أثارت ندوة حول "تجربة الترجمة الشعرية" عدداً من الموضوعات التي تمس الشعراء والقرّاء على حد سواء، وذلك في الأمسية التي نظمها ملتقى الفنار الثقافي وأقيمت في قاعة الملتقى بسيهات مساء أمس الأول، الأمسية التي استضافت المترجمين رائد أنيس الجشي وصالح الخنيزي، تحدث فيها الضيفان حول تجربتهما مع ترجمة الشعر، وتجربة العمل على الترجمة بشكل عام. وعن دوافع الترجمة الشعرية أشار الجشي الذي يعكف على ترجمة مختارات من الشعر العالمي، قائلا: "بدأت الترجمة من أجل الدراسة والتعرف على الخصائص الشعرية والمقارنة بين النصوص، من معايير وهي، أولا: أن يقدم النص إضافة من حيث الشكل أو النوع أو المضمون أو التقنية إلى المكتبة العربية وبالتالي استبعدت النصوص التي تقارب الأسلوب العربي الكتابي من الترجمة فمثلا وجدت بعض شعراء المكسيك متأثرين بأسلوب طوق الحمامة أو المقامات، لكنني لم أدرج نصوصه، ثانيا: أن يكون مؤلف النص على قيد الحياة وثالثا: أن أختار شاعرا أو شاعرة واحدة من كل بلد"، مشيرا إلى أنّه بعد هذه الشروط اختار (12) شاعرا وشاعرة من أصل (40) دولة مختلفة من الممكن الوصول لها. أما عن منهج الترجمة؛ فأوضح أنّه عمل وفق منهج تأويلي للنص، متحدثا عن المراحل التي مر بها خلال عمل المختارات من الاختيار إلى الورش والمراجعة الشاملة. من جهته بيّن المترجم صالح الخنيزي أنّه كثيرا ما يتردد على لسان مترجمين ومنظرين استحالة الترجمة الشعرية، مستشهداً بقول نابكوف: (لا يمكن نقل الشعر إلا بشكل حرفي.. أريد ترجمة لها هوامش غزيرة كناطحات السحاب)، والذي يتفق معه في القول الشاعر الفيكتوري روبرت بروانينق الذي يتعدى ذلك بالترجمة إلى نفس ترتيب وأنفاس النص الأصل. ولفت الخنيزي إلى ذلك الصراع الذي يسكنه لحظة التعبير عن القول الشعري بلغته قائلاً: "الصراع الذي كان وما زال يسكنني، كيف يتسنى لك التعبير عن ذاتك بلغة مغايرة؟ كيف يفكر الآخر؟ في البدء كان الوجود لغة فكان الإنسان ولكن ثمة مرحلة جديدة ولغة أخرى تتصارع بثقلها الثقافي مع اللغة الأم".