تخلى فائز السراج رئيس حكومة الوفاق الوطني المشكلة برعاية الأممالمتحدة، عن التشدد في موقفه المناهض لسيطرة الجيش الليبي بقيادة الفريق خليفة حفتر على منطقة «الهلال النفطي»، وأكد في بيان أصدره منفرداً أمس، معارضته أي تدخل أجنبي في المنطقة، وطلبه الحوار مع قيادة الجيش ورئيس مجلس النواب (البرلمان) عقيلة صالح للتفاهم على ترتيبات تتعلق بالمستجدات. أتى ذلك بعد إحباط روسيا والصين صدور أي قرار من مجلس الأمن يتعلق بسيطرة الجيش على الموانئ النفطية، على رغم إصرار المبعوث الدولي مارتن كوبلر، دون جدوى، على طرح موضوع إرسال مراقبين دوليين إلى منطقة «الهلال النفطي». وتسارعت التطورات بعد سيطرة الجيش على الموانئ النفطية وطرد قوة تابعة لحكومة الوفاق منها، إذ تفقد رئيس المؤسسة الوطنية للنفط مصطفى صنع الله المنطقة، معلناً قرار حرس المنشآت الجديد الذي تسلم مهمته من الجيش، رفع حال القوة القاهرة التي كانت تحول دون التصدير. وعلمت «الحياة» أن ناقلة مالطية ضخمة اتجهت إلى ميناء رأس لانوف لشحن كمية من الخام، وذلك للمرة الأولى منذ تعطيل القوة التي كانت تسيطر على المنطقة عمليات التصدير قبل ثلاث سنوات. وترافق ذلك مع إعلان شخصيات سياسية كانت تدعم حكومة الوفاق، ارتياحها لسيطرة الجيش. وقال محمد شعيب وحميد حومة، النائبان الأول والثاني لرئيس مجلس النواب، إن «استرداد قواتنا المسلحة الليبية المنشآت النفطية خطوة صحيحة في طريق امتلاك الدولة سيطرتها على مقدرات الشعب وثروته، ويشكل تطوراً نوعياً وإيجابياً في حل أزمتنا الوطنية». وشددا على ضرورة أن تتبع هذه الخطوة «وقفة وطنية تتناول إجراء حوار وطني واضح وصريح من دون إحساس بالخوف أو المكابرة لمناقشة موضوع القيادة العليا للجيش» التي يتولاها حفتر، وتسعى حكومة الوفاق التي شكلتها الأممالمتحدة إلى أن تكون مرجعية لهذه القيادة. وأكد شعيب وحومة في الوقت ذاته، دعوتهما المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق إلى الإسراع في الانخراط في حوار موسع حول تشكيلة الحكومة وتقديمها إلى مجلس النواب لنيل ثقته، كي تحظى بشرعية تمكّنها من مزاولة أعمالها. ودعا السراج في بيان أصدره كل الأطراف إلى «إنهاء الأعمال الاستفزازية والاجتماع بشكل عاجل» حول طاولة واحدة «لمناقشة آلية الخروج من الأزمة وإنهاء الصراع». واعتبر أن ليبيا تمر ب «مرحلة مفصلية»، مشدداً على أنه لن يقبل بأن «يقود طرفاً ليبياً أو يدير حرباً ضد طرف ليبي آخر»، ما اعتبر تراجعاً عن موقفه المتصلب الداعي إلى انسحاب الجيش فوراً. وبعد 48 ساعة من سيطرة الجيش على الموانئ النفطية، استعدت ناقلة مالطية ضخمة تحمل اسم «سي دلتا» لدخول ميناء رأس لانوف لشحن كمية من النفط الخام، كما أبلغت «الحياة» مصادر مطلعة في قطاع النفط. وأضافت المصادر أن المؤسسة الليبية للنفط كانت نسقت مع الجيش بالتزامن مع استعداده للسيطرة على الموانئ، ورتبت تصدير الخام عبر شركات عالمية، من بينها شركتان روسية وصينية. على صعيد آخر (أ ف ب)، لفت تحذير ناطق باسم الحكومة الفرنسية من وجود «خطر حقيقي» لتفكك ليبيا، «ما يستدعي تحركاً لمنع ذلك»، كما أشار الناطق الذي لم يقدم توضيحاً حول ما إذا كان كلامه مرتبطاً بالتطورات في منطقة «الهلال النفطي». في الوقت ذاته، أعلنت لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان البريطاني في تقرير أمس، أن التدخل العسكري البريطاني في ليبيا عام 2011 بقرار من رئيس الوزراء السابق ديفيد كامرون، استند إلى «معلومات استخباراتية خاطئة وعجل في انهيار ليبيا سياسياً واقتصادياً». وقال النائب المحافظ كريسبين بلانت الذي يرأس اللجنة إن «تصرفات بريطانيا في ليبيا جزء من تدخل لم يكن نتيجة تفكير سليم ولا تزال نتائجه تظهر اليوم». ورأى أن «السياسة البريطانية في ليبيا قبل وأثناء التدخل في آذار (مارس) 2011، بنيت على افتراضات خاطئة وفهم ناقص للبلاد والموقف».