العدوان الإسرائيلي الجديد على قطاع غزة المتواصل منذ يوم الجمعة الماضي، وتسببه في سقوط عشرات القتلى والجرحى من المدنيين الأبرياء، بما في ذلك النساء والأطفال ليس جديدًا في سلوكيات دولة الاحتلال، التي تمارس هذا النهج العدواني الإرهابي منذ عشرات السنين، لكن ربما أن الجديد هذه المرة أن تل أبيب تشن هذا العدوان الذي استخدمت فيه الطائرات، والدبابات، والزوارق الحربية البحرية بشكل عشوائي، وهي مطمئنة إلى أنه لن يكون هنالك ثمة ردود فعل دولية على هذه الجريمة البشعة، طالما أن المجتمع الدولي يلزم الصمت إزاء مشاهد القتل والدمار التي يمارسها النظام السوري ضد شعبه منذ عام على نطاق واسع دون استحياء، وبلا رحمة. إلى جانب اطمئنانها إلى أن هنالك (فيتو) في مجلس الأمن يوفر لها المظلة التي تحميها من قرارات الإدانة، ومن استخدام البند السابع، تمامًا مثلما هو النظام السوري مطمئن إلى مواصلة جرائمه في حق الشعب السوري، طالما أن هنالك (فيتو) روسي - صيني يوفر له المضي قدمًا في مذابحه ضد الأبرياء من أبناء شعبه، بما في ذلك النساء والأطفال والشيوخ الذين يسقط منهم العشرات يوميًّا بدم بارد، تحت مرأى ومسمع العالم كله، الذي يكتفي بالمشاهدة. يبقى من الواضح أيضًا أن هناك العديد من العوامل الأخرى التي شجعت إسرائيل على شن عدوانها الجديد على قطاع غزة، يأتي على رأسها استمرار الانقسام الفلسطيني - الفلسطيني، وانصراف القيادات الفلسطينية في رام اللهوغزة عن مواجهة حمّى الاستيطان، والتهويد، والحصار إلى نزاعات تافهة وعقيمة، وعجزها عن تشكيل حكومة وحدة وطنية حتى الآن، وعن متابعة برنامجها السياسي الذي بدأته في الأممالمتحدة في سبتمبر الماضي، وعدم التزامها ببنود اتفاق الدوحة كما فعلت من قبل بالنسبة لاتفاقي القاهرة ومكة المكرمة. المسؤولية الكبرى في استمرار العدوان الإسرائيلي، وما يصاحبه من انتهاكات لحقوق الإنسان الفلسطيني تقع بالدرجة الأولى على عاتق القيادة الفلسطينية، حيث تقتضي الظروف الراهنة توحيد الصف، والمواقف، والرؤى الفلسطينية في اتجاه المصلحة الوطنية الفلسطينية، وتعبئة كافة الجهود لمواجهة التحديات الراهنة بدلاً من تبديدها في قضايا عقيمة.