لعبت وسائل التواصل الاجتماعي دوراً مهماً في تكوين نمط خاص من القراءة حيث أصبح المتلقي يكتفي بأسطر قليلة لإيصال الفكرة وليس الشعر بمنأى عن التوجه العام الذي ساد الذائقة حيث اصبحت البيتان تغني عن قصيدة وأصبح المتلقي يمل من قراءة قصيدة كاملة تماشياً مع رتم الحياة المتسارع الذي فرضته العولمة الثقافية الحديثة. ولعل الأجيال المتأخرة أكثر ميلاً ودفاعاً عن هذا النوع من الشعر والذي يختصر فكرة الشاعر ببيتين فقط قد تجدها تحفظ وتتداول اكثر من القصيدة المطولة التي قد يمر عليها القارئ في وقتنا الحاضر مرورًا لا يكاد يذكر اما الجيل المتقدم فيبقى صامداً في وجه هذه الموجه خصوصاً انهم يعتبرونها مقياساً لشاعرية الشاعر بل ويدفعون عن موقفهم بما يلقى على المنابر المباشرة حيث لا يمكن أن يصعد الشاعر على المنبر أمام جمع من الناس فيلقي بيتين ويكتفي بهما كمشاركة له لأنها ستحسب عليه كقصور في إمكاناته الشعرية. وقد تلغى صفة الشاعر عن اسمه لديهم بل ويعتبرون ان الذاكرة الشعبية لا تحفظ إلا ما كان ذا قيمة ووزن كبير بحيث يأخذ مكانه بين طيات كتب الأدب الشعبي. ومن نماذج الاختصار في بيتين: مرت كذا في دوحة البال فكره مدلولها صرخه وترتيلها صمت يا كثر مانكتب ونشطب ونكره ونعاتب الحظ الردي ليه ماقمت؟ ومن منطلق انقسام المتلقين في الرأي حول إجازة شاعرية الشاعر ببيتين يتضح أن جيل اليوم يتجه نحو الاختصار مسياراً للكسل العام في القراءة وتماشياً مع إمكانات التقنية الحديثة. وفي السياق ذاته يخشى نقاد الساحة الشعبية والمتلقين ان تكون هذه بوابة للدخول الى فكرة اختصار القصيدة ومحورة أفكارها في بيتين مما يقضي على الفكرة المتراكبة في القصيدة وترابط الأبيات فهل سنقف امام هذا السيل التقني الذي سيغير الفكرة العامة لثقافة الشعر الشعبي وما تعارف عليه العرب في شروط القصيدة.