الإعلام الجديد هو مصطلح حديث، يتضاد مع الإعلام التقليدي المتمثل في الإذاعة والتلفزيون والصحافة، لأن الإعلام الجديد لم يَعُد فيه من يتحكم به، بل أصبح متاحاً للجميع لاستخدامه والاستفادة منه.. هؤلاء المستخدمون غير خاضعين لأي نظام، سوى التزام الفرد بإيمانه ورقابته الذاتية.. وله عدة مسميات منها: الإعلام البديل، الإعلام الاجتماعي، صحافة المواطن، مواقع التواصل الاجتماعي.. وسمي الإعلام الجديد بهذا الاسم ليس لأن الإعلام ظاهرة جديدة في التاريخ، بل لأن وسائله الحديثة بلغت غايات بعيدة في عمق الأثر وقوة التوجيه وشدة الخطورة أدت إلى تغييرات جوهرية في دور الإعلام، وجعلت منه محوراً أساسياً في منظومة المجتمع، وباتت المعلومة التي تنفذ عبر وسائل الإعلام الجديد تشكل سلاحاً قوياً في خطورة توجيهها والتعامل معها من حيث الهدف، والدلالة ونوعية المتلقي، وفي ظل غياب قانون واضح وميثاق إعلامي ينظم الإعلام الجديد يصبح الأمر أكثر خطورة ويحتاج لوقفة في عملية وجود ثقافة في التعامل مع المعلومة عبر منافذ هذا الإعلام الذي أصبح يلازم حياتنا ويخترق خصوصياتنا. لقد تحول هذا الإعلام إلى ما يمكن تسميته بإعلام الشارع مقابل إعلام الدولة، وبذلك كسر احتكار الدول للإعلام، وتم تبادل الأدوار بين الشارع والدولة في الخطاب الإعلامي، فقد كان الشارع دائماً يأخذ دور المتلقي، بينما الدولة تقوم بدور المرسل، أما الآن فقد أصبح الشارع في الغالب هو المرسل والمتلقي والمؤثر.. وأصبح بمقدور الفرد العادي إيصال رسالته إلى من يريد في الوقت الذي يريد وبالطريقة التي يريد. هذه الخاصية المتمثلة في القدرة على تجاوز حدود الزمان والمكان وفتح باب المشاركة في المعلومات والمعرفة أمام الجميع منحت وسائل الإعلام الجديد بعداً تشاركياً من خلال ما يعرف اليوم بشبكات التواصل الاجتماعي، هذه الوسائل الإعلامية الجديدة أعادت تشكيل خارطة العمل الاتصالي في المجتمعات المعاصرة بما تحمله من خصائص؛ كعالمية الانتشار وسرعة الوصول والتفاعل وقلة التكلفة. ولكن نجد هناك سلبيات لهذه الوسائل منها: صعوبة الوثوق والتحقق من صحة العديد من المعلومات في ظل الحاجة إلى تعزيز القدرات الثقافية والتعليمية للمتلقي.. المساس بالقيم الدينية والاجتماعية والثقافية للمجتمعات.. نشر التعصب والعنف والتطرف والإرهاب.. عدم التوازن بين نوعية الرسائل الإعلامية الموجهة وبين استعداد المتلقي فيما يتعلق بالرأي والرأي الآخر.. مخاطبة الأفراد والجماعات الصغيرة وفق الميول والاحتياجات الفردية.. ارتكاب الجرائم الإلكترونية وانتهاك حقوق النشر والملكية الفكرية.. في المقابل نجد هناك مَن يطالب بوضع رقابة على هذا الإعلام الجديد؛ حفاظًا على المجتمع.. ولكن ينبغي أن تكون الرقابة ذاتية وتربوية ودينية، نؤصلها في أبنائنا ولا نطلب عودتها لتؤخِّرنا وتعطل مواكبة التقدم التكنولوجي الذي يحيط بنا.. [email protected]