هل أسواقنا ورجال أعمالنا يؤمنون بالتخصص؟ وهل يتوافر لكل نشاط تجاري او صناعي او عقاري او سياحي متخصصون في مجال الاستثمار والإدارة والتسويق؟ عند النظر الى واقعنا الذي يعج بالكثير من التناقضات ومنها السوق العقاري الذي يعيش العشوائية في معظم نشاطاته نظرا لعدم الاهتمام بالتخصص، هنا تظهر الأسئلة. فمثلا، هل كل تاجر من مختلف الأنشطة يمكن ان يكون عقاريا محترفا ويستطيع العمل في هذا السوق ويستثمر وينتج او يدير قطاعا عقاريا يرتبط بسوق الإسكان او العقار الصناعي والسياحي والتجاري والترفيهي. ويكون استثمارا ناجحا وذا عوائد مجزية مادية ومعنوية له وللوطن؟ التخصص في السوق العقاري يعاني من ندرة الخبرات في إدارة الاستثمار العقاري وصناعة الأفكار والفرص العقارية والتطوير العقاري وإدارة المشاريع والتسويق وإدارة الأملاك. الشركات العقارية المساهمة العامة والمقفلة والعائلية وشركات العقار التابعة للمجموعات التجارية والصناعية والبنوك الاستثمارية، ماهي منجزاتها في مجال الإسكان؟ ستجد ان اقصى منتجاتها المتاجرة بالأراضي والمخططات والمباني والابراج التجارية وقليل منها انجز مشروعا سكنيا صغيرا استغرق سنوات. قطاعات خاصة مثل البنوك والشركات الصناعية والتجارية، وحكومية مثل معاشات التقاعد والتأمينات الاجتماعية والأوقاف لديها جميع المقومات التي يحتاجها سوق الإسكان كالأراضي الكبيرة والسيولة النقدية ولكنها تفتقد الى فهم السوق العقاري والاستثمار فيه والدليل ان جُل تجارتهم في أراضٍ بيضاء او مجمعات تجارية جاهزة! وقد فاتهم الكثير من الفرص لأنهم لم يستثمروا باستقطاب الكفاءات والخبرات في مجال صناعة العقار. انتهى زمن خزن الأراضي واحتكارها وتصنيفها كأصول في قوائم الشركات والبنوك والافراد والتي كانت تدر عوائد سنوية بلا جهد او تعب، وسينقفل هذا الباب الذي كلفنا كثيرا وانتفع منه فئة قليلة على حساب المواطن. المشكلة في القرارات التي يقترحها ويطبقها موظف حكومي او تاجر ليس متخصصا في المجال العقاري او مستثمرا كبعض رجال المال والأعمال والبنوك وجهات التمويل او مدراء شركات تطوير عقاري، وفي مشاريع تمس جميع شرائح المجتمع وهذه القرارات تحقق مصالح طرف على حساب آخر وتكون مؤثرة سلبا على المواطن والسوق العقاري. السوق العقاري يحظى بالفرص ونادرا ما يفشل الاستثمار في العقار لأن الحاجة إلى المسكن والمكتب والمصنع قائمة ومستمرة ولا تنحصر بفترة زمنية وحجم الطلب على المنتجات العقارية هو الذي يختلف بين الحين والآخر بحسب خصائص السوق ونوعية القطاعات المستهدفة. الاستثمار في المشاريع السكنية والتجارية والسياحية سيظل أفضل استثمار على المدى القريب والبعيد حتى لو مَرّ السوق بتقلبات وقتية، فالعقار يعيش دورات هبوط وارتفاع، يدعم ذلك حجم الطلب وعدد السكان المتزايد والأهم ان الطلب حقيقي ويعتمد بشكل كبير على المواطن. الايمان بالتخصص واستقطاب الكفاءات والخبرات والاستثمار في الشباب وتطبيق مبدأ الجميع يربح هو بوابة النجاح فهل من مُدّكر.