يقول السيد ماتسوشيتا كونوسكيه أبو الإدارة اليابانية: "إذا سألكم أحد ماذا تصنع شركتكم فأجيبوا بأنها تصنع الرجال، وهؤلاء الرجال هم من يصنعون المنتجات!". في أبريل لعام 2015م ألقى المهندس السعودي عبدالرحمن الخطيب كلمة نيابة عن زملائه الموظفين المعينين حديثاً من اليابانيين والأجانب في المقر الرئيسي لشركة باناسونيك التي أسسها أبو الإدارة اليابانية قبل حوالي مئة سنة في عام 1918م. مقالة اليوم حول الشباب السعودي الذين استقطبتهم الشركات اليابانية. بداية قد لا يعرف الكثيرون أن هنالك عدداً غير بسيط من الشباب السعوديين الذي ابتعثتهم الدولة للدراسة في اليابان وتخرجوا من جامعاتها فاستقطبتهم الشركات اليابانية التي تعمل في قطاعات صناعية وتقنية متقدمة. وقد يتساءل البعض: ما الذي يدفع الشركات اليابانية لتوظيف الشباب السعودي؟ هنالك عدة عوامل: 1) إجادتهم للغة اليابانية وفهمهم للثقافة اليابانية، 2) العلم والمعرفة التي لديهم لتخرجهم من جامعات اليابان 3) كثير منهم لديهم خبرات حقيقية بالتدريب لدى الشركات اليابانية. والنقطة الأخيرة خصيصاً كان الكاتب يوليها جل الاهتمام إبان عمله سابقاً كملحق ثقافي سعودي باليابان؛ حيث وصل عدد الشركات اليابانية المتعاونة في تدريب الطلبة السعوديين حوالي عشرين شركة. وسبب ذلك إيماني بالفكر الياباني أن الجامعة (الملحقية) مسؤولة عن مساعدة الخريجين على البحث عن الوظيفة ولذلك كان العمل على قدم وساق لبناء العلاقات مع مديري الشركات ومسؤولي التوظيف في المؤسسات اليابانية حتى وصلت نسبة الشركات اليابانية المشاركة في أيام المهنة للمبتعثين السعوديين في اليابان وقتها تسعين بالمئة من الإجمالي. ومن أهم العوامل التي تساعد على تسهيل استقطاب المبتعثين للعمل في الشركات الأجنبية تنظيم الزيارات العلمية الميدانية للمصانع ومراكز الأبحاث وعقد اجتماعات مع مديري الشركات ورواد الأعمال الناجحين. قد يقول البعض هنا: "أليست هذه هجرة للعقول والكفاءات وإهدارا لأموالنا التي أنفقناها على تعليمهم؟". الإجابة هي: لا! دخول شبابنا لهذه الشركات سيعطيهم الخبرات والمعرفة لتطبيق المعرفة والعلوم في الصناعة وتسويقها كمنتجات وهذا الشيء قد لا يتوفر حالياً وللأسف لدى شركاتنا السعودية في قطاعات الصناعات عالية الكثافة التكنولوجية الشيء الآخر وجود كفاءات سعودية في هذه الشركات عامل محفز للشركات اليابانية للاستثمار في المملكة ونقل تقنياتها وبناء مصانعها لدينا. أضف لذلك الصورة الإيجابية التي سينقلها هؤلاء الشباب عن بلادهم من خلال تميزهم في العمل. وأخيرا وهذا الأهم معظم الشباب الذين أعرفهم يعودون للمملكة بعد ثلاث إلى خمس سنوات إما لبدء شركاتهم الخاصة بهم أو ليتولوا إدارة الاستثمارات اليابانية في المنطقة أو لاستقطابهم من شركات ومؤسسات سعودية. والمرء يفتخر ويعتز بنماذج مشرقة للمملكة أثبتت نجاحاتها في قلاع التقنية والصناعة اليابانية كنايف الطلحي (فوجي سوفت)، الحميدي العنزي وعبده عتين (هيتاتشي)، عثمان المزيد (المركز الياباني للتعاون الدولي)، ماجد المعدي (ايسوزو)، باقر الغدير (سانكيو)، أنس المليح (توهو تيتانيوم)، عادل الزرقي (أزبيل) ورواد الأعمال السعوديين في اليابان معتز عارف وعبدالله الخطيب (تنث فلور) وأنس المورعي وأحمد شحاته وعباس هوساوي وعبدالمجيد العنزي وغيرهم الكثير من النماذج المشرفة. وواثق من أنهم ومن بعدهم سيواصلون المسيرة بإذن الله وسيسهمون جميعاً في استقطاب الاستثمارات اليابانية للمملكة ونقل المعرفة والخبرات التي اكتسبوها لوطنهم الذي ينتظر منهم الكثير لتحقيق رؤية السعودية 2030م وصناعة اقتصاد سعودي معرفي. ولهؤلاء الطامحين من أبناء وطني الحبيب بالمملكة واليابان وبقية الدول أوصيهم بكلمات الإداري الياباني هوندا سوئيتشيرو مؤسس شركة هوندا للسيارات: "أعظم إنجازاتي في الحياة ليست في عدم فشلي، بل في قدرتي على النهوض بعد كل مرة أقع فيها".