أتوقع قبل نهاية هذا العام ظهور تقارير تفيد بأنه (أي عام 2016) كان الأشد حرارة خلال العشرين عاماً الأخيرة.. وتخميني هذا مبني ليس على إحساسي بحرارة الصيف بل على تقارير الأعوام الفائتة التي كانت ترتفع باضطراد مقارنة بسابقاتها.. وارتفاع حرارة الأرض ظاهرة ملموسة نتيجة لما يطلق عليه ظاهرة الاحتباس الحراري.. وهي من القضايا البيئية التي تختلف حولها حتى الدول الكبرى (بحسب مصلحتها من تأكيد أو إنكار حدوثها).. ولكن جميع الدراسات التي قامت بها منظمة المناخ العالمية تؤكد أن حرارة الأرض الآن هي الأعلى منذ عشرة آلاف عام. وتم استنتاج هذه الحقيقة من عينات ثلجية قديمة أخذت من سيبيريا وقمم الهملايا والقطب الشمالي.. وبالنسبة لعلماء المناخ لم يعد مستغرباً أن تحطم كل سنة جديدة رقم سابقتها في شدة الحرارة والتهاب الأجواء. فأعظم عشر سنوات ارتفاعا في درجة الحرارة كانت هي بالضبط آخر عشر سنوات منذ عام 2006 (ومنذ البدء بتسجيل درجات الحرارة في عام 1880). وهذا بحد ذاته دليل على أن كوكب الأرض يسير بوتيرة منتظمة باتجاة المزيد من السخونة والجفاف وذوبان القطبين!! ومن المعروف أن بيئة الأرض حساسة جدا وتتأثر بأي تغير في درجة الحرارة؛ فارتفاع متوسط درجة واحدة يطيل فترة الجفاف ويزيد ذوبان الجليد ويرفع مستوى البحار.. وبما أن 96% من المياه العذبة توجد في ثلوج القطبين، يتسبب ارتفاع قدره ثلاث درجات فقط في إضافة كميات هائلة من المياه للبحار والمحيطات.. وأمر كهذا يهدد بغرق دول كثيرة كبنجلادش والمالديف ومدن مشهورة كالاسكندرية وممفس وأمستردام وجدة.. أما الارتفاع المتواصل في درجات الحرارة ككل فسيحول العالم العربي إلى منطقة "لا يمكن العيش فيها" حسب دراسة حديثة صدرت من معهد ماكس بلانك الألماني (ونشرته صحيفة الشرق الأوسط في الخامس من مايو 2016).. وبحسب هذه الدراسة سيشهد العالم العربي ارتفاعا متواصلا في درجات الحرارة (بنسبة الضعف عن عام 1970) الأمر الذي سينجم عنه مستقبلا جفاف مائي وانحسار زراعي وصعوبات في العيش والعمل.. والحقيقة هي أن احتمال تصحر عالمنا العربي (بشكل كامل) ليس مستبعدا كون جزيرة العرب كانت أصلا (غابات وأنهارا) في حين كانت الصحراء الكبرى امتدادا للغابات الأفريقية الكثيفة (بدليل مجاري الأنهار وبقايا الأشجار فيها).. ويعتقد علماء الجيولوجيا أن هذا تصحرهما الحالي حدث بسبب انحراف بسيط في محور الأرض مازال تأثيره مستمرا حتى اليوم.. وفي حال أضفنا لهذا السبب القديم (ظاهرة الاحتباس الحراري في عصرنا الحديث) نفهم كيف سيتحول عالمنا العربي إلى منطقة يصعب العيش فيها في حين ستختفي الثلوج من أوروبا وتتمتع بطقس استوائي جميل.. ولهذا السبب أتوقع مستقبلاً أن يهاجر العرب إلى أوروبا، ليس فقط بسبب بطش الطغاة وصراع الطوائف وبل بسبب الجفاف، وشدة الحرارة، وارتفاع فواتير العيش في المناطق الملتهبة..