تسعى المرأة لإبراز محاسنها عن طريق التزين والتحلي بكافة الحلي وجميل الملبس، والتاريخ يذكر لنا على مر العصور والأزمنة كيف كانت النساء يتزين، بداية من استخدام أسنان الحيوانات النافقة كعقود يحلين بها جيدهن، وانتهاء بالعديد من الملابس التي كنَّ يحصلن عليها من جلود الحيوانات، وغيرها من منتجات الطبيعة. وقد عرفت النساء منذ زمن استخدام العديد من المواد الطبيعية لتزيين الوجه، مثل الكحل للجفون وخلاصة نبات "ست الحسن" أو"البلادونا" لاتساع حدقة العين؛ لإضفاء الجمال والحسن عليهن، فضلا عن التطيب واستخدام العديد من مستخلصات النبات الطبيعية، كالعطور، ولترطيب بشرة الوجه والجسم؛ لإضفاء مسحة عليه من الجمال والرشاقة والحيوية. ويعود استخدام مثل هذه المستحضرات الحيوية إلى عهد قدماء المصريين، حيث برعت النساء في استخدام الأعشاب وغيرها من المواد الطبيعية كمرطبات للبشرة، كذلك عرفت الحناء، والحناء نبات شجري من العائلة الحنائية، جذوره حمراء، وأخشابه صلبة تحتوي على مادة ملونة تستعمل في الشرق كخضاب للأيدي والشعر باللون الأحمر، وهي من النباتات الكثيرة التي شاع استخدامها عند قدماء المصريين، ويوجد منها أصناف كثيرة مثل: البلدي، والشامي، والبغدادي، والشائكة. والحناء البلدي، وهو أغنى هذه الأنواع بالمواد الملونة. الفراعنة و طرق الجمال عندهم: ويذكر لنا التاريخ أيضا كيف كانت ملكات الفراعنة يتطيبن ويتجملن باستخدام مستخلصات الورود والرياحين وخشب الصندل وجوز الهند والمسك والعنبر، بل ذُكر أن ملكة مصر "كليوباترا" كانت تحتفظ ببشرتها ناعمة براقة؛ بسبب استخدامها حماما يوميا من لبن الماعز..! ومن المستحضرات الطبيعية التي عرفت منذ عقود عديدة في القارة السمراء زبدة "الشي" أو ثمرة "الكريتة" التي تستخدمها النساء الإفريقيات في العلاج الشعبي وفي طهو الطعام، وكذلك في تدليك أجساد المواليد الجدد، بالإضافة إلى استخدامها لتجميل البشرة، وهي تمثل اليوم أحد أهم كريمات البشرة المنتجة في كثير من البلاد الأوروبية. ونظراً للتطور العلمي الكبير أصبحت مستحضرات التجميل غير قاصرة على المواد الطبيعية، بل شملت كماً كبيراً من المواد الكيميائية التي تدخل اليوم في تصنيع كريمات الوجه والبشرة، وأحمر الخدود وطلاء الشفاه، بالإضافة إلى ظلال الجفون والمسكرة وكريمات ترطيب وشد الوجه، وكذلك صبغات الشعر بأنواعها، وغيرها من المواد المستخدمة في عمل الماكياج وماسكات الوجه. مستحضرات التجميل وهل استعمالها له خطورة؟ الذي قد لا يعلمه الكثير من النساء أن مثل هذه المستحضرات تحتوي على كثير من المكوّنات السّامّة التي يمكن أن تسبّب العديد من الأمراض: بداية من التهاب الجلد، وانتهاء بالسّرطان والأمراض القاتلة الأخرى، ولِمَ لا؟ وخاصة أن هناك العديد من الثّغرات في اللّوائح الحكوميّة المنظمة لصناعة أدوات ومستحضرات التجميل، التي تسمح بإضافة الكثير من هذه المواد، والتي ثبت ضررها عن طريق الأبحاث المتنوعة. ومن هذه المواد الضارة بالصحة على سبيل المثال وليس الحصر الألوان المستخرجة من قار الفحم، وفينيلينيدياماين، والفورمالديهايد، وهي بعض من السّموم الموجودة في الشّامبو، وكريمات الجلد وأحمر الخدود، وهي مواد ثبت علميا أنها مسرطنة حين تمت تجربتها على الفئران. كما أنها قد