العراق- وكالات إنهم ينتظرون منذ سنوات.. اللحظة التي يتقدمون فيها بأراضي الموصل ويقضون على داعش. وعندما أتت تلك اللحظة.. كان تحركاً بطيئاً ومغبراً. قوات البشمرغة تتحرك في الصحراء لتشق طريقاً إلى الموصل سيارات أمريكية وركاب غربيين في قوافلهم يرون القذائف تسقط على المواقع التي خططوا الذهاب إليها في البداية. تلاشت آمالهم بألا يقاتلهم داعش من أجل الأراضي الصغيرة التي تحيط بالموصل هذه أول قرية يتحركون باتجاهها للوصول إلى الموصل،وداعش يقاوم بشدة. يريدون أن تنتهي المعركة بأسرع وقت ممكن. فجأة، يتفشى الرعب.. رأوا سيارة مفخخة تتجه نحوهم. يحاولون ضربها بصاروخين، والثالث أصاب الهدف. يتقدمون مرة أخرى باتجاه الجائزة الكبرى، الطريق إلى الموصل، الذي تحاصره النيران التي أشعلها داعش ويُضرب بقذائف عشوائية. سقطت قذيفة بالقرب من قوات البشمرغة.. وسقط أحدهم ضحية. أرسل داعش سيارتين مفخختين وهاجمهم من الطرفين. في وقت ما، سنضطر أن نضغط للدخول إلى الموصل، لكن هذه جهود مدعومة دولياً وهناك الكثير من التخطيط مع التحالف والقوات الجوية الأمريكية. مازال داعش في كل مكان.. حتى في الهضاب. هذا مقاتل للتنظيم خرج من نفق وأطلق النار، ثم فجر نفسه. عناد داعش ورغبته بالموت سيبطئ تقدم القوات العراقية بالتأكيد. القوات العراقية تواصل بتشكيلاتها المختلفة التقدم نحو مدينة الموصل من عدة محاور. وأشارت وكالة "رويترز" إلى تقديرات بمشاركة نحو 30 ألف جندي من الجيش العراقي وقوات البيشمركة الكردية ومقاتلين من العشائر لطرد ما يقدر بنحو أربعة آلاف إلى ثمانية آلاف من مسلحي التنظيم. قوات الجيش العراقي انطلقت من قاعدة القيارة وبدأت بالتقدم من المحور الجنوبي باتجاه منطقة الشورة، التي تعتبر خط الدفاع الأبرز والأساسي لعناصر "داعش" جنوب الموصل. القوات العراقية حررت 5 قرى في محور الكوير شرق الموصل، حيث تمكنت الفرقة المدرعة التاسعة من تحرير قرى "إبراهيم الخليل" و"العدلة" و"كان حرامي" و"عباس رجب" و"جديدة"، لتواصل التقدم باتجاه قرية "بلاوات". من جهة أخرى قتل 7 عناصر من قوات البيشمركة الكردية وأصيب مسؤول حزبي كردي، خلال اشتباكات مع تنظيم "داعش" في منطقة الخازر شمال الموصل. وأفاد موقع "رووداو" الإخباري بأن قوات البيشمركة هاجمت مواقع داعش من 3 محاور، كما تمكنت من الوصول الى مفرق قضاء الحمدانية، الذي تغطي الأدخنة سماءه بعد إقدام "داعش" على إحراق الآبار النفطية في القضاء. من جانبها أكدت قيادة قوات الحشد الشعبي أن التحرك البري لقواتها لم يبدأ لغاية الآن، واكتفت بالقصف الدقيق بالقوة المدفعية والصاروخية لدعم تقدم القوات الأمنية. وأكدت وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون" أن معركة الموصل "لحظة حاسمة" في الحملة ضد تنظيم "داعش". وقال المتحدث باسم البنتاغون بيتر كوك إن القوات العراقية بدأت هجومها "قبل الموعد المحدد"، مضيفا أن القوات "تقترب من أهدافها". من جهته صرح البيت الأبيض أنه لا يمكنه تحديد الإطار الزمني المتوقع لانتهاء عملية تحرير الموصل. وأعلن السكرتير الصحفي للبيت الأبيض جوش آرنست في مؤتمر صحفي أن لتحرير الموصل "أهمية استراتيجية" في حملة التحالف الدولي ضد التنظيم، نظرا لحجم المدينة وموقعها وأهميتها، دون أن يتطرق إلى إمكانية مشاركة القوات البرية الأمريكية بشكل مباشر في المعركة. ومع ذلك، حذر آرنست من أن النجاح في الموصل، ومكافحة "داعش" عموما يتطلبان الكثير من الوقت، وتسعى الولاياتالمتحدة وشركاؤها للحد من الخسائر في صفوف المدنيين. والهجوم على الموصل الواقعة في شمال العراق هو أكبر عملية تشنها القوات العراقية منذ أن انسحبت القوات الأمريكية من البلاد في عام 2011 وتوقعت الولاياتالمتحدة أن ينهزم التنظيم. والموصل أكبر مدينة يسيطر عليها "التنظيم" وهي آخر معقل رئيسي له في العراق، ويبلغ عدد سكانها 1.5 -2 مليون نسمة. من جهة أخرى أعلنت قوات البشمرغة الكردية أنها حققت أهدافها الرئيسية في أقل من 24 ساعة، من خلال تخليص تسع قرى من عناصر تنظيم "داعش" وفرض سيطرتها على الطريق الذي يربط بين الموصل وأربيل. وأفاد البيان الصادر عن القيادة العامة لقوات البشمرغة من إقليم كردستان، أعلنت قوات البشمرغة في الخازر، شرق الموصل، أنه في أقل من 24 ساعة تم تطهير تسع قرى في منطقة تبلغ مساحتها حوالي 200 كيلومترا مربعا، وتشمل قرى باصخرة وشيخ أمير وبدنة الكبرى وبدنة الصغرى وشاقولي، ومصنعاً شرق قرية حسن شامي. وأضاف البيان بأن العمليات في شرق وجنوب الموصل تمت بالتنسيق مع قوات الأمن العراقية في إطار الجهود المشتركة لتخليص محافظة نينوى من وجود "داعش". وتابع البيان أن طائرات التحالف الدولي بقيادة الولاياتالمتحدةالأمريكية شن ضربات جوية على 17 موقعاً للتنظيم دعما لقوات البشمرغة، وفجرت على الأقل أربع مركبات مفخخة لداعش وتستمر فرق مكافحة المتفجرات بتطهير المنطقة الملغمة. وفي تركيا صرّح رئيس الوزراء يلدريم بن علي الثلاثاء 18 أكتوبر/تشرين الأول أن القوات الجوية التركية تشارك في عملية تحرير مدينة الموصل من تنظيم "داعش" الإرهابي. وقال بن علي في اجتماع كتلة الحزب الحاكم في البرلمان التركي "قواتنا الجوية تشارك ضمن قوات التحالف الدولي، وهذا رد لمن يقول أن لا مكان لتركيا في عملية الموصل". على صعيد آخر اتهمت منظمة العفو الدولية لحقوق الإنسان، الثلاثاء، الحشد الشعبي والقوات الحكومية العراقية بارتكاب ما وصفته ب"جرائم حرب" و"هجمات انتقامية وحشية" في حق السنّة الفارين من تنظيم "داعش" في الموصل، خلال المعركة لتخليص المدينة من سيطرة "داعش" التي بدأت في وقت مبكر من صباح الاثنين. وقال مدير الأبحاث وأنشطة كسب التأييد في برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة، فيليب لوثر، إن "السنة العرب في العراق يواجهون، عقب نجاتهم من أهوال الحرب وطغيان داعش، هجمات