بمرور ستة وثمانين عاما على قيام المغفور له بإذن الله تعالي الإمام الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن بن فيصل آل سعود بلم شتات الجزيرة العربية في كيان واحد هو المملكة العربية السعودية، وذلك بعد أن قضى على التفرقة والفرقة السائدة آنذاك والتناحر الموجود في شتى بقاع الجزيرة العربية، وأخذنا كل عام نحتفي بذكرى ملحمة التوحيد وبطلها الموحد مستخلصين منها العبر وكيف كنا في الماضي، وكيف أصبحنا. ونتذكر تلك العهود الخوالي وكيف كنا نعيش وعاش آباؤنا وأجدادنا فيما يشبه الضياع بما سادها من تناحر وفوضى بين المجاميع الموجودة فيها لا يأمن الإنسان على نفسه وعلى ماله ولم تكن الطرق حينها سالكة بمعنى الكلمة وإنما كان سالكها مفقودا لا محاله مما يتعرض له من مخاطر لا يردع فاعلها رادع حيث لا يوجد سلطة إلا سلطة القوي، إلى أن قيض الله لها من وحدها ذلكم هو موحد البلاد وقلوب العباد على شرع الله الحق الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود طيب الله ثراه وجزاه الله خيراً فيما فعل وعمل. وقد أرسى قواعد دولته على أسس ثابتة ومتينة قوامها كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- التي جعل منها دستوراً لدولته وأصبحت بذلك الدولة الوحيدة بين دول العالم التي تحكم الشريعة في أمورها كلها مما جعل الكل يلهج له بالدعاء حياً وميتا على ما قام به من جهود جبارة لا نظير لها في العصور الحديثة، بإيجاده دولة فتية أخذت مكانتها بين آمم الأرض ومشاركة في صنع التاريخ الحديث، ومن أوائل الدول التي شاركت في إيجاد منظمات تعنى بحقوق الإنسان وحل النزاعات التي تطرأ بين الدول. وعندما اختاره الله إلى جواره خلفه في أمور الدولة أبناؤه البررة من بعده، ولم يحيدوا عن النهج الذي رسمه الموحد لها، بل زادوا على ذلك باستكمال مقومات الدولة من بنية تحتية وخلافه من المقاصد التي تتطلبها المرحلة اللاحقة، ومن ذلك مد يد العون لأخوتنا العرب والمسلمين في كافة أصقاع العالم. جزى الله الملك عبدالعزيز كل خير ورحمه رحمة واسعة وغفر لأبنائه الذين تسنموا مقاليد الحكم في دولتنا، دولة العرب والمسلمين ورحم من شاركه مرحلة التوحيد من أهلنا الذين التفوا حول إمامهم في تلك المرحلة العصيبة، وفي الختام نرفع اكفنا إلى المولى عز وجل بان يحفظ إمامنا وقائد دولتنا وباني عزها الحديث إمام العرب والمسلمين خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، مدركين أن في أعناقنا بيعة لا يمكن أن نحيد أو نتخلى عنها حتى يرث الله الأرض ومن عليها.