الحمدُ لله الذي شرَّف هذه الأُمَّة، فجعلها خيرَ أُمَّةٍ أُخرِجَت للنَّاسِ؛ تأمُرُ بالمَعرُوفِ، وتنهى عنِ المُنكَرِ، وأصلِّي وأسلِّم على نبيِّنا مُحَمَّد عبده ورسوله، وعلى آلِه وأصحابِه الذين سارُوا على نهجِهِ، واستنُّوا بسنَّته. أمَّا بعد: فإنَّ من معاقد القول المؤكَّدة، وعزائمه المقرَّرة الموطَّدة، رعايةَ بلادنا -حرسها الله- الفائقة للحرمين الشريفين، وخدمةَ قاصديهما من الحجاج والمعتمرين بكل التفاني والحبور، والعناية والسرور، وإنَّ مما منَّ به كذلك على بلادنا المباركة العنايةَ العابقةَ بشعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، التي هي القُطب العظيم في هذا الدِّين، والمُهِمَّة الكُبرى للأنبياءِ والمُرسَلينَ والصَّالِحِين، بل قد عدَّها بعضُ أهلِ العِلم رُكناً سادِساً من أركان الإسلام؛ فخصَّصت لها دولتنا المباركة جهازاً مستقلاً، وهي الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، تتولى رعايتها والعناية بها، وتلك جهودٌ مذكورةٌ مشكورة، وعند المنصفين غير منكورة؛ لذلك فإنَّ مشاركة الرئاسة العامة في موسم الحج بالتوعية والإرشاد، والنصح والتوجيه لحجاج بيت الله الحرام، ذات أهمية جُلّى؛ حيث تقام الأنشطة المتعددة في مراكزها المتواجدة في مكةالمكرمة، ومدينة المصطفى صلى الله عليه وسلم، والمشاعر: منى وعرفات ومزدلفة، وفي المواقيت، ويقوم أعضاء الهيئة فيها بجهود مباركة مسدَّدة في توعية الحجاج والزوار، وإرشادهم بالحكمة والموعظة الحسنة، وبالرفق واللين، مع تزويدهم بالمطبوعات النافعة المفيدة. وَالحَقٌّ: انَّ أهلَ الحسبة -وفقهم الله- يبذلون جهوداً عظيمة، وهم من خيار هذه الأمة - نحسبهم كذلك ولا نُزَكِّي على الله أحداً-، فمجال الحسبة تاج عِزِّ هذه الأمة، وثمرة رسالتها، وأثر دعوتها، ومظهر من مظاهر حضارتها، (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ) [آل عمران: 110]. وختامًا يسرني أن أرفع لمقام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود –يحفظه الله-، ولسمو ولي العهد وزير الداخلية صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف، ولسمو ولي ولي العهد وزير الدفاع صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، ولمستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكةالمكرمة، وأمير منطقة المدينةالمنورة، أسمى آيات الشكر والعرفان والتقدير والامتنان على رعايتهم الكريمة وجهودهم المباركة في خدمة الحرمين الشريفين وقاصديهما من ضيوف الرحمن ووفود الملك المنَّان. كما أتوجَّه بالشكر الجزيل بعد شكر الله عز وجل إلى الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وعلى رأسها معالي الشيخ أ.د.عبدالرحمن بن عبدالله السند، الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، على الجهود المبذولة في العناية بهذه الشعيرة العظيمة وتوجيه حجاج بيت الله الحرام. والله أسأل أن يجزي الجميع خير الجزاء، وأن يبارك في الجهود، ويسدد الخطى، ويكتب التوفيق والسداد للعمل بما يعكس الصورة المشرقة لديننا الحنيف، ودولتنا المباركة، وأن يحفظ لنا عقيدتنا وقيادتنا، وبلادنا ورخاءنا، وأمنَنا وأماننا واستقرارنا؛ إِنَّهُ خَيْرُ مَسْؤُولٍ وَأَكْرَمُ مَأْمُولٍ، وصلَّى الله على نبيّنا محمَّد وعلى آله وصحبه، وسلَّم تسليماً كثيراً. *الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، إمام وخطيب المسجد الحرام