بدأت تسريبات الانتهاكات ضد الأبرياء تظهر ومعركة الموصل لازالت على الأبواب. هذه المرة بتعذيب طفل فرّ من محيط الموصل. الفيديو الصادم ليس الأول ولن يكون الأخير للممارسات الوحشية التي ترتكب على هامش الحرب فما حدث في الرمادي والفلوجة من مآسٍ اعترفت بوقوعها الحكومة العراقية، لازالت حية في ذاكرة العالم. الخوف من وقوع الانتهاكات في معركة الموصل ضد الأبرياء ليس محض خيال، وليس كل من تحدث عنه بالضرورة يدافع عن داعش كما أن إنكارها والتظاهر بأن كل الفيديوات المسربة هي لعناصر من تنظيم الدولة هو سذاجة أيضا. فقد أصدرت منظمة العفو الدولية بيانا تحذيريا من الانتهاكات التي تنتظر الموصليين السنة وتوثق انتهاكات سابقة تجعل تكرار السيناريو في هذه المعركة شبه مؤكد. يقول التقرير: "تظهر أبحاث منظمة العفو الدولية أن قوات الأمن والميليشيات شبه العسكرية ارتكبت باستمرار انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان وللقانون الإنساني الدولي مع الإفلات من العقاب، وذلك باسم مواجهة هذه التهديدات. فقد عرضوا العرب السنة الذين فروا من المناطق التي سيطر عليها التنظيم للاعتقال التعسفي والتعذيب والاختفاء القسري والقتل غير المشروع بعد أسرهم أو احتجازهم، وأحدث ما وقع من هذا القبيل كان في سياق العمليات العسكرية الرئيسية في 2016، وبالتحديد في سياق المعارك الناجحة لاستعادة الفلوجة والمناطق المحيطة بها في محافظة الأنبار في مايو/أيار ويونيو/حزيران 2016، واشتباكات إخراج التنظيم من الشرقاط بمحافظة صلاح الدين بين يونيو/ وأواخر سبتمبر/أيلول 2016، والصراع الدائر في الحويجة بمحافظة كركوك وفي الموصل والمناطق المحيطة بها بمحافظة نينوى". القضاء على تنظيم داعش ضرورة قصوى وقد عانى منه أهل الموصل أمر المر، ويكفي أن تتخيل العيش تحت سطوة مجموعة من المختلين المجرمين لتعرف ما عايشه أهل الموصل على مدى عامين. لكن أن يتم تحريرها على أيدي ميليشات مجرمة كالحشد الشعبي فهو ما سيمثل نهاية مأساوية لكارثة الموصليين. هذه المليشيات لا تقل ظلامية ووحشية وبلاهة عن داعش. وتصريح قيس الخزعلي زعيم مليشيا عصائب أهل الحق وهي إحدى فصائل مليشيات الحشد الشعبي في العراق يكشف العقلية الدموية الماضوية للحشد. يقول الخزعلي: إن معركة تحرير الموصل "ستكون انتقاماً وثأراً من قتلة الحسين، لأن هؤلاء الأحفاد من أولئك الأجداد". قلق الإنسانية على أبرياء الموصل له الكثير من الأدلة التي تبرره وتدعمه. وليس كل من دافع عن سنة الموصل يدافع عن داعش أو يفضل بقاءهم هناك. لكن من المهم أن نجنب أهل الموصل المنكوبين كارثة أخرى عبر مواصلة الضغط الدولي على الحكومة العراقية في سبيل منع مليشيات الحشد من المشاركة في المعركة.