رفض وبشدة برلمانيون مصريون أمس مصادقة الكونغرس الأمريكي على قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب الذي يسمح لأسر ضحايا هجمات 11 سبتمبر بمقاضاة الدول التي يثبت تورطها في هذا الحادث. وطالبت لجنة الشؤون العربية بمجلس النواب المصري الرئيس الأمريكي باراك أوباما بضرورة وسرعة استخدام حقه الدستوري في نقض هذا القانون وعدم تمريره حفاظا على العلاقات الدولية، وحماية لمبادئ ومواثيق الأممالمتحدة واحترام سيادة الدول. وأكدت اللجنة في رسالتها إلى الكونغرس الأمريكي "إنكم تنتهكون ميثاق الأممالمتحدة وقواعد القانون الدولي انتهاكا صارخا، وتخلون إخلالا جسيما بمبادئ العلاقات الدولية وأعرافها، وتهددون حقوق الدول في السيادة الوطنية". أوباما مُطالب باستخدام حقه الدستوري حفاظا على العلاقات الدولية وقالت اللجنة "هذا القانون يعكس روح التعالي والعجرفة والفكر الاستعماري القديم والمقيت الذي منح دولا بعينها ورعايا بأشخاصهم حقوقا ومميزات لا يستحقونها، تميزهم عن باقي دول وشعوب العالم. وتابعت "هل يليق بأن يصدر هذا التشريع الآن وبعد 15 عاما كاملة من أحداث 11 سبتمبر، أهي حمى الانتخابات الأمريكية الوشيكة سواء على المستوي الرئاسي أو البرلماني، أم مغازلة رخيصة للناخب الأمريكي دون النظر للعواقب الدولية الوخيمة". واستنكر البرلماني والسياسي المصري مصطفي بكري القانون وقال "واشنطن تؤكد بهذا القانون أنها مازالت تتبني شريعة الغاب، بدليل أنها لا تحترم ما نص عليه القانون الدولي والمواثيق الدولية، وفي المقدمة منها ميثاق الأممالمتحدة والذي يرفض تطبيق القانون الداخلي للدول بما يمثل تدخلا في شئون الدول الأخرى". وأشار إلى أن المملكة تعتبر بنفسها ضحية من ضحايا الإرهاب، إذ تتعرض بلادها لأحداث الإرهاب طالت المساجد والمنشآت والأفراد. أما طلعت مرزوق، مساعد رئيس حزب النور فقال إن الكونغرس يري نفسه فوق الأممالمتحدة وقواعد القانون الدولي والأعراف الدولية الراسخة، فلن يلتفت لمخالفة القانون مبدأ المساواة في السيادة بين الدول، والذي ينص عليه ميثاق الأممالمتحدة، أو مخالفته قواعد المسؤولية التي قام عليها القانون الدولي والحصانة الدبلوماسية للدول. وقال "القانون يعد سابقة خطيرة في مبادئ وأسس العلاقات بين الدول داعيا الحكومة الأمريكية إلى وقف مثل هذا القرار". من جانبه قال سعد الجمال رئيس ائتلاف دعم مصر في البرلمان المصري في بيان "بكل مشاعر الصدمة والدهشة، تابعنا ما صدر من موافقة الكونغرس الأمريكي بمجلسيه على مشروع قانون يحمل اسم العدالة ضد رعاة الإرهاب، يسمح بمقتضاه لأسر ضحايا هجمات 11 سبتمبر 2001. وتابع "إلى المشرعين الأمريكيين، نقول إنكم تنتهكون ميثاق الأممالمتحدة وقواعد القانون الدولي انتهاكا صارخا، ومن العجب أن يحمل هذا القانون اسم العدالة ضد رعاة الإرهاب، فمن الذي يرعي الإرهاب حقا، أليست هجمات الحادي عشر من سبتمبر المثيرة للجدل من تنظيم القاعدة؟ لم تكن الولاياتالمتحدة هي التي أسست وأنشأت هذا التنظيم؟ ثم من بعده تنظيم داعش الإرهابي؟". بدوره قال علاء عابد رئيس الهيئة البرلمانية لحزب المصريين الأحرار، إن القانون الذي أصدره الكونغرس الأمريكي بمسمي "العدالة ضد رعاة الإرهاب" مخالف لجميع الدساتير والأعراف البرلمانية. وأضاف أن ذلك يخالف كل المواثيق الدولية والأعراف التي تتفق على مبدأ مهم هو شخصية العقوبة، بمعني أن العقوبات تقع على من يرتكبها، وتكون العقوبة شخصية وليست ذات أبعاد سياسية "فإن ما يفعله الكونغرس والإدارة الأمريكية سقطة من السقطات التي تعودنا عليها من واشنطن في الفترة الأخيرة". كما رفض سمير غطاس عضو لجنة حقوق الإنسان في البرلمان المصري فرض القانون وقال من العدالة أن توجه الاتهامات إلى الأفراد وأن يتحملون مسؤولية تعويض الضحايا، ولكن القانون بهذا الشكل قد تستخدمه الدول الكبيرة وتقاضي الدول الصغيرة. وأضاف غطاس، علي سبيل المثال ليس من العدالة أن تتحمل مصر مسؤولية هذا المتهم المصري المتورط في أحداث 11 سبتمبر فهم أفراد ينتمون إلى تنظيمات إرهابية ترفضها الدول فلا يجوز استخدامها ضد هذه الدول، فالنظم لا يصح أن تتحمل المسؤولية الجنائية مباشرة. ومن جانبه أكد أحمد سنبل، الخبير في الشئون الآسيوية بوكالة أنباء الشرق الأوسط أن القانون الذي وافق عليه الكونغرس وفي هذا التوقيت بالذات لهو "مريب ويخالف كل لوائح القانون الدولي وكافة مواثيق الأممالمتحدة" مؤكداً أنه من العبث أن تسمح أمريكا لعدد من الأفراد بمقاضاة دولة بالكامل لمجرد أن هناك مواطن قد شارك في عمل إرهابي هنا أو هناك، متسائلاً: "كم دولة في الغرب كان احد أفراد شعبها مشاركاً في عمليات إرهابية، ومن ثم هل منطقي أن نطالب بمحاكمة الدولة بالكامل؟". وأكد سنبل أن المملكة دفعت من أرواح أبناء شعبها وجنودها الكثير بسبب الإرهاب.. فكم من العمليات الإرهابية التي طالت المملكة في السنوات القليلة الماضية واستطاعت الرياض ان تجفف منابع التطرف والإرهاب على أرضها ولم تصدر لدول العالم سوى مبادرات السلام والعمل على تعزيز عمليات السلام في كل بقعة من بقاع الأرض. ومن جانبه وصف النائب أحمد بدوي عضو مجلس النواب المصري القانون بالغريب كونه "مخالف للمنطق وينتهك للقوانين الدولية"، مؤكدا أن هذا القانون غير منطقي ومريب وعلى جامعة الدول العربية وكافة المنظمات الدولية أن تقف صفاً واحداً وتساند المملكة العربية السعودية الأرض التي لم تعرف سوى السلام والأمان. وطالب بدوي الكونغرس الأمريكي بمراجعة نفسه في إصدار مثل هذه القوانين التي تسيء إلى العلاقات بين الولاياتالمتحدة والدول بشكل عام. ومن جانبه استنكر ناجي الشهابي رئيس حزب الجيل الديمقراطي القانون المذكور مؤكداً انه "ابتزاز للمملكة العربية السعودية وهي دولة كبيرة ولها دوراً محورياً ليس على مستوى المنطقة العربية فحسب بل على المستوى الدولي"، مشيراً إلى عدم وجود تحقيقات تدين المملكة في أحداث سبتمبر، واصفاً هذا القانون بأنه ينتهك كل قوانين ومبادئ الأممالمتحدة، وهو يشين الإدارة الأمريكية حتى وإن اعترض عليه الرئيس الأميركي "ولكن إصدار القانون في مثل هذا التوقيت غريب ويدعوا للتساؤل فأين هذا القانون من خمسة عشر عاماً". وطالب "الشهابي" كافة البرلمانات العربية والدولية بالوقوف بجوار المملكة وإدانة مثل هذا القانون المثير والغريب، مؤكداً في الوقت نفسه أن المملكة ليست دولة صغيرة حتى تهدد بمثل هذه القوانين التي تصدر في ليلة وضحاها. مصطفى بكري طلعت مرزوق سعد الجمال أحمد سنبل