استأنفت ليبيا تصدير النفط من الهلال النفطي بعد نحو عشرة ايام من سيطرة قوات مناهضة لحكومة الوفاق الوطني على المنطقة، في خطوة رئيسية على طريق حلحلة أزمة السيولة واصلاح اقتصاد يدفع ثمن الصراعات منذ خمس سنوات. وغادرت ميناء رأس لانوف في الشرق فجر أمس الاربعاء ناقلة محملة بالنفط الى ايطاليا، وهي اول شحنة يجري تصديرها من هذا الميناء منذ المعارك التي شهدتها منطقة الهلال النفطي في نهاية 2014 بين جماعات ليبية متنازعة. وقال عمران الفيتوري منسق عمليات استقبال وشحن النفط في الميناء لوكالة فرانس برس «غادرت سفينة (سي-دلتا) التي تحمل علم مالطا ميناء راس لانوف محملة ب 776 الف برميل من النفط، على ان تتوجه الى ايطاليا». وأضاف «هذه اول شحنة من النفط يتم تصديرها من ميناء راس لانوف منذ نوفمبر 2014». وشنت قوات مناهضة لحكومة الوفاق الوطني بقيادة المشير خليفة حفتر قبل نحو عشرة ايام هجوما على المرافئ النفطية، وتمكنت خلال ثلاثة ايام من السيطرة على كامل المنطقة بعد طرد جهاز حرس المنشآت التابع لحكومة الوفاق منها. والاعلان عن تصدير شحنة النفط من ميناء راس لانوف هو الاول منذ سيطرة هذه القوات على الهلال النفطي. وكان من المفترض ان تقوم ناقلة النفط «سي-دلتا» بتحميل النفط وشحنه الاحد الماضي، لكن هجوما مضادا شنته قوات حرس المنشآت المؤيدة لحكومة الوفاق وتصدت له القوات التي يقودها حفتر أدى الى تأجيل عملية التحميل والتصدير. وتواجه ليبيا ازمة كبيرة في السيولة، واستئناف تصدير النفط أمر بالغ الاهمية لبلد يعاني من فوضى سياسية وانقسامات ونزاع عسكري متعدد الاطراف منذ الاطاحة بالنظام السابق في العام 2011. ويدفع الاقتصاد الليبي منذ خمس سنوات ثمن الصراع المستمر على السلطة الذي دمر البنية التحتية للبلاد وأوقف الاستثمارات وأدى الى تراجع كبير في سعر صرف الدينار الليبي امام الدولار في السوق الموازية ما أدى الى غلاء معيشة بلغ مستويات قياسية في الاشهر الماضية. وفي ليبيا سلطتان تحظى كل منهما بدعم قوات مسلحة، حكومة الوفاق الوطني المعترف بها من المجتمع الدولي ومقرها طرابلس، وحكومة موازية تحظى بدعم البرلمان المنتخب ومقرها مدينة البيضاء في الشرق. وبعيد سيطرتها على الموانئ، اعلنت قوات الحكومة الموازية تسليم إدارة موانئ التصدير الى المؤسسة الوطنية للنفط التي تدين بالولاء الى حكومة الوفاق، مع احتفاظها بالوجود العسكري لحراسة الموانئ. ويفترض مبدئيا ان تذهب الاموال التي تدفع مقابل النفط الى مصرف ليبيا المركزي في طرابلس الذي يتبع سلطة الحكومة المعترف بها دوليا بعد ان تدفع الشركات التي تشتري النفط الليبي ثمنه للمصرف الليبي الخارجي الذي يملك فروعا في دول عدة، ثم يقوم هذا المصرف الحكومي بتحويل الاموال الى المصرف المركزي في العاصمة. لكن سيطرة القوات التي يقودها حفتر على الموانئ تعني ان بامكان هذه القوات التحكم بمصير عمليات التصدير عبر إقفال الموانئ وإعادة فتحها وفق ما ترتئيه. وقال الفيتوري لفرانس برس انه بعيد مغادرة الناقلة «سي-دلتا»، استقبل راس لانوف باخرة ثانية تقوم حاليا بتحميل النفط من الميناء. واوضح «الشحنة القادمة دخلت الى ميناء راس لانوف. اسم الناقلة «سارة» وهي متوقفة الان في الميناء، تحمل العلم المالطي، وستقوم بشحن 850 الف برميل الى اسبانيا».