سيبقى عام 2011 حياً في أذهان الناس، لما تخلله من ظواهر مناخية قصوى كانت أبرزها ظاهرة «لا نينيا» التي ضربت مرتين في المحيط الهادئ، ما تسبب في حصول جفاف في بعض مناطق العالم، فضلاً عن أعاصير كانت أعتى من المعهود في مناطق أخرى. وأصدرت «الإدارة القومية للمحيطات والغلاف الجوّي» التابعة للحكومة الأميركية و«الجمعية الأميركية للأرصاد الجوية» تقرير «حالة المناخ لعام 2011». ويقوّم التقرير المبوّب المستمدة بياناته من مصادر مختلفة، وساهم فيه 375 عالماً من نحو 50 بلداً، أنماط الطقس العاتي، وهي أنماط متصلة بالظاهرة المشتركة للتغيّر المناخي. وأكدت نائب مدير «الإدارة» كاثرين ساليفا ان «كل حدث مناخي يسجل يندرج في إطار البيئة العالمية المتغيرة. والتقرير السنوي يزود العلماء والمواطنين على حدّ سواء بتحليل ما جرى، كي يمكننا جميعاً ان نهيئ أنفسنا لما هو مقبل». وظاهرة «لا نينيا» نمط مناخي يتّصف ببلوغ درجة حرارة المياه مستوى أقل من المعدل في شرق القطاع الاستوائي من المحيط الهادئ. وفي العادة يمكن هذه الظاهرة ان تؤثر في هطول الأمطار والجفاف والعواصف عبر مناطق كبيرة من الكرة الأرضية. وحين تجلت هذه الظاهرة مرتين العام الماضي أطلقت «لا نينيا» العنان لحالات جفاف تاريخية في شرق أفريقيا وجنوبالولاياتالمتحدة وشمال المكسيك، كما كان لها أثر في موسم أعاصير استوائية فاقت المعدلات في شمال المحيط الأطلسي. وشهد الأستراليون نهاية جفاف دام سنتين، وهطلت أمطار بأرقام قياسية بسبب تأثير «لا نينيا»، كما ان منطقتي قطبي الأرض المتجمّدين سجلتا ظواهر غير عادية، كما جاء في التقرير، الذي أشار إلى ان درجات حرارة القطبين ارتفعت بأسرع من باقي مناطق العالم، كما ارتفعت درجات الحرارة بضعفي معدل ارتفاعها في مناطق منخفضة العلو. وأظهرت ثلوج المحيط القطبي ذوباناً سريعاً، فتراجعت كتلها إلى ثاني أصغر حجم في التاريخ المسجل لأن الثلوج المتراكمة القديمة بلغت حداً أدنى قياسياً. وسجلت محطات رصد في القطب الجنوبي أعلى درجة حرارة، هي أقل بكسور من -12.3 درجة مئوية، لكنها أسخن من الرقم القياسي السابق بأكثر من 1.1 درجة مئوية. وجاء في بيان صحافي ل «الإدارة القومية للمحيطات والغلاف الجوّي» ان تقرير الإدارة يستقي معطياته من أربع مجموعات بيانية مستقلة تشير كلها إلى ان العام الماضي شهد سخونة حرارية كانت من بين أسخن درجات الحرارة ل 15 سنة منذ بدأ تدوين البيانات المناخية نهاية القرن التاسع عشر. وتستند هذه المعطيات إلى 43 مؤشراً ترصد الأحوال المناخية، بما فيها تجمّعات غازات الدفيئة ودرجات الحرارة في طبقات الغلاف الجوّي العليا والسفلى وغطاء الغيوم ودرجات حرارة سطح البحر وارتفاع منسوب البحار وملوحة المحيطات ومدى تمدد الغطاءات الثلجية والجليدية. وينطوي كل من هذه المؤشرات على آلاف القياسات، وفق قواعد بيانات مستقلة متعددة. وعلى رغم التوعية العالمية بالصلة بين انبعاثات غازات الدفيئة المسببة للاحتباس الحراري وزيادة درجات حرارة كوكب الأرض، ارتفع مستوى ثاني أوكسيد الكربون في الجوّ العام الماضي متجاوزاً 390 جزءاً من كل مليون جزء، بزيادة حوالى جزءين من كل مليون قياساً بالعام السابق. ونبّه تقرير الإدارة إلى صعوبة تحديد كيف تسبب ظاهرة التغيّر المناخي في شكل مباشر أي حدث مناخي بمفرده. وتساعد البحوث الجديدة العلماء على فهم كيف تتبدل احتمالية الظواهر المناخية العاتية نتيجة ارتفاع درجات حرارة الأرض. ويتوقَّع ان تشهد ولاية تكساس (جنوبالولاياتالمتحدة) حالياً هبّات قيظ شديدة بسبب ظاهرة «لا نينيا» بمعدل 20 ضعفاً، قياساً إلى درجات الحرارة المقدرة لو كانت ظاهرة «لا نينيا» موجودة قبل 50 سنة.