القصف المتواصل للمدنيين العزل في سورية لا زال مستمرا منذ خمس سنوات في ظل صمت دولي وعالمي تخلى عن الإنسانية ومبادئ حقوق الإنسان التي طالما نادت بها الدول الغربية إلا من صيحات استنكار وتحذير متفرقة لا تكاد تسمع من بعض منظمات حقوق الإنسان والتي لا تعيرها الدول الكبرى أي اهتمام. المأساة السورية المستمرة راح ضحيتها مئات الآلاف من الشهداء والجرحى والمعاقين والمفقودين إضافة لملايين المهجرين والمنكوبين بسبب عدوان قوات النظام وحلفائه في سورية على المواطنين الذين لا يملكون أي وسيلة للدفاع عن أنفسهم أمام هذه التصفية والقتل وارتكاب سلسلة من الجرائم المتواصلة. في مقال لايما غراهام هاريسون بعنوان "داخل ملجأ الأيتام المبني تحت الأرض في حلب"، تذكر غراهام كيف ينام أيتام حلب في مبنى على عمق طابقين تحت الأرض وأنهم دائما يستيقظون على سماع دوي انفجارات وغارات جوية مستمرة وتتراوح أعمار الأطفال في ذلك الملجأ بين العامين وحتى سن (14) سنة. المقال يصور كيف يعيش هؤلاء الأطفال حياة صعبة ومريرة وظروفا قاسية مع ازدياد أعداد القادمين للملجأ يوما بعد آخر بعدما فقد معظمهم والديهم بسبب الموت أو الفقدان أو إصابة مزمنة أقعدت الكثير منهم ولم يعد قادرا على العناية بأطفاله وتوفير المتطلبات الضرورية لهم.. القاسم المشترك بين هؤلاء الأيتام هو تعرضهم جميعا لأبشع جريمة إبادة في التاريخ البشري مع صمت دولي عام إزاء ما يحدث. تكرار تلك المآسي يوميا للشعب السوري لم يحرك ساكنا لردع عدوان النظام وأتباعه وبات لا يعبأ باستخدام مختلف الأسلحة بما فيها الأسلحة الكيماوية والمحظورة دوليا والتي وثقها العالم وشاهدها حيث سعى لقتل شعب أعزل أراد التخلص من نظام طائفي مجرم جثم على الحياة في سورية لأكثر من ثلاثة عقود عطل فيها التنمية وشل حركة الاقتصاد وقتل العقول السورية المبدعة. لقد بذلت المملكة العربية السعودية وبعض الدول العربية مجهودات واضحة لتقديم الدعم والمعونة للشعب السوري المنكوب في مختلف ميادين الدعم من خلال إنشاء المخيمات والمستشفيات المتنقلة والمراكز الطبية التخصصية إضافة إلى تقديم الغذاء والدواء ومستلزمات الحياة الضرورية. ومع كل تلك المجهودات الملموسة من السعودية والدول الخليجية والعربية لا نرى أي دعم ملموس وواضح للدول الكبرى في العالم التي طالما رفعت شعارات حقوق الإنسان وأهمية تطبيق مبادئه ليعم السلام في العالم. لقد بات واضحا أن الأزمة السورية كشفت عن كذب ادعاءات بعض منظمات حقوق الإنسان المسيسة التي تراعي مصالح دولها على حساب تطبيق المبادئ الإنسانية للحفاظ على حياة الإنسان وصون كرامته.