديجة الجندان أنّ مهرجان الشارع الثقافي يكفيه أنّه جمع بين أقطاب الشباب والشابات وصغار السن والكبار، ليشاهدوا عن قرب الفنانين يعبرون بكتاباتهم عن وطنهم والتلاحم مع القيادة، من خلال لوحات خصصت لهذه الأغراض، إضافة إلى الحملات التوعوية التي تخللت المهرجان، مع ما يقدمه المبدعون من أعمال فنية وثقافية. تجاوب رهيب أما رغد فشدها أنّ هذه الفعاليات تنجح في استقطاب مختلف أجناس المجتمع؛ مما يسهل إيصال رسالة الفنان أو المثقف، بعكس الفعاليات التي لا يحضرها إلاّ أشخاص معنيون بالمجال، وقد يكونوا فنانين، مؤّكدةً أن التجاوب الرهيب والحضور الكثيف لفعالية الشارع الثقافي أكبر رد على كل من يقول بأنّ المجتمع يرفض الفن والفعالية الثقافية، "فنحن الآن نشاهد الفن ونلمسه عن قرب ونحتك بالفنانين والرسامين، ونسألهم ونتعلم منهم ونتابع المسرح المفتوح من خلال ما يقدم في هذا الشارع، أتمنى أن تتخذ الجهات المعنية خطوة لإيجاد أماكن تعنى بتفعيل الفعاليات الفنية بشكل مستمر".