تؤدي إلى خفض المناعة وتسبّب الضّرر العصبيّ والتّناسليّ. وتحتوي مستحضرات التّجميل الحديثة أيضاً على مجموعة كبيرة من المكوّنات المريبة الصّناعيّة والرخيصة ذات فترة صلاحيّة طويلة، مما يدفع المصنعين إلى استخدامها في هذه المستحضرات؛ نظراً لثباتها الكيميائي، إلا أن هذه المواد وُجد أن لها كذلك الكثير من التأثيرات الضارة على صحة المرأة خاصة بعد استخدامها لفترات طويلة. مستحضرات التجميل وتفاقم الصحة: من المعروف طبياً أن هذه الموادّ الكيميائيّة تدخل تيّار الدّم بعدة وسائل، عن طريق رشّاشات الشّعر، استنشاق العطور والمساحيق، امتصاص أحمر الشّفاه عن طريق الفم، ماكياج العين الممتصّ بالأغشية المخاطيّة الحسّاسة، إضافة إلى امتصاص الكثير منها عبر مسامات الجلد. والسؤال الذي قد يتبادر إلى ذهن القارئ لمثل هذه المقالة: كيف لا يتم مراقبة مثل هذه المواد الكيميائية مثلها مثل الأدوية المختلفة؟ وللإجابة عن هذا السؤال يجب أن نوضح أن كثيراً من هذه الأشياء تُوضَع في مساحيق التّجميل التي من المفترض أنها تستخدم ظاهرياً، ومن ثم ليس هناك من ضرورة أن تتم معاملتها مثل الغذاء والدواء. ألا أنه قد حان الوقت لوضع المزيد من المعايير والضوابط على مثل هذه المستحضرات، خاصة وأن تأثيراتها السامة قد أصبحت في بعض الأحيان أشد من بعض الأدوية نفسها، ويحضرني في هذا المقام إحدى الحالات الموثقة عن امرأة أصيب نخاعها العظمي بضرر شديد بسبب أحد المكوناتّ الكيميائيّة المستخدمة في صبغة الشّعر..! المواد الكيميائية في مستحضرات التجميل وتأثيرها على البشرة على المدى البعيد حذر باحثون مختصون من مخاطر الاستخدام المطوّل لمستحضرات التجميل والماكياج على صحة البشرة ونضارتها وحيويتها؛ لاحتواء تلك المستحضرات على مواد كيميائية، تسرّع من ترهل الجلد، وتشجع بروز التجاعيد. وأوضح اختصاصيو الجلد مؤخراً أن المكونات الأساسية لمستحضرات التجميل والزينة تسرّع الشيخوخة وهرم البشرة؛ لأنها تزيد حساسية الجلد لحروق الشمس، التي تؤدي بدورها إلى إصابته بالتجعد والترهل. وفسر الخبراء الأمر أن أحماض "ألفا هيدوكسي" المعروفة أيضاً باسم أحماض الفاكهة المستعملة في كريمات التجميل ومنظفات الجلد، تساعد في تقشير الجلد، والتخلص من الخلايا القديمة، ولكنها تعرّض الخلايا الجديدة وطبقات الجلد الحسّاسة للتهيج والتلف الناتج عن أشعة الشمس، التي تؤدي إلى الشيخوخة والإصابة بسرطان الجلد. ويرى الخبراء أنه بالإمكان تجنب هذه المخاطر، من خلال الاستخدام الحذر للمستحضرات الواقية من أشعة الشمس، والانتباه في حال احتواء المنتجات على أحماض "ألفا هيدوكسي"، التي تجعل الجلد شديد الحساسية، موضحين أن عناصر أخرى تسبب تهيّج الجلد وحساسيته، كفيتامين (أ)، المشتق من مواد كيماوية، مثل "الريتينول" الذي يساعد على إزالة البقع والخطوط الدقيقة، وحمض "الساليسيليك" الذي يستخدم لتقشير الجلد. مستحضرات التجميل وصبغات الشعر تأثيرها على العيون: حذر باحثون مختصون من أن الإهمال وعدم الانتباه في استخدام مستحضرات التجميل وصبغات الشعر يؤذي العيون وقد يسبب فقدان البصر! وقدرت وكالة حماية المستهلك الأمريكية أن حوالي 261 ألف إصابة للعيون دخلت أقسام الطوارئ في مستشفيات الولاياتالمتحدة عام 2000م بسبب مستحضرات