انتقامية وحشية على أيدي الميليشيات والقوات الحكومية، حيث يعاقبون على ما ارتكبه التنظيم من جرائم،" على حد قوله. وأضاف لوثر أن "العراق يواجه تهديدات أمنية حقيقية ودموية فعلاً، في الوقت الراهن، على يد داعش، ولكن لا يمكن أن يكون هناك مبرر لعمليات الإعدام خارج نطاق القضاء أو الاختفاء القسري أو التعذيب أو الاعتقال التعسفي،" متابعا: "وبما أنه قد بدأت معركة استعادة الموصل، فمن الأهمية بمكان، أن تتخذ السلطات العراقية الخطوات اللازمة لضمان عدم تكرار مثل هذه الانتهاكات المروعة. وما زال يتعين على الدول، التي تدعم الجهود العسكرية لمكافحة تنظيم داعش في العراق، أن تبيِّن أنها لن تواصل غض الطرف عما يرتكب من انتهاكات." وذكر التقرير ما وصفه بأنها "هجمات انتقامية وتمييز على نطاق واسع يواجههما العرب السنة ممن يُشتبه بتواطئهم مع جرائم داعش، أو بأنهم يدعمونه.. إذ نزح العديد منهم أثناء العمليات العسكرية الرئيسية التي شهدتها البلاد في 2016، بما في ذلك في الفلوجة والمناطق المحيطة (محافظة الأنبار)، وفي الشرقاط (محافظة صلاح الدين)، والحويجة (محافظة كركوك)، وفي محيط الموصل (محافظة نينوى)." فيما دعا الصليب الأحمر الدولي إلى عدم استهداف المدنيين والمستشفيات في الموصل بالعراق والسماح بإخلاء الجرحى من المدينة. المفوض الأوروبي يحذر: حذر المفوض الأوروبي للأمن جوليان كينغ من تدفق الإرهابيين من تنظيم داعش إلى أوروبا بعد تحرير الموصل، آخر أكبر معاقلهم في العراق. وقال كينغ في مقابلة نشرتها صحيفة "دي فيلت" الألمانية الثلاثاء 18 أكتوبر/تشرين الأول "إن استعادة الموصل، معقل التنظيم شمال العراق، قد تؤدي إلى عودة مقاتلين من التنظيم، مصممين على القتال إلى أوروبا". وفي سياق التخوف من عودة الإرهابيين، قال أحمد زاهد حميدي نائب رئيس الوزراء الماليزي الثلاثاء "إن ماليزيا عززت إجراءات الأمن على حدودها تحسبا لمحاولة مقاتلين متشددين ماليزيين العودة للبلاد بعد أن شنت القوات العراقية هجوما كبيرا لاستعادة مدينة الموصل". وأضاف حميدي "نتبادل معلومات المخابرات مع وكالات المخابرات الدولية ولدينا قائمة بأسماء المشتبه بهم تضم أسماء من يعتقد أن لهم صلة بداعش". ولم يوضح أحمد زاهد عدد الماليزيين الموجودين حاليا في الموصل لكن أرقاما نشرتها الشرطة مؤخرا أوضحت أن 90 ماليزيا انضموا إلى التنظيم في سورياوالعراق منذ 2013، ناهيك عن اعتقال العشرات ممن لهم علاقة بالتنظيم الإرهابي. من جهة أخرى تتزايد المخاوف من هرب بعض عناصر التنظيم ولجوئهم إلى دول جوار العراق كالأردن وسورياوتركيا. وكانت أنقرة أرسلت تعزيزات عسكرية إلى أطراف بلدتي شرناك وسلوبي التركيتين على الحدود العراقية الاثنين 17 اكتوبر/تشرين الأول، تزامنا مع انطلاق عملية تحرير الموصل. كما وصل المئات من مقاتلي التنظيم وعوائلهم بعد هربهم من العراق إلى مدينة الرقة السورية مع بدء عملية تحرير الموصل.