التجميل، مشيرين إلى أن صبغات الشعر المتداولة والمستخدمة داخل المنازل بشكل خاص سببت حالات إصابة خطيرة في العيون والعمى، بعد استعمالها بشكل غير صحيح. وقال العلماء في لجنة مكافحة العمى الأمريكية: إن أكثر من أربعة آلاف إصابة في العيون ظهرت في عام 2004م فقط؛ بسبب منتجات ومستحضرات العناية بالشعر. ويرى الخبراء أنه على الرغم من أن مستحضرات التجميل ليست خطرة كصبغات الشعر، إلا أنها قد تؤدي إلى جرح العين وتهيجها، لذلك لابد من الالتزام بتعليمات الاستخدام جيداً؛ للوقاية من هذه الإصابات. وينصح الأطباء قبل استعمال هذه المستحضرات بغسل اليدين جيداً؛ لمنع انتقال البكتيريا من اليدين إلى العيون، والمحافظة على الأدوات المستخدمة في التجميل نظيفة ومعقمة، وعدم استخدام القديمة والتالفة، وإبقاء هذه المستحضرات بعيدة عن مصادر الحرارة والبرودة التي تعمل على تحطيم المواد الحافظة، فتهيئ وسطاً مناسباً لنمو البكتيريا فيها. كما يوصي الخبراء بعدم ترطيب المستحضرات بالماء أو اللعاب؛ لتفادي نمو البكتيريا فيها، وعدم مشاركة الأخريات في أدوات الماكياج، أو استخدام أدوات الغير، والتخلص من فرشاة الماسكارا القديمة وعدم نقلها من عبوة إلى أخرى، إضافة إلى تجنب وضع الماكياج أثناء قيادة السيارة، أو ركوب وسائل النقل، مع ضرورة إزالة الماكياج قبل النوم. ونبه الباحثون إلى ضرورة أن يوجه مستخدمو العدسات اللاصقة اهتماماً إضافياً عند وضع أو نزع ماكياج العيون؛ لأن الاستخدام غير الصحيح قد يسبب الخدش للعدسات والتهيج للعين والحساسية والجفاف والجروح والالتهابات. صبغة الشعر هل هي آمنة الاستخدام؟ إن القرار الذي تتخذه الفتاة أو السيدة بتغيير لون شعرها أصبح قراراً صعباً للغاية، ليس فقط للحيرة في اختيار الدرجة التي تلائم هيئتها أو لون بشرتها، وإنما الحيرة أيضاً تأتي إذا كانت هذه الصبغة تسبب مشاكل خطيرة تهدد الصحة، وهي الإصابة بالأمراض الخطيرة؛ حيث أوضحت بعض نتائج الدراسات ما تسببه صبغة الشعر من ازدياد مخاطر الإصابة بالأمراض السرطانية. فإذا كانت الصبغات تخضع لاختبارات عديدة، فيوجد البعض الآخر الذي لا يخضع لها، و يحدث به غش، مثلها في ذلك مثل الأطعمة والعقاقير. ونجد أن المكون الأساسي في صبغة الشعر هو الفحم القار ويسبب هذا المكون أعراض حساسية لبعض الأفراد من طفح جلدي وهرش، ولتفادي مثل هذه الأعراض أصبحت العناصر البترولية يستعان بها في تصنيع الصبغات، إلا أنها تعتبر صبغات فحم قار حيث ثبت بعد اختبارها احتواؤها على نفس المركبات والمكونات التي توجد في الصبغات القديمة. وهناك صبغات أخرى تحتوى على المكونات الآتية: Methoxy – m – Phenylenediamine – 4MMPD Methoxy – m – Phenylenediamine Sulfate – 4MMPD. Coal – tar 2 وتم إجراء اختبار على القوارض من الفئران بإطعامها هذه المواد الكيميائية؛ مما جعلها أكثر عرضة للإصابة بمرض السرطان، ولم يتم وضعها على جلد الحيوان وإنما في الطعام. وأظهرت الدراسات الأخرى أن صبغات الشعر تمتص من فروة الرأس لتصل إلى مجرى الدم ومنها إلى باقي الأعضاء والأنسجة. وهناك رأي ثالث يقول: إن صبغات الشعر الممتصة في الأحشاء لا يمكن تقييمها بشكل دقيق في ازدياد احتمالية الإصابة بمرض. قد تحتوي بعض المستحضرات على كثير من المكوّنات السّامّة